ضوء أبيض

- من بين مئات القتلى والمشوهين لم يشاهد بعض المعارضين السوريين سوى ضوء ابيض, في اشارة الى ان العملية الاجرامية في قلب دمشق ما هي سوى مسرحية من تدبير الامن السوري.. وذلك هو العمى بعينه ان لم نقل شيئا آخر..
ولا اعرف لماذا تذكرت الروائي البرتغالي, ساراماغو وانا اتابع تعليقات المعارضين المذكورين على هذه العملية الاجرامية وعلى غيرها في جسر الشغور وادلب..
في روايته (العمى) فان المصابين بالعمى الابيض لا يرون سوى الضوء الابيض.. وفي روايته (الطوف الحجري) ثمة من يرمي حجرا في الهواء ولا يريده ان يسقط.. وفي رواية ثالثة له (سنة موت ريكاردورس) فان عالم الطبيب الذي يمتد بين المنفى البرازيلي ولشبونه, عالم يذكر بهؤلاء المعارضين ايضا.. نخب ضائعة بين العدمية وديمقراطية جوفاء وعلاقات سرية مع سفارات وقناصل, وخيانات بالجملة مع عابرات السرير..
ولم يكن احد على حق بشأنهم اكثر من لينين الذي غير وجه العالم 1917 فيما اوساط المثقفين الروس تائهون بين الحرس الابيض وبقايا البقايا من مناخات الثورة البرجوازية الفرنسية التي حملها نابليون الى موسكو عبر المدافع التي حصدت من الروس ملايين الانفس, ولم تكن كلها ميتة على رأي غوغول.. لكن بعضهم لم يمانع في استعادة هذا التراث غير المجيد بتسويق نفسه (كمنشق) وهي الوصفة السرية لاسم آخر هو الخيانة مرفوعة الرأس على حد تعبير الكاتب الليبي الراحل الصادق النيهوم..
هو ضوء ابيض, اذن لكنه لم يخلُ من سواد الجثث المتفحمة ودم احمر قان..
هذه هي لعبة الالوان ان شئتم فالابيض هو العمى بذاته كما يعرف الفنانون التشكيليون قبل غيرهم.. فما من لوحة بيضاء تصلح لاي عرض, على فضائيات الذهب الاسود..
وما دمنا في عالم ساراماغو وضوئه الابيض ما رأيكم, اقصد بعض المعارضين (الروائيين) والتشكيليين لو استعرنا رواية اخرى لهذا البرتغالي (صاحب نوبل) ايضا, لكن غير المفتون اطلاقا بديمقراطية من دون انياب تخمش الامبرياليين وتدميهم..
ما رأيكم بروايته (انقطاعات الموت), حيث لا يخسر رجال الشرطة فقط بل زبائن الشركات الكبرى في باريس ونيويورك ولندن, والتي لا تعيش بلا موت على مدار الساعة: تجار السلاح وشركات التأمين والادوية والجنازات البهية.(العرب اليوم )