المصري: انا من حيث المبدأ ضد التجنيس

المدينة نيوز - الحوار مع رئيس مجلس الاعيان طاهر المصري, بوصفه سياسياً محنكاً ودبلوماسياً ماهراً, له وقع خاص, فالمصري وانت تحاوره لا يشفي غليل الصحافي, ولا يرضي نهمه, لكن ما ان تعود إلى تفاصيل الحوار لنشره, حتى تنهال عليك "مانشيتات" صحافية لم تكن قد رأيتها اثناء الحوار, خاصة ان المصري كان قد اثقل على "العرب اليوم" بوصيته, حينما طلب منها ان تختار ما هو مناسب للنشر, وما هو غير مناسب, وما احدث ارتباكا في البداية, لجهة ان الصحافي يبحث دائماً عما هو مثير, وكان في بعض ما لم يتم نشره كذلك.
المصري تناول كرجل دولة مخضرم قضايا الحوار المطروحة بنظرة شمولية, فلم يحاول ان ينحاز إلى هذا الطرف أو ذاك, لكنه مع ذلك عبر عن وجهة نظره بكل صراحة وجرأة, فتحدث باسهاب عن الربيع العربي, وعن تداعياته المختلفة على الاردن, وعن الخصوصية الاردنية بهذا السياق, وعن المشروع الاسرائيلي واستهدافه للاردن, وعن ضرورة تماسك المجتمع الاردني في مواجهة المخططات الاسرائيلية, كما تناول التغيرات التي طرأت على مجلس الاعيان في العامين الماضيين, واكد ان لا ملفات أو قوانين عالقة في ادراج الاعيان, وقال انه مع انتخاب اعضاء مجلس الاعيان, لكن بعد اجراء الاصلاحات السياسية المطلوبة لاجراء انتخابات نيابية على اساس حزبي, وان تشكل حكومات برلمانية, لكن على ان يجري انتخاب الاعيان وفق نظام وشروط مختلفة عن النواب.
تحدث المصري عن اغراق مجلس النواب بقضايا الفساد, وعن امكانية ان يعطل ذلك دوره التشريعي, خاصة فيما يخص قوانين الاصلاح السياسي, واكد على اقتراحه السابق ضرورة تشكيل لجنة للنزاهة, لاعتماد معايير واضحة محددة للتحقيق في قضايا الفساد حتى لا يتهم احد زوراً وبهتاناً.
وقال إن مجلس الاعيان ليس بصدد تشكيل لجان تحقق في قضايا الفساد, وتناول في حواره مع "العرب اليوم" الموازنة العامة للدولة, ومشاكل الاردن الاقتصادية, وقال انه لا يعتقد ان الاخوان المسلمين سيحصدون اغلبية برلمانية في اية انتخابات مقبلة, لوجود قوى اخرى توازيهم في القوة, ان لم تكن تتفوق عليهم, لكنها قوى مبعثرة, وطالب بضرورة تجميعها.
وتناول مسألة الانتخابات المبكرة أو المتأخرة باسهاب, وقال انه ليس مع هذا الخيار أو ذاك, وإنما هو مع التدرج في الخطوات, وتناول موضوع الهوية الوطنية, وما اطلق عليه سابقاً "هلامية الهوية".
وقال ان الكلام عن قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية بأنه غير دستوري, يأتي في غير محله, لأن الزمن والواقع تجاوزا هذه المسألة بعد تشكل السلطة الوطنية الفلسطينية, وبعد اجراء 6 انتخابات برلمانية في الاردن. وتحدث عن موضوع البطاقات الصفراء وخلافها, وقال: ان الفرز قد حصل بين من هو أردني ومن هو فلسطيني بموجب تعليمات قرار فك الارتباط, وان ما يجري من حوار واختلاف هو حول اعداد محدودة من المواطنين.
وقال في هذا السياق انه ضد ان يخرج الاردنيون من اصل فلسطيني "ابناء المخيمات" للمشاركة بالحراك الشعبي, بوصفهم ابناء مخيمات, بل ان يشارك الواحد منهم بوصفه اردنياً, وتحدث عن هيبة الدولة واعتبر انها تراجعت, وان المسؤولية تقع على الجميع لاستعادتها.
تناول المصري في حواره ايضاً موضوع النظام الانتخابي المفضل لديه, وقال إنه يفضل نظام القائمة النسبية على مستوى المحافظة, وبين معايير نزاهة الانتخابات المقبلة, وتحدث عن صلاحيات الملك, وانه ضد سحب اية صلاحية للملك, واشار إلى غياب الانسجام بين مؤسسات الدولة المختلفة, مقترحا تشكيل مجلس سياسات دائم لوضع استراتيجيات عمل بغض النظر عن الحكومة الموجودة.
وتحدث عن مخرجات لجنة الحوار الوطني, واستغرب اهمال حكومة عون الخصاونه الوثيقة التي اصدرتها اللجنة, وقال ان توصيات اللجنة ملزمة سياسياً وادبياً ووطنياً, وتناول بعض القضايا الاقتصادية ورفض تناول موضوع عدم عرض اتفاقيات الخصخصة على مجالس النواب السابقة, لانه رئيس المجلس الاعلى لتفسير الدستور, وقد يعرض هذا السؤال على المجلس, وتناول اخيراً التحديات التي يواجهها الاردن اليوم.
وفيما يلي تفاصيل الحوار مع المصري:
العرب اليوم: نرحب بكم في (العرب اليوم) مع انطلاقتها الجديدة.
المصري: يسعدني ان اكون مع (العرب اليوم) لاجراء هذا الحوار, الذي اتمنى ان يكون حواراً موضوعياً بناءً, تغطي فيه اجابتي جوانب من الحياة السياسية والاقتصادية الاردنية, فالشفافية يجب ان تمارس على كل المستويات, وان نكون صادقين في توجهاتنا وفي ابداء آرائنا, حتى يفهم الناس الحقائق والمعلومات كما هي, هناك في بعض الاحيان يتكون سوء فهم بين ما هو الحدث وبين الرأي العام الذي يفسره تفسيرات مختلفة عن حقيقته, فمع الشفافية تتبين الحقيقة ويتفهم الرأي العام لهذه الاحداث, واتمنى ل¯(العرب اليوم) دوام التقدم وان تبقى صحيفة مستقلة حرة التفكير, بعيدة عن التأثيرات غير الموضوعية, لان الصحافة فعلاً اصبحت السلطة الرابعة, وان لم تكن متقدمة قليلاً على السلطة الرابعة.
العرب اليوم: هل انت متفائل ام متشائم, ام متشائل مما يحدث حولنا ويلقي بظلاله على ساحتنا الاردنية?
المصري اولاً يجب ان نقر ان العالم العربي تغير, وان الظروف السابقة والانظمة السابقة قد ذهبت, واقالها الشعب بكل فئاته, واصبح هناك انظمة جديدة, وان التغيير قادم على البلدان العربية كلها, بدرجات متفاوتة وباساليب متفاوتة, نعم هناك اوضاع غير مستقرة في بعض البلدان العربية, نتيجة غياب مؤسسات للدولة, وعدم وجود حياة سياسية, مثل ليبيا على سبيل المثال, التي غاب عنها مفهوم الدولة على مدى اربعين عاماً, فاصبح فيها فراغ كامل, تونس مثلاً دخلت في هذا المجال لكنها رتبت امورها بشكل مقبول, ولا نستطيع الحكم على كل بلدان الربيع العربي بدرجة متساوية, لان هناك عدة اشياء متغيرة في الساحة العربية, لكن نتمنى ان يتغلب المفهوم الديمقراطي في هذه البلدان, وان تستقر, واظن ان الجميع يتمنى ان تكون القيادة في مصر قيادة حصيفة تقود مصر (وهي زعيمة العالم العربي) إلى لعب دورها, أو استئناف لعب دورها الذي انقطع فترة طويلة, فالديمقراطية والشفافية هي عنوان حقيقي, حتى لو ظهر بعض التردد في هذا الامر, واعتقد ان هذه الفترة الانتقالية ستمر, وستعود الامور إلى سابق عهدها ديمقراطية شفافة, اما في سورية (وهو الوضع المهم) فنحن قلقون جداً على ما يحدث هناك, فالساحة السورية مختلفة عن باقي الساحات لاثرها على منطقة الشرق الاوسط برمته, وهي مرتبطة بتداعيات على جوارها, خصوصاً موضوع اسرائيل والقضية الفلسطينية ولبنان والعراق وحزب الله والاردن... الخ, ونحن نتمنى ان تنتهي هذه المحنة, وان يتغلب رأي الشعب على اية اعتبارات اخرى.
العرب اليوم: هل هناك خصوصية اردنية تجنبنا اخطاء الآخرين, وهل نحن وحيدون في مواجهة المخطط الاسرائيلي?
المصري: نعم هناك خصوصية اردنية, لكنها خصوصية ايجابية, فالاردن مبني على اساس مؤسسي منذ بداية الامارة, بدأت الامارة بشكل متواضع ونمت بشكل طبيعي مدماك على مدماك, وتم تبني مفاهيم ديمقراطية دستورية صحيحة, وكان هناك استمرارية واستقرار ادى إلى ازدياد النمو والاستقرار السياسي, اضافة إلى اننا ملكية منفتحة, متطلعة للامام, ولنا هذه الخصوصية, التي يناضل جلالة الملك لابقاء هذه المواصفات للاردن, فجلالته في كل بلدان العالم, والآن في امريكا يؤكد على هذه الخصوصية, واننا ننظر للمستقبل, فنحن في طريقنا إلى استيعاب تأثيرات الربيع, ليس بالكبت أو العنف, انما بالتحاور مع المفاهيم الاصلاحية, التي يطالب بها الشعب, رغم وجود بعض الاتهامات بالتباطؤ, لكن السير لتحقيق تلك المطالب يجري بطريقة اعتقد انها لا بأس بها, وامامنا الكثير لننجزه واعتقد من الان إلى ستة اشهر سنكون قد انجزنا منظومة الاصلاح السياسي, لتبدأ العملية السياسية, والمشكلة في الاردن, انه لفترات طويلة غابت الحياة السياسية الحقيقية, فالحياة السياسية هي التي تنشط المفاهيم الحزبية والديمقراطية, وقد غابت لاسباب كثيرة, والان عادت ونحن نمر بمرحلة انتقالية سوف تستقر مع استقرار التشريعات الاصلاحية التي تم اقرارها.
العرب اليوم: الاردن الدولة الوحيدة المستقرة من بين بلدان الطوق المضطربة, ونحن الوحيدون في مواجهة المشروع الاسرائيلي?
المصري: كلامك صحيح, نحن رئيسيون ان لم نكن وحيدين في مواجهة المشروع الاسرائيلي, ونحن مستهدفون من المشروع الاسرائيلي منذ بداية القضية الفلسطينية, لذلك فان تماسك المجتمع الاردني ضرورة ملحة لمواجهة هذا المشروع, وهذا الانفراد بنا لاننا نقف حائلاً امام هذه المخططات, لذا فانك ترى جلالة الملك عملياً هو الزعيم العربي الوحيد الذي يتكلم بالقضية الفلسطينية, ويحذر من تداعيات عدم الحل, والسلطة الوطنية الفلسطينية تلجأ الى لاردن باستمرار, لاننا نقف هذا الموقف المستمر كما اعتقد, فنحن نتحمل مسؤولية كبيرة, ويجب ان يعي الرأي العام والقوى السياسية هذه الحقيقة, صحيح انها تعي هذه الحقيقة, وان هناك مطامع اسرائيلية, لكن يجب ان لا نسمح لاسرائيل ان تخترق جدارنا, عبر تماسك وتفهم ما يجري, فالتماسك الاجتماعي هو احد الاسلحة المهمة لمنع اختراقاتنا, واختراق ساحتنا.
مجلس الاعيان
العرب اليوم: هل تغير مجلس الاعيان, بمعنى اصبح مجلس الاعيان يتناغم مع مطالب الناس, بعض الاعيان لا يحبون الازعاج, ويقولون انهم مجلس الملك, فهل تغير النمط في تفكير مجلس الاعيان بعد الربيع العربي?
المصري: سأجيب عليكم ولكن اريد ان اسألكم انتم, هل تلاحظون ان مجلس الاعيان تغير, وهل هناك حراك داخلي في مجلس الاعيان لاخذ دوره الحقيقي?
انا اعتقد نعم, ربما ليس بمستوى مجلس النواب, لان النواب منتخبون وبيدهم منح الثقة وسحبها, وهذا امر غير موجود عند الاعيان, لكن منهجية مجلس الاعيان تختلف باستمرار يوماً بعد يوم, فرغم ان طبيعة شخصيات واعمار وخبرات الاعيان لها اثر في طريقة تصرفهم وتعاملهم مع الامور, وحتى التعيين في مفهوم البعض منهم هو لا يعني المسايرة, فنحن الآن نوجه اسئلة للحكومة, واللجان تجتمع باستمرار, تستدعي الوزراء, تقدم تقارير, تعيد قوانين إلى مجلس النواب.
وانتم شهدتم بأننا كنا متقدمين في امور كثيرة, مع الاعلام مثلاً, نعم نحن نتغير, لم نتغير بالشكل المطلوب, وقد لا نتغير إلى المستوى الذي يصل إلى مستوى مجلس النواب, لأن لنا مواصفات مختلفة, ونحن اليوم نتصرف بوصفنا جزءا من مجلس السلطة التشريعية, ولنا نفس حقوق وواجبات مجلس النواب, رغم اننا معنيون, وصحيح ان تعبير مجلس الملك هو تعبير دقيق, لكن هذا لا يشكل قيداً على مجلس الاعيان في تصرفاته وفي سياساته, وسنرى انه خلال الدورة سيكون هناك مناقشات كثيرة, احياناً لا تظهر بشكل واضح لأن الاعلام لا يغطي جلسات مجلس الاعيان بنفس مستوى تغطية مجلس النواب, للاعتقاد بأن ما يجرى فيه هي امور روتينية, والصحيح ان هناك قضايا كثيرة من تعديلات الدستور إلى المادة (23) من قانون هيئة مكافحة الفساد إلى قانون المالكين والمستأجرين, ناقشنا ونقدم تقارير, صحيح ان نقاشاتنا هادئة, لاننا نؤمن بعقلنة الحوار البرلماني والسياسي, ولكن هذه الحوارات غنية بالافكار وغنية بالمواقف.
بانتخاب مجلس الاعيان
العرب اليوم: ما رأيكم بما طرحه حزب جبهة العمل الاسلامي بانتخاب مجلس الاعيان?
المصري: انا قلت بأن مجلس الاعيان سينتخب يوما ما, لكن لاننا نتدرج بالبناء الديمقراطي ربما لم يحن وقت ذلك الان, فعندما نتمكن من انتخاب مجلس نواب قوي تمثيلي يقوم على الاساس الحزبي, وتبدأ الحكومات بالتشكيل على اساس حزبي واغلبية برلمانية, عندها يصبح الوقت مناسباً لانتخاب مجلس اعيان, لكن اذا كان المجلسان منتخبين لا بد من وضع مواصفات ومهام جديدة لمجلس الاعيان, حتى لا يكون الاعيان نسخة عن النواب, لا بد من وجود شروط انتخاب مختلفة, فالغرفة الثانية تعيد النظر في التشريعات التي تأتيها, ويجب ان تتوفر هذه الظروف عندما يتم انتخاب مجلس الاعيان في المستقبل.
العرب اليوم: ماذا يوجد في درج رئيس مجلس الاعيان من ملفات سابقة?
المصري: كل القوانين التي كانت عالقة في ادراج المجلس اخرجناها, وآخرها كان قانون معدل لقانون الجوازات, نعم كان في الادراج قوانين كثيرة, ومنذ ان استلمت الرئاسة بدأنا بإخراجها الواحدة تلو الاخرى, والان لا يوجد في ادراجنا قانون أو ملف.
مكافحة الفساد
العرب اليوم: هناك تعدد في مرجعيات مكافحة الفساد, هيئة مكافحة الفساد, ودائرة المخابرات العامة لمكافحة الفساد, هناك لجان تحقيق رقابية في مجلس النواب, هناك ديوان مظالم وديوان محاسبة واذرع اخرى, وانتم طرحتم اقتراحاً بتشكيل لجنة نزاهة, فماذا عنها?
