في الذكرى السنوية التاسعة لوفاة معالي الدكتور طراد سعود القاضي
والدي؛ ها أنا ذا أحدثك من جديد، كما أفعل يومياً.. كان لدي الكثير لأقوله، وما إن أمسكت القلم؛ حتى تقزّمت الحروف أمام عظيم حظورك وألم فرقاك.
عادت الأقلام ترتجف، بُحّت الحناجر، لم تعد تشرق شمسٌ في أيامنا، هطلت دموع العين، لتُنبت شوك فراقك يا والدي..
تسعُ سنواتٍ يا والدي، عشتها دون رؤيتك، دون أن أشعر بحنانك، أو حتى أشعر بأنني محصنٌ ضدّ صروف هذه الايام القاسية..
والدي، صغيرك المدلل كبر! كبر حتى غزاه الشيب، فأصبح خلال السنوات التسع أكبر عمراً بعقود، وأكثر همّاً، وأعمق جرحاً بعقود..
تسع سنوات يا أبي، وأنا أتجرع مرارة الفراق وحيداً، لا مؤنس لي إلا ذكراك العطرة، و ذكرياتٍ لأيام لن تعود، ولن يأتي مكانها أيامٌ أجمل..
واليوم يا والدي، أفتح أبواب سنةٍ جديدةٍ، لا أعلم ما المكتوب في طيات أيامها، سوى أنني سأشتاق في كل لحظة، وأبكي في كل لحظة، وأتألم في كل لحظه..
والدي، لم أخبرك بعد؛ فقد أصبح عندي "طراد "! كم تمنيت أن تراه، فأنا لا أجيد إتقان حنانك ودفء قلبك وطيبتك. إنه يذكرني بصغري، حتى في مسكته لذراعي، وبطرحه الأسئلة، فأنا لست مثلك؛ عندي أجوبةٌ لكل سؤال، فأنا لست قوياً لأحمل الفحم على ظهري؛ فأعود إلى بلدي طبيباً لكل جرح، ولست شجاعاً كفايةً لأحارب ثعالب الكروم في بلدي..
والدي؛ لقد اقتنعت الآن أن الزمن غير قادرٍ على شفاء الجروح، بل يزيديها عمقاً! فجرحي لا يعالجه إلا طبك، وأدعو الله أن تعالج جرحي قريباً، فقد نزف حتى آخر قطرة صبر..
يا والدي؛ حتى غدر الأيام ونوائب الدهر، قد علمن أنني اليوم بلا سند، فتكالبن وتآمرن حتى فتكن بعظامي، فلم أعد أقوى على الوقوف بوجههن من دونك!
رحمك الله يا والدي و طبيبي، يا سندي وصديقي، ومثواك في جنان الخلد يا أطيب الرجال..