حول الموازنة العامة لسنة 2012

- يستحق وزير المالية الدكتور أمية طوقان دعم الحكومة والبرلمان والصحافة ، فقد تعهد بعدم محاولة تجميل الموازنة وإخفاء الحقائق المرة لأن ذلك يؤدي لتوريط الاقتصاد الوطني.
من ناحية أخرى فقد أخذ الوزير على عاتقه مهمات ثقيلة ليس أقلها محاولة زيادة الإيرادات المحلية بنسبة 6ر12% مع إبقاء النفقات الجارية عند نفس مستواها في العام الماضي.
ولاحظ الوزير أن 20% من الموازنة كان يذهب هدراً ، وهذا ما يمكن اعتباره تعهداً منه بوقف هذا الهدر في العام الجديد ، بشكل يجعل تخفيض العجز قبل المنح الخارجية وبعدها أمراً ممكناً.
وإذا لم يكن هذا كافياً فقد تحلى الوزير بالجرأة الكافية لمواجهة الرأي العام بأن سياسة الدعم الاستهلاكي الشامل غير قابلة للاستمرار ، وأنها بحاجة للإصلاح ، وأنه سيحمي الخبز وأسطوانة الغاز ، وفيما عدا ذلك ، وخاصة المحروقات ، فإن الدعم يمكن أن يوجه للمستحقين فقط.
يبدو واضحاً أن المدير السابق لسوق عمان المالي ، والمحافظ السابق للبنك المركزي ، عاقد العزم على التصرف في وزارة المالية على أسس مالية ، وليس بأساليب العلاقات العامة وسياسة التبرير وتزيين النافذة وممارسة لعبة التأجيل وكسب الوقت.
هذا الغزل الذي لم نعتد عليه ، ونستقبل به الوزير الجديد ، ليس شيكاً على بياض ، فلن نقبل منه مستقبلاً أنه اضطر للموافقة على عمل ما تحت الضغط ، أو أن الظروف السياسية والأمنية لا تسمح بهذا أو بذاك من الإصلاحات ، فالناس ضد الفساد وليسوا ضد الإصلاح ، وهدفهم حماية المال العام وليس التفريط به.
مالياً تبدأ الحكومة الجديدة من نقطة تحت الصفر ، فالإيرادات المحلية لا تغطي سوى 75% من النفقات الجارية ، وتهدف الموازنة الجديدة لرفع هذه النسبة إلى 85% ، وهي مقياس لمستوى الاكتفاء الذاتي الذي ترفعه الحكومات كشعار وتعمل ضده.
حتى بعد تحقق كل هذه الافتراضات والوعود ، فإن المديونية سترتفع لتغطي عجز الموازنة وتوفير كفالات مصرفية لتغطية خسائر الوحدات الحكومية المستقلة عن طريق الاقتراض من البنوك.
وبانتظار تحويل الكلام والتعهدات إلى واقع ملموس لا نملك سوى أن نتمنى لوزارة المالية أن تنهض من كبوتها وتستدرك بعض ما فاتها.(الراي)