مسلسل المفاوضات العبثية

تم نشره السبت 07 كانون الثّاني / يناير 2012 03:47 مساءً
مسلسل المفاوضات العبثية

أما وقد اقتربت المفاوضات الفلسطينية مع الكيان الصهيوني من نهاية عقد من الزمن، فإن عقدا جديدا يوشك أن يبدأ، إذا لم يكن قد بدأ بالفعل. عشرون عاما من المبادرات والمفاوضات والمؤتمرات، تصدرت أخبارها عناوين الصحف ونشرات الأنباء، ولم نتقدم خطوة واحدة إلى الأمام، لم نحقق شيئا على أرض الواقع، فلا أرضاً حررنا ولا دولةً أقمنا، تماما كالمنبتّ، لا أرضا قطع، ولا ظهرا أبقى.

نراهن في كل مرة على أن الرئيس الفلسطيني سيبقى على موقفه ولن يتنازل قيد أُنملة عن قراراته، خصوصا قراره المتعلق بعدم العودة إلى المفاوضات إلا بعد وقف الاستيطان الصهيوني على ما تبقى من أرض فلسطين، لكنه، للأسف، يخذلنا في كل مرة، وها هو يعود الآن إلى المفاوضات دون أن يُبدي الكيان الصهيوني أي مرونة تُذكر، أو أي بادرة تستدعي بدء جولة جديدة من المفاوضات. ليست المرة الأولى التي يتراجع فيها الرئيس، لقد تراجع مرارا وتكرارا لدرجة أن الرجل فقد مصداقيته أو يكاد.

مع كل جولة جديدة من المفاوضات يرتفع سقف الشروط الصهيونية، ومعها ينخفض سقف المطالب العربية، وهكذا دواليك، لدرجة أن القضية الفلسطينية قد اختُصرت أخيرا في مسألة وقف الاستيطان. القضية الفلسطينية قضية أرض وشعب، أرض مقدسة لا يجوز التنازل عن أي شبر فيها، من بحرها إلى نهرها، وشعب يجب أن يعود إلى أرضه ووطنه، وأن يستعيد حقوقه كاملة غير منقوصة، بما فيها تعويضه عن المآسي والويلات التي لحقت به طيلة هذه المدة. من هذه النقطة فقط يجب أن يبدأ المفاوض الفلسطيني وأن يتشبث بكل الثوابت الفلسطينية حتى الرمق الأخير. قد يقول قائل بأن مطلباً كهذا يبدو نرجسيا ومستحيلا وغير منطقي، خصوصا في الظروف الراهنة وحالة الضعف والتشرذم التي يعيشها العمق العربي في الوقت الحاضر. هذا صحيح، لكن متى كانت الشروط الإسرائيلية منطقية وواقعية وقابلة للتطبيق؟

إذا كانت الجولة الجديدة من المفاوضات قد بدأت فعلا، وأن الرئيس قد قرر أن يفاوض ويفاوض، فإن المفاوضات في مسلسلها الجديد ستتجاوز حتما مسألة وقف الاستيطان إلى ما هو أبعد. أغلب الظن أن الكيان الصهيوني سيلقي بمسألة الاستيطان وراء ظهره باعتبارها مسألة محسومة لصالحه لا يجوز التفاوض عليها، ويبدأ التفاوض، كما لم يفعل من قبل، على يهودية الدولة الصهيونية كشرط لتقديم بعض التنازلات الهامشية جدا، كأن يسمح مثلا بالتحويلات المالية المستحقة للسلطة الفلسطينية، والتي تحتجزها إسرائيل بين الفينة والأخرى للضغط على السلطة، أو غيرها من الإجراءات الإدارية التي لا تمس على الإطلاق جوهر القضية الفلسطينية.

يبدو أن الكيان الصهيوني مصمم هذه المرة على انتزاع اعتراف فلسطيني وعربي ودولي بيهودية الدولة الصهيونية، وقد بدأ التمهيد لذلك بخطوات عديدة، فبعد اعتراف الرئيس الأمريكي أوباما وحكومة اسبانيا بيهودية الدولة، انتقل الكيان الغاصب إلى مطالبة الدول العربية، خصوصا السعودية، بدفع تعويضات هائلة عن ممتلكات اليهود منذ عصر الرسول، يأتي ذلك ضمن سياسة الابتزاز والمساومات الشيلوكية التي عادة ما ينتهجها الصهاينة بهدف تحقيق أهدافهم العدوانية، بدءاً من تفريغ الأرض الفلسطينية ممن تبقّى من أهلها الشرعيين، وانتهاءً بإقامة دولتهم من الفرات إلى النيل.

على الرئيس الفلسطيني أن لا ينحني، وأن يأخذ في الحسبان أوراق الضغط التي يمتلكها، وهي كثيرة، وأهمها تلك التغييرات الجذرية التي يشهدها الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه، والتي ستصب حتما في مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وها هي البشائر قد بدأت تلوح في الأفق، فصبرا يا أيا مازن.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات