القومية والدين

تم نشره الثلاثاء 24 كانون الثّاني / يناير 2012 04:33 مساءً
القومية والدين
يسار الخصاونة

قد يكون العنوان قادراً على فتح باب الاجتهاد ، وبالتالي فتح أبواب الاتفاق والاختلاف ، ولماذا قدمنا القومية على الدين ، ولماذا نقدم الدين على القومية ، ولماذا لا تكون قومية دون دين ، أو دين دون قومية ؟
إنني أدرك تماماً هذه التساؤلات المشروعة ضمن ثقافات مختلفة ومتعددة الاتجاهات ، سواء أكانت ناضجة أم فجة ، لكنني أرى أن يبقى العنوان كما هو لأنه على الأقل يمثل وجهة نظري التي أراها متوافقة مع ما وعيته من أمر ديني في إطار البُعد القومي .
نشأت فكرة القومية في أوروبا منذ وقت مبكر ، واستقرت على ما هي عليه الآن ، ولسنا هنا في موقف دراسة أسباب النشوء ، لكننا أمام دراسة واعية سياسية ، واقتصادية ، واجتماعية لدول هذه القارة التي اختارت فكرة القومية أسلوب حياة بعيداً عن المعتقد الديني ، وسوف توصلنا الدراسة إلى نتيجة واحدة عنوانها النجاح ، والتفوق، والتميز.
عندما ظهرت فكرة القومية في الوطن العربي كمصطلح ومنهج حياة كما هو في أوروبا ، ظهرت بالتزامن معه أحزاب دينية بمسميات كثيرة غايتها المواجهة مع الفكرة الجديدة ، وأنا هنا لا أُخوّن أي حزب في توجهه ، ولا أميل إلى الافتراض بتبعيته لدولة أجنبية ، ولكنني أتساءل ومن حقي ذلك ، لصالح من ظهرت هذه الأحزاب ؟ وماذا استطاعت أن تقدم لشعوبها ؟ ولماذا نجحت أوروبا وتوقفنا نحن؟؟ لماذا الألماني ، والفرنسي ، والهولندي له هويته القومية ، وغالبية سكان الدولة تابعون للديانة المسيحية ؟ لماذا لم يخافوا على الدين من القومية ؟ لماذا شكّلنا أحزاباً وقاومناها في نفس الوقت ، حتى أننا سمعنا أكثر من زعيم عربي يهدد الغرب بكل غباء ، إذا لم أكن أنا زعيماً سوف يأتي الإسلاميون ، وفي خطابه هذا سُبة وشتيمة للمسلمين بأنهم متطرفون عدوانيون .
لنعترف أولاً أمام أنفسنا أننا لا نعيش في دول عربية تحكم بالدين الإسلامي ، وضمن أسس الشريعة الإسلامية السمحة ، ولا يُمثل الإسلام كمنهج حياة في دستورها ، وقوانينها الوضعية سوى بعض الأمور الاجتماعية أهمها عقود الزواج ، والمواريث، وحتى هذين البندين تشملهما صياغة دستورية قانونية تتطابق مع العُرف الدولي وقوانينه ، وأنا أرى أن هذا هو ما نحن عليه ، وما نتعامل معه ، وإذا كان غير ذلك فأين حدود الله في السرقة، والزنا ، وترك الصلاة، وإفطار رمضان، وقذف المحصنات ، والخمر ، والقمار ....وغيرها الكثير .
أقولها صراحة لنعترف أننا لا نستطيع الاقتراب من طرح ومناقشة مثل هذه الأمور ولو في حوارات عقلانية جادة ، وإذا كان الأمر كذلك لماذا لا ندعو إلى الدولة المدنية من خلال هذا التوافق الذي نعيشه ، والذي ألفناه جميعاً ، وأصبح يمثل تركيبتنا السياسية ، والاجتماعية ، والأخلاقية ضمن سلطة القانون ، وسيادة الفكر ، بعيداً عن التعصب الديني ، أو القبلي ، ونكون بذلك قادرين على مخاطبة الآخر بلغة حضارية ترتقي بأبجديتها إلى عمق إنسانيتنا ، غير تاركين لما نؤمن به من مفاهيم دينية تؤطر علاقاتنا الاجتماعية الخاصة فيما بيننا ، ولا لثقافة أخلاقية تربينا عليها وأصبحت تمثل شخصيتنا العربية بعمقها التاريخي ، والإنساني .


 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات