ازاحات واسقاطات

المدينة نيوز - منذ يونغ الذي تابع فرويد واختلف معه وطور بعض افكاره من الانا والانا العليا الفردية الى الجمعية وسيكولوجيا الاعماق تدخل في كل الحقول, ومن ذلك حول الازاحة واشكال التصعيد العدواني او المتسامي فقد باتت اليوم في قلب التحليلات السياسية, ومنها ما يشهده الشارع العربي والشارع الاردني:-
1- اعتمادا على مجدد آخر في علم النفس وهو اريك فروم, فالخوف من الحرية وهو يتقنع بالكفاح من اجلها كما في (الربيع العربي) يعيد انتاج هذا الخوف باشكال اخرى من الازاحة والتصعيد المتسامي... فمن كسر الخوف من الانظمة والشرطة السرية الى استبداله بخوف آخر تعززه هيمنة وسطوة قوى تقدم نفسها كوكيل سماوي على الارض... والا ما معنى استبدال قوى الاستبداد السابقة بالتصويت (الحر) في صناديق الاقتراع لقوى تقدم نفسها كشفيع عند عذاب القبر..
2- غير ذلك, ازاحة الصراع العربي - الصهيوني, وطابعه القومي - الطبقي الى صراع مركب مزور: عربي فارسي من جهة وسني - شيعي, من جهة ثانية بكل ما يترتب على ذلك من ازاحة للاولويات وقانون التناقض, وذلك علما بانني ما زلت مقتنعا ولا اريد ان ازعج الاعزاء القراء بهذه القناعة بان قلب الامة العربية (مصر وبلاد الشام والعراق) هو في جوهره اصل التشيع (مناطق نهرية شمسية تموزية) مقابل فارس وبلاد سلجوق السنية.. وليس بلا معنى ان بلاد الشام ومصر ظلت متشيعة حتى القرن الخامس عشر... فيما ظلت ايران سنية حتى تلك الفترة..
3- من حقول الازاحة الاخرى التحايل على المراباة بالمرابحة, وعلى المحاصصة المذهبية والجهوية والاقليمية, بالمواطنة وهكذا..
هذا عن الازاحة اما عن الاسقاطات وموقعها من الاحداث الراهنة, فمنها مقاربة (الربيع العربي) بالحالة الباكستانية مما يؤشر على اننا امام (ربيع باكستاني), ومنها مقاربة الوضع الراهن بالظاهرة البونابرتية ايضا.. فقد سبق ان تمكن الشعب الباكستاني عبر (ربيع) دموي من فرض انتخابات وحكومات برلمانية نجح فيها الاسلاميون لعدة سنوات قبل ان يعود العسكر الى السلطة, وهكذا دواليك.. كما سبق للعرب انفسهم ان خاضوا تجربة معاكسة شبيهة بالحالة الفرنسية اواخر القرن الثامن عشر... فبعد ان انتصرت الثورة البرجوازية الفرنسية على الطغيان والفساد ودخلت في اول تجربة ديمقراطية سرعان ما تمكن الضابط نابليون من السيطرة على السلطة بعد فساد تلك التجربة ووضع فرنسا على خارطة العالم, وهو ما كرره عبدالناصر في مصر بعد فساد تجربة الوفد: وفي الحالتين, فان الوضع العربي امام كل هذه الاحتمالات.(العرب اليوم )