الذكرى العاشرة لمعتقل غوانتنامو

- تتكرس الذكرى السنوية العاشرة لقيام معتقل غوانتنامو الذي يمثل معلماً بارزاً على حرب استعمارية قذرة وغير مشروعة ضد الإسلام والعالم الإسلامي تحت مسمّى "حرب الإرهاب".
سجن غوانتنامو يعد نقطة سوداء في جبين الحضارة الأمريكية, ونقطة سوداء في وجه الحضارة الغربية, بل انه يمثل وصمة عار في جبين الإنسانية, التي سكتت وتمالأت وتواطأت مع القوة الأمريكية المتغطرسة, فكيف يتم إنشاء مؤسسة اعتقال وتعذيب خارجة على القوانين الدولية, وخارجة على أعراف البشر, اعتقال بلا سبب وبلا مبرر, وبدون أي تغطية ولا يمتلكون حقوق الأسرى ولا حقوق المعتقلين ولا يمتلكون حقوق المجرمين العاديين, بل لا يملكون حقوق الحيوانات, وروايات السجناء حول تصرفات الأمريكيين في التعامل مع المعتقلين كانت تخلو من أي قيد أو عرف, ففيها إساءة جسدية مادية, وفيها إساءة نفسية عاطفية, وفيها إساءة جنسية, وفيها إساءة للعقيدة وشتم الذات الإلهية, والإساءة الى القران الكريم, بطريقة وحشية منحطة, لا تنتسب هذه التصرفات الى مجتمع بشري إنساني متخلف فضلاً عن انتسابها الى مجتمع متحضر.
وما كان يجري في سجن غوانتنامو من مجازر أخلاقية تشيب الولدان, كان يجري في السجون العراقية الأمريكية مثل سجن المطار وسجن أبو غريب بل ما هو أشد بشاعة واستنكاراً, والسجون السرية المنتشرة في عدة دول أوروبية وعربية وشرقية, تمارس فيها كل المخالفات لقوانين البشر والسماء, والمعتقلون لا يعرف مكانهم احد, ولا يتم الاتصال بينهم وبين دولهم, ولا تشرف عليها المنظمات الإنسانية والدولية مثل الصليب الأحمر, أو منظمات حقوق الإنسان.
وما زال هذا السجن المعتقل العورة, قائماً, لم يستطع الرئيس الأمريكي الجديد أن يهدمه أو يغيره كما وعد أكثر من مرة, لان هناك مؤسسات مؤثرة في القرار الأمريكي ما زالت تحمل هذا المخزون الهائل من الحقد الأسود الذي تنوء عن حمله الجبال.
معتقل غوانتنامو هو عنوان مرحلة تاريخية من عمر البشرية إذ تم تشكيل تحالف دولي كبير تحت مسمّى (تحالف ضد الإرهاب) ليتم الحشد فيه بطريقة بلطجية متعسفة أعلنها الرئيس بوش عندما قال: (من ليس معنا فهو ضدنا), كناية عن عدم قبول الحياد في هذا الموضوع. وتم من خلاله تدمير قطرين من أقطار العالم الإسلامي, وتم قتل ما يزيد على (مليون) مواطن مسالم نسبة كبرى منهم من الأطفال والنساء والشيوخ, يموتون بلا عداد ولا إحصائيات, وعندما سئل (توني بلير) رئيس الوزراء البريطاني الأسبق الذي كان حليفاً لبوش في هذه الحرب العالمية عن أعداد القتلى من المسالمين والمدنيين فأجاب انه لا يملك احد إحصائيات في عدد القتلى, لأنهم باختصار اقل من أن يهتم بعددهم, فهم بالنهاية (مسلمون).
وتحت ستار هذه الحرب شنت حرب ضد الإسلام السياسي كله, وضد الفكر الإسلامي, وضد العقيدة الإسلامية, وشنت حملات منسقة منها تبشيرية, ومنها ثقافية ومنها رسوم مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم, ومنها حملة مسيئة ضد الحركات الإسلامية وضد النشطاء الإسلاميين في كل العالم والتضييق عليهم بالسفر والرزق والمعيشة والفكر والحرية.
والمشكلة الكبرى أن (الكتاب العرب) كانوا عبارة عن شياطين خرس في هذه المعركة, وكأنه يحك لهم على جرب, والآن هؤلاء الكتاب انطلقوا من عقالهم في حملة غير عادلة في وصف صمود هؤلاء أمام الحرب الأمريكية الصليبية القذرة وخروجهم منها ليقودوا أمتهم في معركتها ضد أنظمة التسلط والاستبداد وجدنا هؤلاء الكتاب أنفسهم يقودون معركة لا تقل عن المعركة الأمريكية, ضد الإسلاميين وضد الحركات الإسلامية بمعركة اشد شراسة واشد ظلماً. في حين وقفوا عاجزين عن مقاومة مرحلة غوانتنامو وأبو غريب وحرب القرن على الإسلام. (العرب اليوم )