المصري: انا طرحت هذا الامر, حتى لا يتم ضياع مفهوم محاربة الفساد وتشتيت الجهد في مكافحة الفساد, وابتعاداً في الاتهام بعدم المساواة في فتح الملفات, يعني اهمال ملفات والتركيز على اخرى, في سبيل عدم حدوث ذلك, لان مجلس النواب شكل لغاية الان حوالي 25 لجنة تحقيق, وكل لجنة لها رئيس واعضاء يختلفون في معاييرهم وفهم القضية التي امامهم, واقترحت ان يقوم المجلس بتأليف لجنة دائمة تسمى كاقتراح لجنة النزاهة, تكون برئاسة قانونيين, واعضاء منتخبين من مجلس النواب, تحول لها كل قضايا التحقيق لوجود قضايا كبيرة واخرى صغيرة, اي سيكون هناك سقف واحد, ينظر فيه إلى كل القضايا بمعيار واحد, ويصدر القرار بها من منطلق موضوعي, وتركيز حقيقي في التحقيقات وتوضع تحت تصرفها الخبرات الادارية والفنية, ويجب ان تكون هذه اللجنة بعيدة عن الاضواء, حتى لا يتهم احد زوراً وبهتاناً, والمقترح يهدف لتحسين ادارة مكافحة الفساد, واؤكد ضرورة مكافحة الفساد ومعاقبة الفاسدين والمفسدين لكن بتنظيم شؤون مكافحة الفساد, فهيئة مكافحة الفساد تختلف بوظيفتها عن ديوان المظالم, وعن ديوان المحاسبة, لذا يجب التنظيم حتى لا يحدث تداخل, المهم ان تكون الامور بعيدة عن الانتقائية, وسريعة في اظهار تقريرها.
العرب اليوم: هل نفهم من كلامكم ان وراء اقتراح لجنة النزاهة, خشيتكم ضياع الكثير من الجهد في اتجاهات مختلفة?
المصري: ضياع جهد مجلس النواب واغراقه الامر الذي يلهي المجلس بعيداً عن التشريعات, فسيأتي على مجلس النواب تشريعات مهمة جداً, ويجب اقرار هذه التشريعات باقصى سرعة ممكنة, لان الدورة العادية ستنتهي في بداية نيسان المقبل, فلم يبق وقت كبير لاقرار تشريعات الاصلاح, قوانين الاحزاب والانتخاب والمحكمة الدستورية والهيئة المستقلة, فحتى الموازنة العامة لم يتم اقرارها في مجلس النواب حتى الآن, فهناك اغراق للمجلس بقضايا قد تبعدهم عن البحث السريع في هذه التشريعات.
العرب اليوم: لماذا لا يشكل مجلس الاعيان لجان تحقق?
المصري: لا ننوي ذلك, حتى لا يحدث تكرار.
الموازنة
العرب اليوم: بخصوص الموازنة ما هو رأيكم في عدم بدء المجلس بمناقشتها حتى الان?
المصري: الموازنة العامة تقدم دستورياً مطلع كانون الاول, لكن اقرارها غير محدد, ومنطقياً يجب ان يبدأ النقاش في الاول من كانون الثاني, لكن لا يوجد نص بذلك.
العرب اليوم: الحكومة أمضت العام الماضي اربعة اشهر في مناقشة الموازنة وفق معادلة 1 على 12 ولغاية الان لم يبدأ نقاش موازنة هذا العام, الا ترى في ذلك تأخيراً?
المصري: تحتاج موازنة هذا العام ايضاً وقتاً مماثلاً, اي اربعة اشهر, فحتى الان لم تنته اللجنة المالية في مجلس النواب من مناقشتها وطرحها على النواب.
العرب اليوم: رأى نواب في اللجنة المالية عدم اقرار الموازنة, لوجود فرضيات فيها غير صحيحة, خاصة المساعدات الخارجية, فقد تحدثوا عن تخفيض 350 مليونا, وهذا صعب فما هو الاسلم ان تسحب الحكومة قانون الموازنة العامة وتعدله أو تقوم ببعض المناقلات, وترهن بعض المشاريع بالمساعدات?
المصري: هناك اختلاف في ارقام المساعدات الخارجية, خاصة من دول الخليج, فبعض الارقام جاءت في الموازنة استناداً لما وعدنا به, وبين ما سوف يتحقق هذا العام, فالخلل جاء بدرجة رئيسية من هذا الامر, ومع ذلك فانني اعتقد انه بامكان اللجنة المالية ان تخفض, فانا اتصور ان الضرر على الاستقرار المالي والاستثماري سيكون كبيراً اذا ما سحبت الموازنة واعيدت بعد عشرة ايام, اعتقد أنه من الافضل قيام اللجنة المالية باجراء تعديلات وتخفيضات بالاتفاق مع الحكومة, فهذا اسلم وافضل للمالية وللمجلس وللوضع المالي.
العرب اليوم: قررت الحكومة تمديد الاعفاء على ضريبة بعض اصناف المحروقات لثلاثة شهور, وما جاء في الموازنة لمعالجة العجز رفع الدعم عن هذه الاصناف, لتوجيه الدعم لمستحقيه, هل من المناسب رفع الضريبة بعد ثلاثة شهور, خاصة في ظل الظروف الحالية, وتحديداً لتأثيراته على حياة الناس, وامكانية التصعيد في الحراك الشعبي في حال اقرار ذلك?
المصري: ما الحل? نعم يزيد هذا من الصعوبات الاقتصادية والمشاكل السياسية, وسؤالي لا يعني تأييداً لرفع الاسعار, لكن هذا النزف المالي في دعم المحروقات لا يمكن ان يستمر.
الاخوان المسلمون
العرب اليوم: هل من المتوقع ان يحصد (الاخوان المسلمون) عددا كبيرا من مقاعد مجلس النواب المقبل كما حدث في مصر وتونس والمغرب, وأن يشكوا حكومة مقبلة وهل تعتقد انهم سيكونون منسجمين مع الفكر الديمقراطي?
