المرآة _ قصة قصيرة
المدينة نيوز - لم تكن علاقتي معها حميميّةً كسائر النساء ,ربما لأنها الأكثر صدقاً , أو بمعنى أدق الأكثر جرحاً !
آخر وقفة تأمل لي أمامها كانت قبل عام , عندما لمحتُ خطّاً مرسوماً بمحاذاة عيني من الجهة اليمنى, حينها زفرتُ وجعاً واكتفيتُ بعدم التحديق في المرآة مرة أخرى . لكنها تعود اليوم وكلها إصرارٌ على مطاردتي كمحقق نذر نفسه لكشف الحقائق.
عذراً أيتها المرآة فأنا لا أخفي شيئاً , أعلم أن لحزني عمراً يكبرني , وأدرك أنّ عينيّ شاختا منذ الأزل , وجبيني صفحةٌ لتاريخ باهت , ولكنني أرجوك أن تشيحي بوجهي عني, وتتركيني سابحة في فضاء الهروب.
لا فائدة...إنها تلاحقني كقدر ,فمنذُ أن ركبتُ سيارة الأجرة وهي لا تعكس سوى وجهي , حاولت تغيير وضعي أكثر من مرة,إلا أن سائق السيارة كان يعمل على تعديلها عقب كل محاولة ,فتعود صورتي بالظهور كلوحة تاريخية معفّرة بالهزائم.
لا بدّ إذن من المواجهة . أتأمَّل وجهي , أتامَّلهُ أكثر, لم يكن ثمّة شيء قد تغير سوى وجود خطّ آخر بمحاذاة عيني من الجهة اليسرى .
أشحتُ بوجهي تجاه النافذة بانتظار أن أصل إلى البيت وأستبدل مرآتي بلوح زجاجي ملون ,أكتفي من خلاله بالتأكد من لباقة مظهري عند الخروج !