من المستفيد من تفجيرات دمشق الإرهابية ؟
عند وقوع جريمة ما فإن أول خطوة لحل خيوطها وكشف الجاني تكمن في معرفة المستفيد من ارتكابها ولنا أن نسأل عما حدث في دمشق اليوم من تفجير انتحاري أودى بحياة العشرات من الأبرياء لمصلحة من هو؟ هل هو لمصلحة الثورة السورية أم لمصلحة النظام الأسدي ؟ ثم لنا أن نسأل ما مصلحة تنظيم القاعدة في استهداف نظام متهالك يوشك على السقوط ؟ ولماذا تستهدف القاعدة نظام بشار الأسد الأن بعد دخول بعثة المراقبين العرب إلى سوريا ؟ ثم لماذا يتم استهداف حي الميدان الذي يشهد أكبر المظاهرات المطالبة بسقوط الأسد في العاصمة دمشق ؟
إن الأسئلة كثيرة وكلها تصب في خانة واحدة وهي اتهام نظام بشار الأسد بارتكاب هذه المجازر بحق شعبه فالمستفيد الوحيد من مثل هذه عمليات هو النظام الأسدي وحده حيث أنه يسعى من خلال هذه التفجيرات إلى الظهور بمظهر النظام الذي يتعرض لهجمة إرهابية من قبل تنظيم القاعدة ومن قبل جماعات مسلحة بحيث يصور للعالم بأن هذه الجماعات هي وحدها من تقوم بعمليات القتل بحق الشعب السوري وأن عصابات الأسد ومرتزقته أبرياء من دماء السوريين وبالتالي فإن على الجميع أن يقف مع الأسد في قتل شعبه تحت مسمى محاربة الإرهاب
كما أنه من خلال هذه التفجيرات الإرهابية يوجه رسالة إلى الغرب مفادها أن النظام الأسدي وزبانيته ومن وراءهم الميليشيات التابعة لإيران سواء في إيران أم في العراق أم في لبنان ستعمل في حالة سقوط بشار الأسد على تحويل سوريا إلى عراق ثان من خلال التفجيرات التي ستنفذها في شوارع المدن السورية انتقاماً من الشعب السوري وبالتالي سيتم زعزعة استقرار جبهة الجولان
فالنظام الأسدي يذكر الغرب أن عليه أن يختار الآن بين النظام الأسدي الذي يحمى المصالح الغربية في سوريا ويحمي حدود الجولان وبين سقوط القبضة الأمنية الحديدية للنظام والتي تمنع وجود مقاومة شعبية على حدود الجولان وتوفر الاستقرار لإسرائيل فهو يؤكد للغرب مجدداً بأن استقرار إسرائيل من استقرار نظام بشار الأسد وهذا ما صرح به رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد بل وما صرحت به الصحافة العبرية من قبل عندما وصفت بشار الأسد بأنه ملك إسرائيل كونه يحمي أمن الجولان
مما لا شك فيه أن الغرب لا تحركه الدماء العربية بل يتحرك من أجل حماية أمن إسرائيل أو من أجل حماية النفط العربي والمصالح الذاتية للدول الغربية لذا فإن الدول الغربية لن تذرف دمعة واحدة على جثث الضحايا الذين سقطوا أو يسقطون أو سيسقطون مستقبلاً جراء مجازر كتائب ومرتزقة بشار الأسد ما دامت حدود الجولان مستقرة وهذا ما يطمئن الأسد في هذه المرحلة فهو يعلم بأن الغرب يخشى من عدم قدرة النظام البديل الذي سيخلفه في حماية حدود الجولان وأن هذا في الحقيقة ما يمنع الدول الغربية من تعجيل وضع الملف على السوري على طاولة مجلس الأمن
لكن على الرغم من كل هذا فإن التدخل الغربي قادم لا محالة لكن ليس الأن بل عندما يدرك الغرب بأن نظام بشار الأسد لم يعد يملك القدرة على حماية استقرار الجولان أو في حالة ظهور البديل فعندها سنرى الملف السوري على طاولة مجلس الأمن وإلى حين حصول ذلك سيستمر مسلسل القتل من قبل مرتزقة الأسد وسيستمر تقديم المهل للأسد حتى يقتل المزيد من أبناء الشعب السوري
وبالطبع لا أحد يدري كيف سيكون شكل التدخل الغربي في سوريا هل سيكون من خلال قوات الناتو وهذا ما لا نرجو حصوله أم من خلال قوات تركية تملك تفويضاً أممياً وعربياً بعيداً عن حلف الناتو تقوم بتوفير المنطقة العازلة لقوات الجيش السوري الحر وتوفير الدعم اللوجستي لهم ؟
لكن نأمل أن يسقط النظام الأسدي قبل حصول التدخل الغربي حتى لا يتحول هذا النظام العفن في نظر البعض إلى ضحية لحلف الناتو ثم يخرج علينا أحدهم ليجعل بشار الأسد من المجاهدين وإن مات أو قتل فهو من الشهداء فنهاية نظام الأسد يجب أن تكون على يد أبناء الشعب السوري وليس على يد قوات الناتو فبشار يقود سوريا إلى الهاوية وهو إن كان يتمتع بشعبية جارفة حسب مزاعم أبواقه فلماذا لا يدعو إلى انتخابات رئاسية وتشريعية حرة ونزيهة تشرف عليها الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ثم ليحكم العالم على مدى شعبيته ومدى حب السوريين له لكنه لن يفعل ذلك أبداً فالنتيجة معلومة وهو أول من يدركها لذا لا سبيل أمامه إلا الاستمرار في قتل الشعب السوري ...