المصري: انا لا افترض ان الاخوان المسلمين سيفوزون بالاغلبية ويشكلون حكومة مقبلة هذا مفتوح للشعب ليقرر ولا استطيع ان أقرر نتيجة الانتخابات من الآن لاننا لم نعرف حتى الآن ما هو قانون الانتخاب, والظروف المقبلة لذا فان تقرير من حيث المبدأ بأنه اذا فاز الاخوان المسلمون فجلالة الملك والمؤسسات الدستورية هم من يقرر كيف يتم التعامل مع هذا الفوز لكنني اعتقد انه كما يبدو مسارهم السياسي, بأنهم حزب سياسي يعمل تحت سقف الدستور والشرعية الاردنية لهم اراؤهم المعنية فقد تختلف أو نختلف معها, لكن هناك قوى اخرى, اعتقد انها توازيهم في القوة والثقل السياسي والانتخابي, وسيكون هناك توازن في القوة السياسية المقبلة, لكن المشكلة ان تلك القوى المقابلة للحركة الاسلامية مبعثرة, ولو انها تتفق وتسير بطريق موحد ستكون القوة متوازنة ان لم تكن هي الاكثرية, المهم ان تخرج الاغلبية الصامتة ونصوت للشخص المناسب, والمهم ان تضيق الهوة بين الناخب والمسؤول تدريجيا لكي يثق الناخب بالنظام الانتخابي ويقرر من يريد ان ينتخبه بشكل موضوعي وليس قراره مبنيا على انتماءات ضيقة أو على عصبيات اعتقد ان خلق هذه الاجواء جزء من مهمة الحكومة اية حكومة لتسهم في هذا التوجه, اضافة إلى اهمية قانون الانتخابات الذي تقدمه الحكومة بان يكون مناسبا لخلق هذه الاجواء وسيكون مجلس الامة هو الحكم في ماهية قانون الانتخاب.
العرب اليوم: هل انتم مع انتخابات مبكرة?
المصري: هناك منظومة من القوانين التي يجب ان تتم وانا لا اعتقد انها ستنتهي مع نهاية الدورة العادية لمجلس الامة في نيسان المقبل, لانها لم تستكمل حتى الآن.
العرب اليوم: الا تشعر بوجود قوى مثل مجلس النواب والحكومة وحتى الاخوان المسلمين لا يرغبون في انتخابات مبكرة, لذا يتم تعطيل اقرار تشريعات الاصلاح السياسي?
المصري: سأكون حريصا في الاجابة لأنني رئيس مجلس الأعيان.
العرب اليوم: لكن يمكن لك ان تتحدث بصفتك الشخصية.
المصري: كلا, اقول انه يجب ان لا ندخل المجتمع الاردني والقوى السياسية في نقاشات لا طائل لها الآن, فدعونا ننهي القوانين الناظمة للاصلاح والانتخابات, ونقرر المدى الذي يجب ان نسير به اعتقد انه اذا انتهت هذه القوانين في وقت مناسب, يجب ان تجري الانتخابات في اقرب وقت ممكن بعد اقرار هذه القوانين, وقد يكون ذلك آخر العام, أو العام المقبل, انا لست صاحب رأي مسبق بأنه يجب ان تتم الانتخابات هذا العام أو العام الماضي, انا مع التدرج الطبيعي لأننا نريد ابعاد المجتمع الاردني السياسي والاجتماعي عن الدخول في صراعات ونزاعات واسئلة نظرية لا يمكن الاجابة عليها في هذا الوقت بالتحديد لنفترض اننا قلنا باجراء الانتخابات النيابية آخر هذا العام ولم يحدث ذلك هل نكون مخطئين.
العرب اليوم: لكن الانتخابات المبكرة هي مطلب مهم في الشارع وهي من ضمن خطة الاصلاح ومن شأن اجرائها امتصاص غضب الشارع اضافة ان الحكومة عند اجراء الانتخابات ستتغير ومجلس النواب باجراء الانتخابات سيحل, والاخوان المسلمين بعد حادثة المفرق فقدوا جزءا من رصيدهم?
المصري: اول امس 35 إلى 40 نائبا تقدموا بعريضة تطالب بتسريع الانتخابات رغم ان من مصلحة النواب عدم اجراء انتخابات مبكرة كما ان وضع فرضيات لتحديد نتائج مقبلة غير صحيح, يجب علينا ان نتعامل مع الحقائق الواقعية حتى نكون على ارض صلبة, لماذا ندخل انفسنا في فرضيات قد تتم وقد لا تتم.
حل مجلس النواب
العرب اليوم: لكن الشارع له مطالب محددة بحل مجلس النواب واجراء انتخابات مبكرة?
المصري: انا لا اقرر ان تجري انتخابات الآن مبكرة أو متأخرة انا اقول بضرورة انهاء التشريعات التي ستجرى على اساسها الانتخابات والاصلاح ثم نجلس مرة اخرى كمجتمع متكامل ونقرر متى تجرى الانتخابات.
قرار فك الارتباط
العرب اليوم: لكم رأي في موضوع (هلامية المواطنة) يرتبط بهدا الامر موضوع قرار فك الارتباط رئيس الوزراء عون الخصاونة يعول ان قرار فك الارتباط غير دستوري ولا بد من ابطاله بينما يقول رئيس مجلس النواب عبدالكريم الدغمي بأنه لا بد من قوننة هذا القرار فأين يجد طاهر المصري نفسه في ظل هذه التباينات?
