جهود اردنية مضاعفة للدفاع عن القضية الفلسطينية رغم التحولات الجذرية في المنطقة

المدينة نيوز – كان الاردن وما زال حاملا للواء الدفاع عن القضية الفلسطينية كقضية مصيرية تصدرت اولى اولوياته منذ بدايتها , فيما تعاظم الدور الاردني حيال قضية الاشقاء الفلسطينيين في مرحلة يعيش فيها العالم العربي تحولات جذرية تعيد بناء منظومة الدول من جديد .
محللون يقولون لوكالة الانباء الاردنية ( بترا ) ان الاردن تصدى بقيادة الهاشميين ومنذ البداية لكل المحاولات الاسرائيلية الرامية الى انتهاك الحقوق الفلسطينية وعرقلة المسيرة التفاوضية في موازاة سياسات التهويد والاستيطان التعسفية مشيرين الى ان ما تشهده العديد من العواصم العربية من ثورات واضطرابات شعبية في ظل ما يتمتع به الاردن من استقرار سياسي وامني ضاعف من دوره الريادي في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ودعم قضيتهم على الصعيدين الاقليمي والدولي .
ويوضحون ان جهود جلالة الملك عبدالله الثاني في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة عززت من دور الاردن في دعم القضية الفلسطينية مشددين على ان عدم حلها هو اساس عدم الاستقرار في المنطقة ما يفضي الى ان تعود القضية الفلسطينية كاولوية اولى على المستويين الدولي والاقليمي .
يقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاردنية الدكتور عبدالله نقرش ان منطلق توجه الحركات والتنظيمات الفكرية السياسية من مختلف العواصم العربية الى العاصمة عمان يعود لما تتمتع به المملكة من استقرار سياسي , اذ انها وعلى الرغم من كل شيء تبقى اكثر دول المنطقة استقرارا وانفتاحا في التعامل مع التيارات والافكار السياسية على تناقضاتها , سيما وان الاردن معروف بمنهجه الاحتوائي والمنفتح واعتداله وعدم تطرفه .
ويشير الى ان ما تشهده العديد من العواصم العربية من ثورات اجتماعية , من سماتها وآثارها ان جعلت القضية الفلسطينية بالنسبة لها ليست الاولوية الاولى في هذه المرحلة او في المرحلة الحالية , اذ ان هذه العواصم بصدد البحث عن انظمة سياسية اجتماعية ديمقراطية تعنى اولا ببناء المواطن والدولة التي نعتقد كمراقبين انها ستكون الصيغة الامثل للتعامل مع القضية الفلسطينية في مراحل مستقبلية على اساس انها قضية امة وليست قضية سياسية خارجية .
ويضيف الدكتور نقرش ان هذا الامر سيعيد القضية الفلسطينية مستقبلا الى صدارة اولويات الانظمة الديمقراطية قيد البناء مبينا انه ونتيجة لهذه الظروف الراهنة تبدو المسؤولية على الاردن في هذه المرحلة مضاعفة تجاه دعم الحقوق الفلسطينية والتعامل مع قضيتهم المشروعة .
ويؤكد في هذا السياق ان المملكة لابد وان تبقي على اولوية القضية الفلسطينية كقضية قومية في صدارة القضايا وفي اطار يختلف نسبيا عما كان عليه في السابق , بمعنى ان تصبح تلك القضية نضالية وقضية حق ومصير وليست اشكالية تنحصر فقط في البحث عن تسوية .
ويقول " ان الاردن ضمن ظروف المرحلة الحالية هو الوحيد القادر على المحافظة على اولوية القضية الفلسطينية بصيغة جديدة تنقلها الى قضية قومية للعالمين العربي والدولي مبينا ان هذا الامر يقتضي ان يهيىء الاردن نفسه لبرامج اصلاحية جذرية داخلية تدعم هذا التوجه ويمكنه من مضاعفة جهوده في التصدي لجميع الاجراءات الاسرائيلية المحتملة احادية الجانب كالاستمرار في الاستيطان والتسويف والمماطلة وعرقلة المسار التفاوضي ".
