اوهام النخبة السورية (2-2)

- بعد مقاربتنا (للنخبة السورية) المعارضة المتورطة في علاقات مع الدوائر الامريكية والفرنسية والعثمانية والرجعية العربية, ومقارنتها بتجربة (النخبة العراقية) التي جرى شحنها في الدبابات الامريكية لتحطيم العراق بذريعة انهاء الدكتاتورية, نعود مرة اخرى الى كتاب علي حرب (اوهام النخبة) الذي يحتاج الى نقد, ويتضمن في الوقت نفسه ملاحظات جديرة بالاهتمام ازاء النخب (الثقافية العربية) عموما ومنها (النخبة السورية) مع تأكيدنا ايضا, انه ما من نظام عربي قطري بمنأى عن مقولة الدكتور منيف الرزاز (كل دولة قطرية هي بوليسية وفاسدة بالضرورة) وتحتاج الى الف ثورة وليس الى ثورة واحدة.
اما المثقف الذي يحسن صنع الازمات وفبركة المشكلات (التعبير للكاتب علي حرب) فقد بات هو نفسه في ازمة.. والازمة لا تتعلق بانهيار الاشتراكية وغيرها بل بمقاربات الفيلسوف الفرنسي, فوكو, حول السلطة والهيمنة التي لا تقتصر على السطوة السياسية - الامنية المباشرة المعروفة بل على كل اشكال السلطة بما فيها سلطة المثقف واعتقاده بانه مبعوث العناية الالهية وحامل مفاتيح الجنة المعرفية..ويبدو انه مقابل صورة الشرطي التقليدية فقد اصبح المثقف شرطيا للافكار ومحتكرا جديدا للحقيقة.
ويدعو فوكو هؤلاء المثقفين لان يكفوا عن هذا الدور فالجمهور لم يعد مادة لاوهامهم وامراضهم ومصالحهم الصغيرة..
ويلخص علي حرب اوهام النخبة بالاوهام التالية:-
1- وهم النخبة نفسه, ذلك انه من النادر جدا ان انتج العرب حتى الان مثقفين منتجين لافكار جديدة خارج تكرار ومضغ واعادة انتاج المدارس الاوروبية والامريكية, فهم مقلدون او مترجمون او لصوص معرفة..
2- وهم الحرية, اي وهم تحرير الشعوب من الاستبداد والفساد فيما هم انفسهم غير متحررين من الهيمنة الايديولوجية والثقافية الاوروبية والامريكية اوالسلفية بوسع المهتمين هنا العودة الى (بورديو وادوارد سعيد وفوكو).
3- وهم المطابقة (الادق المحايثه) بين المفاهيم والوقائع. ويلاحظ هنا ان ما يجري عمليا هو محاولة استبدال الدولة الشمولية باستبداد الافكار وفوضى الطوائف والجماعات ما قبل الدولة.
4- وهم الحداثة الذي تحول عمليا الى اصولية (تقنية) مضادة.. وهكذا..
(العرب اليوم )