المصري: على نفس مبدأ انتخابات مبكرة أو غير مبكرة هل قرار فك الارتباط دستوري ام غير دستوري, فالقرار حدث واصبح واقعا وتشكلت سلطة وطنية فلسطينية وامور السلطة تمشي باتجاه اقامة دولة فلسطينية ونحن قبلنا بذلك وحدثت انتخابات بعد قرار فك الارتباط لمجالس نيابية تتألف من الضفة الشرقية فلماذا الدخول في مثل هذه الاشياء لماذا الدخول في نزاعات واختلافات, السياسة ليست هكذا, السياسة هي فن الممكن, السياسة ان تكون واقعيا, اما بالنسبة للمواطنة يهمني في هذا الوقت من دون تفاصيل ام يتحقق السلم الاهلي الاردني وهناك مبادئ دستورية محددة واضحة واقول بكل جرأة ووضوح انني اردني وكل من يحمل الجنسية الاردنية هو اردني, وموضوع الفرز بين الاردني والفلسطيني بفلسطين قد حدث بعد فك الارتباط وانا من أنادي بأهمية حقوق المواطنين, فموضوع الجنسية امر انساني يجب ان نتعامل معه بكل دقة وحرفية, يوجد وضع خاص للاجئين الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الاردنية, لكن يحتفظون هم والدولة الاردنية معهم بحقهم بالعودة, وهذا ظرف خاص موجود بالاردن فقط, يتعلق بكونهم لاجئين فلسطينيين واردنيي الجنسية, هذا الخيط الرفيع بين اردنيتهم وحق العودة يجب ان يبقى وان نحافظ عليه, تعليمات فك الارتباط اعتقد انتهى اثرها وتم الفرز, ويجب ان نحدد من هو الاردني من خلال قانون الجنسية ساري المفعول فلا نستطيع ان نبقي المجتمع الاردني معلقا بين من هو اردني ومن هو غير اردني إلى اجل غير مسمى.
العرب اليوم: هل تدعو ان تصبح تعليمات فك الارتباط جزءا من قانون الجنسية?
المصري: كلا, يوجد قانون جنسية ساري المفعول.
العرب اليوم: نسأل عن التجنيس وليس عن الجنسية, خاصة التجنيس المتعلق بالفلسطينيين الا ترى ان التجنيس يضر بالاردن وفلسطين على السواء?
المصري: اكيد اذا كان هناك تجنيس انا من حيث المبدأ ضد التجنيس, انا فقط انادي بأنه اذا وقعت اخطاء في سحب الارقام الوطنية يعاد النظر فيها حالة حالة, وليس تجنيسا جديدا.
العرب اليوم: الا تطالبون بالمثل ان تسحب البطاقة الصفراء ممن أخذها من دون وجه حق, وتحديدا الامر المتعلق بما اعلن عنه وزير الداخلية الاسبق نايف القاضي, الذي قال انه تم منح 81 ألف فلسطيني بطاقات صفراء?
المصري: انا لا اعتقد بأن هذا الرقم دقيق فيجب ان نتعامل مع الامر بموضوعية ودقة.
العرب اليوم: موضوع البطاقات اثار لغطا كبيرا فالدولة الاردنية حينما اتخذت قرارا بسحب الرقم الوطني من المواطن الاردني الذي يحمل البطاقة الصفراء لأنه رفض تجديد تصريح الاحتلال وفقد فرصته بالعودة إلى فلسطين قامت بذلك من منظور مصلحة الاردن ومصلحة فلسطين, فهل ترى بصمة ما قامت به الحكومات في هذا السياق?
المصري: من يحمل البطاقة الصفراء هو اردني ويحمل تصريحا أو لم شمل للحفاظ على املاكه في فلسطين, ويحق له الذهاب إلى فلسطين لكنه اردني وانا مع الضغط على الذين يحملون البطاقات الصفراء لحماية حقوقهم في فلسطين لكن هناك موانع تسببها اسرائيل فهناك بعض من حصل على بطاقة صفراء من والده, ولم يعش في فلسطين وليس له هناك شيء سوى بعض الاملاك وبعض هؤلاء منعوا من قبل اسرائيل من الدخول إلى فلسطين.
العرب اليوم: هل يوجد في الاردن معتقلون سياسيون ولا زالوا في السجون?
المصري: لا علم لي بوجود معتقلون سياسيون بالمعنى المتعارف عليه, هناك معتقلين لاسباب معينة مثل مخالفة النظام العام أو تحن عنوان سياسي, لكنهم لا يسمون معتقلين سياسيين.
هيبة الدولة
العرب اليوم: هل تعتقد ان هيبة الدولة تراجعت?
المصري: نعم هيبة الدولة تراجعت ونرى التطاول على الدولة في مجالات كثيرة كل يوم فنحن جميعا قلقون في هذا السياق لذا فانني ادعوا إلى اعادة هيبة الدولة وان يعود احترام القانون والتعامل مع الهيئات الرسمية التي تشرف على تحقيق العدالة وتطبيق القوانين.
العرب اليوم: ما هو النظام الانتخابي الامثل من وجهة نظرك.
المصري: انا اعتقد في هذا السياق انه لا بد من نقلة نوعية استنادا إلى رغبات جلالة الملك ورغبات الحراك الشعبي والربيع العربي بأن يكون تمثيل حقيقي وانتخابات نزيهة شفافة واعتقد ان القائمة التي اقرتها لجنة الحوار الوطني هي افضل ما يكون مع الاعتراف به لا يوجد اتفاق كامل على اي نظام انتخابي فاي نظام انتخاب سيرضى البعض ولا يرضي البعض الاخر وهو امر جدلي لكن من وجهة نظري كلما كبرت الدائرة, كلما توسعت خيارات الناخب, والقائمة النسبية تؤدي إلى تحسين الوضع الحزبي وتآلف قوائم ليس بالضرورة ان تكون حزبية بالكامل, انما بين فئات وتجمعات ما لاننا بحاجة الى التجمع ولملمة الامور.
العرب اليوم: لكن ما العلة لو عدنا إلى قانون ال¯ 89 واعتبرنا المحافظة دائرة واحدة!