ويعرب الدكتور نقرش عن اعتقاده بان هذه المرونة في التحول والتكيف المتمثلة بالمحافظة على اولوية القضية الفلسطينية ونقلها الى قضية قومية سيتيح الفرصة للاردن لان يلعب دورا اكثر اهمية وضرورة مستقبلا لدعمها على الصعيدين الاقليمي والدولي الامر الذي يبدد كل الاوقايل والمزاعم الواهية التي تطرح بين الحين والاخر جراء السياسات الاسرائيلية كمقولات الوطن البديل .
بدوره يرى رئيس المعهد الدبلوماسي الاردني بالوكالة الدكتور مصطفى النوايسة ان من حقائق إقليم الشرق الاوسط التي لا تحتمل التأويل ولا التحريف، أنه إقليم ينعدم فيه الامن والاستقرار , وشهد حروبا ونزاعات ممتدة وعابرة للدول جعلته يوصف بالاقليم المنهار غير القادر على الحفاظ على أمنه وإستقراره.
ويضيف انه ومن الايجابيات النادرة للإقليم انه وبالرغم من سمات هذا الاقليم السياسية السلبية فقد إستطاع الاردن أن يكون واحة أمن وإستقرار رغم أنه محاط باللاإستقرار من كل صوب لدرجة جعلت كثيرا من حلقات النقاش ودوائر صنع القرار تصف الاستقرار الاردني بمعجزة الشرق الاوسط.
ويقول " لقد إستطاع الاردن الحفاظ على إستقراره لاسباب عدة يعلوها قيادته الهاشمية الحكيمة التي إكتسبت مصداقية دولية وإقليمية منقطعة النظير، وحظيت بدرجة شرعية جعلت معادلة الامن الاردني معادلة إجتماعية مسؤولا عن تطبيقها المجتمع الاردني بجميع فئاته وأطيافه ولم يقتصر تطبيق الامن على أجهزة الامن فقط " .
ويوضح الدكتور النوايسة ان الاردن ايضا كان صاحب خطاب إقليمي معتدل ما جعله يتجنب كثيرا من الانزلاقات والتصادمات مع دول الاقليم او العالم , وقد كان وما زال صاحب بصيرة مكنته من نسج خارطة تحالفات رسخت من منسوب الامن لديه وأحاطته بإصدقاء كثر .
ويزيد : على ان قدرة الاردن على التمتع بخطاب اقليمي معتدل مكنه من ان يحمل المسؤولية الاولى في التعامل مع القضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وجعل القضية الفلسطينية قضية وطنية هدفها تثبيت الحقوق الفلسطينية وفي مقدمتها اقامة دولة فلسطينية مستقلة على ترابها الوطني وعاصمتها القدس الشريف .
ويشير الدكتور النوايسة الى ان ما تشهده العديد من دول الاقليم من اضطرابات وثورات داخلية من جهة وما يتمتع به الاردن من استقرار سياسي من جهة اخرى عزز من دور المملكة في التعامل مع القضايا العربية والاقليمية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية الامر الذي ضاعف من مسؤوليتها تجاه التصدي لجميع المحاولات الاسرائيلية الهادفة للنيل من الحقوق الفلسطينية واكد على دورها القيادي في المضي قدما للدفاع عن الحقوق الفلسطينية .
يقول امين عام الحزب الوطني الدستوري الدكتور احمد الشناق ان العالم العربي بما يشهده حاليا من تحولات تاريخية وتغييرات في بنية الانظمة السياسية التي امتدت من العقود الماضية , من المتوقع ان تستغرق هذه التحولات سنوات عدة وصولا الى شكل الانظمة العربية السياسية الجديدة والتي سيتولد عنها بالمحصلة نمط جديد في العلاقات العربية العربية من جهة , والعربية الاقليمية والدولية من جهة اخرى .
ويضيف انه وبالتالي ستكون هنالك رؤى جديدة لطبيعة تناول القضايا العربية المصيرية وعلى رأسها القضية الفلسطينية مشيرا الى ان هذه المرحلة الانتقالية هي من اخطر المراحل على القضية منذ بدايتها لان هذا الامر سيتيح للاسرائيليين محاولة فرض العديد من الاجراءات وسياسة الامر الواقع وعلى رأس ذلك استمرار سياسة الاستيطان وترسيخها في خطوات استباقية لشكل المرحلة الجديدة وشكل الانظمة العربية ومنظومة الامن الاقليمي المتولدة عن ذلك .
