شاشة التلفزيون الأردني مغلقة أمام الفتيات المحجبات
من البديهيات أن تأخذ الوسيلة الإعلامية المتلفزة لدى عرضها لبرامجها وإعدادها الخطة البرامجية الدورية بثقافة الجمهور المتلقي إلا في بعض الدول ومن بينها الأردن فالتلفزيون الرسمي ينحاز للتقليد الإعلامي المستورد دون اعتبار لثقافة الشارع الأردني وقيمه ومعتقداته، وذلك فيما يتعلق على أدنى حد بغياب المذيعة المحجبة.
عندما تشاهد قناة سي أن أن الأميركية وبرغم أنها تبث لجمهور يكاد يكون ذو غالبية متحررة وتشوبه مزاجات عنصرية إلا أنك تتفاجأ بطلة لمذيعة ذات بشرة سوداء داكنة بجمال دون المتوسط وجسم بدين كما أنها ترتدي ثيابا بسيطة، وبالنسبة للمكياج فخفيف باستثناء المكياج الذي يدخل في فنيات الإضاءة.
تعلمنا هذه القناة الإخبارية العريقة أن الإنسان ليس بلون بشرته ولا بأناقة لباسه ولا بهيئة بدنه، وهذه الميزات التي نحترمها جميعا من المفترض أن تتواجد في السياسة الإعلامية للتلفزيون الأردني الذي يبث قيما ومعرفة تعود لتقاليد محافظة ترتكز على ثقافة إسلامية وعربية يشكلان عمق الهوية الأردنية، إن زدت عليها أن المعتقد السياسي الأردني بشأن الشرعية الدينية والوصاية على المقدسات.
حقيقة أن هذا التغييب والتجاهل لإظهار الصورة الحقيقية للمجتمع الأردني وتمثيل كافة أطيافه بات غير مقبول خاصة وأنه يدخل في باب عدم احترام عقلية المشاهد الأردني ورفض تمثيل الأردنيات بمختلف أطيافهن.
هذا التمثيل للمحجبة لا يعني أننا نتبع فضائيات متدينة، بل هو إحقاق واعتراف بهوية مجتمع وجمهور، يدين معظم أفراده بالإسلام ويؤمن غيرهم بالمحافظة أسلوبا في الحياة، ولعل قناة الجزيرة الفضائية مثال حي على هندسة القبول الإعلامي بمنحها أدوارا برامجية وإخبارية رئيسية لمذيعات محجبات، ولا أعتقد أن الفضاء الإعلامي العربي والعالمي فيه محطة مسيطرة وذات حضور بقدر الجزيرة.
أليس من العدل والإنصاف أن نمثل المحجبة الأردنية والتي تشكل بلباسها الغالبية النسائية في الأردن كما تفعل قناة السي ان ان بحق فئات بحاجة للتعزيز، وذلك بتخصيص فترات إعلامية تتمتع فيها المذيعة المحجبة بحرية الظهور والإطلالة.
آن الأوان لإدارة التلفزيون الأردني ممثلة بالأستاذ عدنان الزعبي الذي نحترمه ونعلم مدى حرصه على إظهار الهوية الأردنية الصحيحة أن تنتبه لمثل هذا التغاضي الغير مبرر، وأن ترتقي بمضمون البرامج دون التركيز على الشكليات التي تقلل من فكر ووعي المشاهد، وأن تفتح آفاقا جديدة لفتاتنا المحجبة نحو التميز الإعلامي والتمثيل الصائب لثقافة الشعب الأردني.
وبعيدا عن قيمة التدين في مظهر المرأة المسلمة فإن حجاب الفتاة الأردنية يعد امتداد تراثيا أصيلا "للملفع " و "عصابة الرأس " التي زينت رؤوس جداتنا وأمهاتنا، ومن حقهن علينا الوفاء والمفاخرة لا التجنب والتهميش.
هناك الكثير من الفتيات المحجبات اللاتي يتمتعن بمقدرة فائقة للظهور والإقناع وإيصال الرسالة، وكذلك في نيل استحسان الجمهور الأردني، سواء من خريجات الإعلام أو الموهوبات في هذا المجال، ويقال في الإعلام أن الوسيلة هي الرسالة وبما أن هيئة المذيعة المحجبة أقرب للثقافة الأردنية فهي الأقدر على إحداث التأثير المرجو من وراء الرسالة الإعلامية، مع احترامنا لكل مذيعاتنا المتألقات.