المصري: يكون انتخاب فردي فالمطلوب تجميع الناس اختار انا ثلاثة نواب في محافظة ما فان كل نائب بعد انتخابه سيعمل وحده لكن حينما تكون القائمة نسبية, سيكون هناك عمل جماعي ويختار المواطن مرشحيه بشكل افضل القائمة النسبية تجمع الناس تجمع القوى الفاعلة في المجتمع الاردني للتآلف والتآلف ليس بالضرورة بين احزاب قد يكون حزبا مع حزب, أو حزبا مع شخصيات أو شخصيات مع شخصيات فالقائمة النسبية فيها لملمة افضل وفيها نقلة نوعية للانتهاء من الفردية الطاغية على خيارات الناس, فمثلا قانون ال¯ 89 فمن يضمن انني من بين الثلاثة المرشحين اختار فقط قريبا ولا اختار الاخرين ففي ظل الاوضاع والظروف فانني اختار قريبا فقط, صحيح انه يوجد سيئات للقائمة النسبية لكن ما هو الافضل? اعتقد انها القائمة النسبية.
نزاهة الانتخابات
العرب اليوم: ما هي الضمانات لنزاهة الانتخابات?
المصري: اكثر من ضمانة, الربيع العربي الذي شكل الحافز نحو الاصلاح هناك التعديلات الدستورية, والهيئة العامة لادارة الانتخابات وقبل هذا وذاك هناك الارادة السياسية لنزاهة الانتخابات.
العرب اليوم: ما هو رأيكم فيما يجري من حديث عن سحب صلاحيات من الملك?
المصري: ما رأيكم ان مجلس النواب هو الذي اضاف ان الحكومة التي تجري الانتخابات تستقيل, الا يشكل ذلك تقييدا لصلاحيات الملك, وهذا من الاخطاء الفاحشة التي وضعنا فيها وذلك لعدم وجود استراتيجية كان يجب ان تجرى التعديلات الدستورية في وقت اطول وليس في دورة استثنائية لان الدستور ليس ملكا للنواب ولا للاعيان ولا للحكومة ولا للملك, وانما ملك للجميع ويجب ان يتم التوافق بين الجميع على ذلك فالاعيان لم يعطوا فرصة لمناقشة التعديلات كان المطلوب اقرار التعديلات خلال اربعة ايام تصوروا 42 مادة معدلة للدستور خلال 4 ايام وكان هناك تعديلات يجب ان يجري تعديلها خاصة التي جاءت من مجلس النواب وكان هناك مادة على سبيل المثال اراد الاعيان اعادتها لمجلس النواب, لكن ظلوا وراءنا للاسراع بانجاز التعديلات والآن الدولة وقعت بالاشكالية لذا فان صلاحيات الملك موجودة الآن بالدستور فقد جرى وضع قيود على صلاحيات جلالته سواء موضوع استقالة الحكومة التي تجري الانتخابات واجراء الانتخابات أو تأجيلها انتهى كما كان بالسابق هذه القيود جلالته ادارها كل ذلك حزمة واحدة تدل على جود رقابة شديدة على السلطة التنفيذية, فالامور تنظم بشكل افضل.
العرب اليوم: من الواضح انه يوجد غياب كامل للانسجام بين مؤسسات الدولة, وهذا ادى إلى وجود خلل كبير واثر على هيبة الدولة, وادى إلى اتخاذ قرارات خاطئة, والى تسارع في تغيير الحكومات, فما هو تعليقكم, واين يكمن المرض?
المصري: ارى ما رأيتم, واعتقد ان احد اسباب وجود تراكمات وصلاحيات دوائر اخرى كانت عالية, تتراجع اليوم, وطريقة تشكيل الحكومات فلو طلب مني تشكيل حكومة فاجلس اولا مع جلالة الملك, واخبره ما هو برنامجي, واجلس مع رئيس مجلس النواب, واختار وزراء اجلس معهم, واطلب من رأس الدولة ان ينظم جلسة لرؤساء الدوائر والمؤسسات مع بعضهم البعض, ليضعوا استراتيجية عمل حتى لا تتضارب التوجهات فرئيس الحكومة يأتي من عالم الغيب, يأتي وزراء هو يختارهم من دون تنسيق مع اية جهة كانت ويحدث الخلل, انا قدمت افكارا محددة لجلالة الملك, فلملمة الامور تحتاج إلى حزمة متكاملة, وفي اجتماع رؤساء الوزارات السابقين مع الملك قلت انه لم يعد يكفي تشكيل حكومة جديدة كخطوة وحدها, أو تعديلات دستورية كخطوة وحدها أو نظام انتخابي, لا بد من حزمة متكاملة تدرس جيدا تعد جيدا ويجلس رجال الدولة حول الطاولة ويتناقشون في الامور, ويستمر المطبخ السياسي ضاما كل رؤساء الدوائر المعنية في الاجتماع باستمرار برئاسة الملك, هذه البداية, فكل واحد عندما يشك بالاخر, ويحفر للاخر, فهذا احد اسباب التضارب, فمثلا رئيس الحكومة الخصاونة لا يريد للاجهزة الامنية ان تتدخل, فالوظيفة للمخابرات كانت سابقا انها ليست صانع سياسة بل مقدمة معلومات, فهناك شد وجذب بهذه الامور فمثلا مدير الامن ليس له سوى علاقة شكلية مع وزير الداخلية برغم انه تابع له المطلوب تنظيم القوى الفاعلة في الدولة الاردنية, ورسم استراتيجيات وابقاء المطبخ السياسي.
العرب اليوم: قيل انك احتفظت بورقة خاصة بالنظام الانتخابي, كخيار بديل لمخرجات هذه الورقة.
المصري: كلا, انا قدمت الورقة, وموجودة ضمن الوثيقة, وانا اقول لك ما هي فحينما بحثنا في الانظمة الانتخابية, استقر الرأي بالتصويت على نظامين اما نظام القائمة النسبية على مستوى المحافظة أو نظام ال¯ 89 تقرر اعتماد القائمة النسبية, لكني ارتأيت ان اضيف الخيار الثاني, برغم ان الوثيقة قالت ان هذا ما اختارته وقررته لجنة الحوار الوطني بخصوص القائمة النسبية ولكنها درست النظام الاخر.
العرب اليوم: يقال ان الجمهور من اصل فلسطيني لا يشارك في الحراك الشعبي, وهذا مقلق في اكثر من بعد, فان كان هذا صحيحا, فلماذا لا يشارك من وجهة نظرك?
المصري: الكثير من الاردنيين من اصل فلسطيني يشاركون لكن ان كنت تقصد المخيمات, فانا ضد ان يشاركوا بوصفهم ابناء مخيمات لكن ان اراد المواطن كاردني ان يشارك كما يحدث فهذا موجود وانا لست ضده, انا ضد المحاصصة بالذات بالسياسية.
العرب اليوم: الم تشارك في تشكيل الحكومة?
المصري: اقترحت بعض الاشياء فقط, وانا لا استطيع ان اتدخل واقترح تعديلا على الفريق الاقتصادي, واما بخصوص البنك المركزي, فان التغيير كان صحيحا ولكنني اتساءل الا يتناقض الخط السياسي الاقتصادي لمحافظ البنك المركزي الجديد د. زياد فريز مع خط الحكومة?
العرب اليوم: قال رئيس الوزراء انه شابت الكثير من قضايا الخصخصة شبهات فساد, وقال لك امام المجلس وقال انه كل اتفاقية خاصة بخصخصة شركة اردنية لم تدخل على مجلس النواب فهي باطلة, فهل تعتقد انه شاب الخصخصة فساد.
المصري: لا استطيع ان اجيب على هذا السؤال
العرب اليوم: هل تعتقد ان اتفاقيات الخصخصة امام مجلس النواب لاقرارها أو رفضها صحيح, خاصة ان الدستور الاردني في هذا سياق واضح, فاي اتفاقية يوقعها الاردن مع اي طرف خارجي يجب موافقة مجلس النواب عليها?
المصري: انا رئيس المجلس العالي لتفسير الدستور, وربما سيأتينا هذا السؤال إلى المجلس العالي, لذا فأنا اتحفظ عن الاجابة, ولن اقول حكما مسبقا بهذا الامر, وهذا ليس تهربا من الاجابة.
العرب اليوم: الا ترى ان الحكومة استبعدت كل توصيات لجنة الحوار الوطني.
المصري: لم تؤخذ وثيقة الحوار الوطني بالاهمية التي يجب ان تحظى بها, فالوثيقة تغطي نواحي قانونية, ودستورية واصلاحية متعددة التركيز تمت على النظام الانتخابي, وكما قلنا فهذا النظام مثير للجدل في كل انحاء العالم, لكن نحن بموضوع الهوية وضعنا اسسا واضحة فمعنا في اللجنة كان طيف واسع من د. رجائي المعشر إلى د. كمال ناصر وما بينهما, واتفقنا على اسس موجودة بالوثيقة, واعتقد انها صالحة للتعامل مع هذا الموضوع بموضوعية, اقترحنا تعديلات دستورية, وضعنا اسسا كاملة لطريقة الاصلاح بكل وضوح وجرأة, اضافة لقانوني الاحزاب والانتخاب, قانون الاحزاب تقريبا جاهز, وقانون الانتخاب سوف يتم بتنسيبه تقريبا بشكل كامل, واما المواد الاصلاحية الاخرى تم التغاضي عنها, وانا اعتقد انه يوجد مفاصل مهمة يجب ان تتعامل معها الحكومة تترجمها على ارض الواقع, خاصة انه طلب منا كلجنة بقرار رسمي من الحكومة السابقة وبرسالة ملكية ان نحقق اهدافا معينة لغايات الاصلاح فنحن لم نفر من انفسنا فقد عملنا وفق تكليف, لذا يجب ان لا تهمل هذه الوثيقة.
العرب اليوم: لكن رئيس الحكومة الخصاونة قال ان وثيقة الحوار الوطني غير ملزمة.
المصري: قانونا غير ملزمة, لكن الالزام السياسي والادبي حينما تنشأ اللجنة بقرار مجلس وزراء ويسمى الاعضاء بقرار مجلس وزراء ويضع لها مجلس الوزراء مهام محددة ويرسل جلالة الملك رسالة فيها توسع اكثر عما جاء في قرار مجلس الوزراء, اليس هذا نوعا من الالزام السياسي الادبي الوطني? النظر للامور من خلال القانون فقط غير صحيح.
العرب اليوم: ماذا تقول في الوضع الحالي?
المصري: نحن نمر في مرحلة صعبة جدا, وامتحان صعب, مرحلة مهمة ومفصلية, وان لم نتحمل جميعا مسؤولية هذا الوطن, فسنقع في مشاكل اكثر بكثير مهما نحن به, المفهوم الوطني ليس نابعا من منطلقات ضيقة, المفهوم الوطني واسع جدا, ويجب ان نعطي الاولوية للوطن على مشاعرنا ومصالحنا وارتباطاتنا, يجب علينا ان نعمل على تمكين وتعزيز مفهوم الدولة, الذي ارى انه يتراجع لصالح نظرات ضيقة وهويات فرعية, ليس هذا وقت هذه الهويات, فان تدرجنا نحو حياة دستورية سياسية تمثيلية حقيقية, فسنتغلب على المصاعب, فنحن بلد وعليها مصاعب وهزات كثيرة تغلبنا عليها بفضل وعي الشعب وحكمة القيادة, يجب ان نتحمل المسؤولية, وان نؤمن بان الاردن يجب ان يبقى القدوة والمثال الذي يحتذى به, فلنا القدرة على ذلك, ولدينا الامكانيات لنبقى هكذا. ( العرب اليوم )