تقييم تجربة دمج البلديات
رغم أشكال الدعم الذي قدمته الحكومات المتعاقبة للمجالس البلدية ( وليدة مشروع الدمج ) فما زالت اغلب بلديات المملكة تعاني من أوضاع صعبة مالية وادارية وحتى تنموية .
دعم البلديات في سنوات ما بعد الدمج تجاوز مئات الملايين من الدنانير ما بين اعفاء من فوائد قروض وتقديم قروض جديدة ورفع حصصها من عوائد المحروقات وتنفيذ وزارات ومؤسسات حكومية لمشاريع داخل حدود هذه المجالس رغم انها تندرج ضمن مهام وواجبات المجالس البلدية .
وهدف مشروع دمج البلديات اجراء اصلاح شامل لبناء القدرات الذاتية للبلديات في المملكة من مختلف النواحي المالية والأدارية والتشريعية .... لكن .. وبعد 8 سنوات من تنفيذ مشروع الدمج فإن النتائج في المجمل \" مكانك قف \" حيث اطراف غائبة تماما عما تحقق من مكتسبات في بعض البلديات فيما غالبية السكان ما بين غير راضين أو متحفظين على الاداء والنتائج ....!
عرابوا مشروع دمج البلديات ركزوا على العوامل الفنية والإدارية قبل الإنسانية في وضع آليات المشروع رغم ان الإنسان هو الركيزة الاساس لانجاح أي مشروع حيث لم يأخذوا بعين الاعتبار النسيج الاجتماعي لكل بلدية والبعد المسافي عن مركز البلدية فباتت النتائج تأتي كما لا تشتهي السفن وبات صراخ السكان يعلو يوما بعد يوم من اداء رؤساء واعضاء بعض المجالس الذين يولون اهتمامهم لتسديد ديون الانتخابات وتنفيع المقربين فيما الاطراف بوجه عام كالغائبين عن العين غائبين عن القلب .
الاردن مساحة وسكانا لا يحتمل وجود 328 بلدية ( قبل الدمج ) والتي اصبحت بعد تنفيذ المشروع 99 بلدية وكان بالامكان التدرج في تنفيذ المشروع بعدم تجاهل معيار النسيج الاجتماعي وعامل البعد المسافي لو تم ذلك لانخفض عددها الى 150 مجلسا ولكانت النتائج افضل .
مثالي هنا محافظة الطفيلة التي كانت قبل الدمج تضم 10 مجالس بلدية واصبحت اربعة مجالس هي بلدية القادسية التي تضم ضانا ويقطنها عشائر العطاعطة وبلدية بصيرا التي تضم غرندل وام سراب ورواث ويقطنها عشائر السعوديين وبلدية الحسا التي تضم جرف الدراويش ويقطنها عشائر الحجايا والمناعين وأما بلدية الطفيلة الكبرى فهي تضم مدينة الطفيلة وبلدة العيص التي يقطنها عشائر الجوابرة وبلدة عيمة وقريتي ارحاب واضباعة التي يقطنها عشائر الثوابية وبلدة عين البيضاء وقرى ارويم وصنفحة والنمتة وعابل التي يقطنها عشائر الحمايدة .
نقدر للقائمين على ادارة شؤون هذه البلديات اجتهاداتهم بكونهم نتاج الديمقراطية ( التي ما زالت هشة لعوامل ليس المجال متاحا لتناولها هنا ) وما دفعني للكتابة هنا اننا مقبلون على مشروع مجالس الأقاليم الذي يحمل رؤى جلالة الملك لتعزيز التشاركية في صنع القرار فعسى ان يتم تقييم تجربة دمج البلديات للأفادة في تنفيذ مشروع الأقاليم .