ويضيف ان هذا الوضع الحالي يشهد تحركا تاريخيا مضاعفا لجلالة الملك عبدالله الثاني على المستويات الفلسطينية والاقليمية والدولية لتفويت الفرصة على الطرف الاسرائيلي من استغلال مرحلة عدم الاستقرار في العالم العربي .
ويشير الى ان ذلك يتمثل من خلال العديد من الخطوات والنشاطات لجلالة الملك ومنها زيارة جلالته الى مدينة رام الله خلال الاسبوع الماضي والتي اعطت بعدا معنويا للشعب الفلسطيني من جهة بانه لن يكون وحيدا في مواجهة الصلف الاسرائيلي , اضافة الى الجهد الاردني الواضح في المصالحة الفلسطينية الفلسطينية .
ويبين الدكتور الشناق ان جهود جلالة الملك عبدالله الثاني في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة عززت من تفويت الفرصة بان تكون القضية الفلسطينية ورقة بيد الغير من الاطراف الاقليمية , وبالتالي اعادة الاولوية الى ان عدم حل القضية الفلسطينية هو اساس عدم الاستقرار في المنطقة , وهذا الجهد يفضي الى ان تكون القضية الفلسطينية اولوية اولى على المستوى الدولي وليس الاقليمي فحسب .
ويقول " ان القضية الفلسطينية بالنسبة للاردن هي قضية مصير بحلولها النهائية , كما تمثل مصالح عليا للدولة الاردنية من حيث الحدود واللاجئين والقدس وقضايا الامن , ما يعني ان تلك القضية هي ايضا قضية اردنية وطنية والتحرك في سبيل ايجاد حل لها هو ليس موقفا سياسيا فحسب بقدر ما هو موقف تاريخي يتعلق بمصالح الاردنيين والعرب ككل " .
ويبين ان مواجهة تحديات استحقاقات المرحلة وتجنب كل المفاجآت والتقلبات تؤكد اهمية الاسراع في مسيرة الاصلاح السياسي وضرورة الدعوة لانتخابات مبكرة في الاردن ما يمكنه من الاستمرار في المحافظة على الاستقرار الداخلي ويعزز من قدرته على مواجهة جميع التحديات الخارجية واهمها تفويت الفرصة على أي اجراء اسرائيلي يعرقل أي حل للقضية الفلسطينية .
بدوره يقول مدير دار الجليل للدراسات الفلسطينية غازي السعدي انه وبصرف النظر عن ان (الربيع العربي) لم يستقر بعد في العديد من الدول العربية الا انه سيأخذ مدى من الوقت ولكنه بالتالي سيصل الى مرحلة الاستقرار باذن الله والى الديمقراطية المنشودة .
ويضيف : اما بالنسبة للاردن فان الاوضاع السياسية والامنية المستقرة التي تشهدها المملكة بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني وجهوده الدؤوبة في الدفاع عن قضايا الفلسطينيين تخدم بمجملها القضية الفلسطينية ما يمثل شوكة في حلق اليمين الاسرائيلي والمتطرفين الاسرائيليين , ويعني ان دور الاردن هو دور حيوي واساسي ووطني في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وتحقيق اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
ويضيف المحلل السياسي السعدي ان الدور الاردني فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ازدادت مسؤولياته وثقله السياسي في المرحلة الحالية ولاسيما من منظور المجتمع الدولي والعربي والفلسطيني مشيرا الى ان قدوم رئيس اسرائيل شمعون بيرس الى الاردن ولقائه بجلالة الملك بتكليف من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو هو تأكيد على اهمية الدور الاردني في التعامل مع القضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني والتعامل مع جميع ما يتعلق بالقضية الفلسطينية .
ويرى ان هذه الظروف الحالية التي يعيشها العالم العربي وانشغال دول عربية بظروفها الداخلية عزز من دور الاردن الفاعل وسعيه الدؤوب فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وهو كذلك الوحيد القادر على تسليط الضوء والتركيز على القضية الفلسطينية كقضية عربية قومية .(بترا)