أليس فيكم رجلٌ رشيد ?!

- لسان حال الشعوب العربية الثائرة والهامسة والصامتة تجاه حكامها, القول أليس فيكم رجلٌ رشيد بخصوص الموقف من مطالبة الشعوب لحكامها بالرحيل أو بالتغيير أو بالإصلاح, بعد مرور ما يقارب الستة عقود من السنين العجاف التي أكلت اللحم ولعقت الشحم ودقت العظم.
كان من الأجدر بالحكام العرب أن يستيقظوا على قرقعات بطون الجائعين, وأنين المظلومين المكبوت, وابتهالات الثكالى والأرامل في جوف الليل, ونظرات الأطفال الخارقة للجدران, أمّا وقد حرموا من نعمة الحسّ المرهف, كان ينبغي عليهم أن يعترفوا ويقفوا وقفة العقلاء أمام الإعصار المتصاعد بقوة في نفوس الجماهير الممتدة على الرقعة العربية كلها من المحيط إلى الخليج وقد فات الأوان للعب على حبل المماطلة والخداع والتضليل من أجل كسب الوقت وكل الأوراق معاً في آن واحد, وهذا ضربٌ من المستحيل.
لقد فات وقت الخيارات, ولم يبق إلاّ خيار واحد; وهو إعادة الأمانة إلى أصحابها متمثلةً بالاستجابة التامّة والفورية والحقيقية لمطالب الشعوب العادلة, المتمثلة بالحق بإقامة أنظمة ديمقراطية والحق بالتمتع بالحرية والكرامة واحترام الإرادة الجامعة, والحق بالمشاركة في إدارة شؤون الدولة وحفظ مقدراتها.
لم أستطع مثل غيري من المواطنين العرب الإجابة على سؤال لماذا لا يستجيب الزعماء لمطالب شعوبهم العادلة والجادّة والحاسمة والماضية نحو غاياتها بكل السبل المتاحة?! لماذا لا يعمد الحكام العرب إلى اختيار المركب السهل والمسار الأقل تكلفة والأقل ضرراً والأقلّ تضحيات?! ولماذا لا يقود الزعماء حركة التغيير بأنفسهم ويشرفون على عملية انتقال السلطة بشكلٍ سلميّ أو أن يعمدوا إلى إجراء جراحة عميقة في أنظمتهم السياسية تنقلها إلى الوضع الديمقراطي, عبر إصلاح دستوري جوهري من خلال انتخابات نزيهة, ولماذا لا يسارع الزعماء العرب إلى اقتناص هذا الشرف, والاستيلاء على قلوب الجماهير وكسب ودهم واحترامهم, بعد الاعتراف بالخطأ وإعادة الحقوق إلى أصحابها برجولة وشجاعة وجرأة وشرف, وعندها سوف يكسبون المجد من كلّ أطرافه, بدلاً من اللعنات والمطالبة بالإعدام, أو القيام بالإعدام على قارعة الطريق, كما حدث مع القذافي.
وأنا على يقين أنّ الزعيم العربي الذي يقوم بهذه الخطوة الجريئة سوف ترفعه إلى مكانةٍ عالية في نفوس الجماهير, وسوف يصبح قديساً يزار من العامة وسوف يسجل التاريخ تجربته بحروفٍ من نور, وتكون تجربة سياسية تُدرّس في الجامعات, ولكن هيهات!!.
الشعوب العربية تقول بلسانٍ واحد: أليس فيكم رجلٌ رشيد?! .(العرب اليوم )