الشارب
كم كنت مفتونا بنفسي عندما بدأت أكبر وبدأ شاربي يخط على وجهي ، مع أني كنت استحي كثيرا من تعليقات الناس على هذا الشارب الغير متساوي والضئيل الشعر .
في ذلك الوقت كنت معتاد بين الحين والآخر على الوقوف على المرآة لتفقد ذلك الشارب ، فيما اذا زادت شعراته أم لا ، فقد كان هناك فراغ في جزء منه ، جعلني محل فكاهة الآخرين .
مع الأيام نما الشعر أكثر وبدأ الشارب أوضح ، وصار يتطلب مني وقتا أكثر للاعتناء به وتهذيبه ، واستمريت في النظر اليه على المرآة بين الحين والآخر . فكم جميلا ان تراقب الشارب وتتلمسه وتراه . فوجوده يعني الرجولة ويعني العنفوان .
بعد طول عناء وصبر ، وما أن أستقام الشارب ونمت شعراته في كل مكان ، وصار الشعر فيه اكثر كثافة وغزارة ، أشار علي البعض بضرورة حلاقته ، بحجة أن شكلي سيبدو أجمل بلا شارب ، وان وجود الشارب يعني باني متاخر عن التقدم والحضارة ، " خليك فايع واحلقه " .
المشكلة أني حلقت الشارب الذي قضيت عمري وأنا احاول أن أصنع منه مكانا ليقف عليه - كما يقال - " الصقر " ، حلقته وندمت اذ صار المنظر " مخزي " وعدت الى سالفتي الاولى أنظر الى المرآة كل يوم لأتفقد نمو الشعر من جديد .
مشكلة البعض الآن أنهم يريدون القضاء على العشائر ، ويرغبون في اقصائهم وتهميشهم وربما الغاء هذه الهوية ، لتخلو لهم الساحة ، لكنهم لا يعرفون – لجهلهم - بأن العشائر هي شارب البلد التي يمكن للصقر أن يقف عليها ، وأن الشكل والمظهر بدونهم سيكون أكثر من " مخزيا ".