استقالة رئيس الجامعة الأردنية بين الحقيقة والخيال
المدينة نيوز – خاص - أ. د. عبد المهدي السودي - : تعرضت إدارة الجامعة الأردنية في السنوات الخمس الأخيرة إلى سيل من التغيرات غير المبررة على مستوى الرؤساء ونواب الرئيس والعمداء. وقد ساهمت نلك التغييرات في إشاعة أجواء من عدم الاستقرار النفسي والوظيفي للمسئولين الإداريين من الأكاديميين والموظفين انعكست بصورة سلبية على سمعة الجامعة والأداء الأكاديمي والإداري لمختلف المسئولين في كليات وأقسام الجامعة بشكل عام وعلى المخرجات التعليمية بشكل خاص. ورغم وجود أكثر من إلف من خيرة الأساتذة الأكاديميين في الأردن إلا أن الحكومة قامت بتعيين الرئيس الحالي من خارج الجامعة مما أشاع جوا من الرفض وعدم الرضا بينهم. وفي اقل من عام على تعينه رئيسا للجامعة قام الرئيس بخطوة غير مسبوقة بالطلب من جميع نواب الرئيس والعمداء تقديم استقالاتهم بالصيغة التي أملاها عليهم في إحدى جلسات مجلس العمداء دون إبداء الأسباب. وقد استجاب المسئولين صاغرين لطلب الرئيس وقدموا استقالاتهم مما خلق جوا من الاستياء للطريقة المهينة التي استخدمها الرئيس معهم لتقديم استقالاتهم من مناصبهم بطريقة قسرية. والمصيبة الكبرى أن نهج التغييرات غير المنطقية وغير المبررة التي لحقت بإدارة الجامعة الأردنية قد أضرت بدرجة كبيرة بالأوضاع الإدارية والأكاديمية وضربت عرض الحائط بفكرة الاستمرارية المؤسسية في العمل الإداري والمالي في الجامعة الأردنية لدرجة انه لم يعد من الممكن للأساتذة والعاملين متابعة تلك التغييرات أو فهم أسبابها أو مبرراتها.
وقد شكلت مسألة الغموض في استقالة رئيس الجامعة الأردنية الحقيقية أو الإشاعة إرباكا كبيرا على المستوى الإداري وفي أوساط أعضاء الهيئة التدريسية وبقية الموظفين في الجامعة بين مصدق ومكذب ومتسائل عن المبررات الحقيقية أو الافتراضية مما خلق جوا من الإشاعات والتفسيرات التي لا تنتهي والتي تراوحت بين إرجاع الاستقالة لأسباب مالي وأداري إلى أسباب شخصية أو تولي منصب أفضل في إحدى المؤسسات الدولية أو بناء على نصيحة وطلب من قبل إحدى اللجان البرلمانية أو الجهات الحكومية واثر كل ذلك بصورة سلبية على سير العمل والعملية التعليمية وسمعة الجامعة الأردنية.
وقد جاءت الاستقالة بصورة مفاجئة ودون مبررات أو أسباب حيث لم يقم رئيس الجامعة بتوضيح الأمر بصورة رسمية, وترك الجامعة تغرق في أجواء من الإشاعات والتخمينات والإرباك في العمل وانشغال الأساتذة والموظفين بتلك الإشاعات وحول أمر الاستقالة هي حقيقة أم خيال. ومما زاد من جعل مسألة الاستقالة اقرب إلى الدراما أنها جاءت عكس كل الأعراف الوظيفية الأردنية التي تشير إلى انه لم يسبق أن قام مسئول أردني بتقديم استقالته بصورة طوعية حتى ولو كان رئيس خدم أو ورشه فنية فكيف والوظيفة هي رئاسة أقدم واهم الجامعات الأردنية. وما زاد من غموضها تسريبها لوسائل الإعلام تارة من اجل استلام وظيفة في مؤسسة عالمية وأخرى لأسباب شخصية وبغض النظر عن الحقيقة فقد قد خلقت سيلا من التكهنات والإشاعات أضرت بسير العمل. ومما جعل الاستقالة اقرب إلى العمل الدرامي قيام بعض الموظفين الأسبوع الماضي بدافع من أنفسهم أم بتشجيع من غيرهم بالتجمع والمطالبة بعدول الرئيس عن الاستقالة وحضور الرئيس وإلقاء كلمة أمام المتجمعين أشار فيها كما سمعت إلى أن الاستقالة هي لأسباب شخصية وأنها بيد مجلس التعليم العالي. ولا يعرف سبب تجاهله إلى مجلس أمناء الجامعة الذي يفترض أن تقدم الاستقالة لهم على ما أظن. والملفت في أمر تجمع بعض الموظفين هو أول تجمع من نوعه في تاريخ الأردن يطالب بعدول المسئول عن الاستقالة إذ أن العرف الدارج هو إن نسمع الزغاريد ومظاهر الفرح وتوزيع الحلوى بعد استقالة أي مسئول مما يوحي بأن الذين تجمعوا أمام رئاسة الجامعة هم من الذين استفادوا من التعيينات والمناصب بأي شكل من الأشكال وبخاصة أننا شاهدنا حشدا أخر وفي خلال أسبوع يحتج على نفس الإدارة التي لا تنصفهم ولا تعطيهم حقوقهم وبأن بعضهم قد تعرض لعقوبات من جراء المشاركة في المسيرة الاحتجاجية ولو أن إدارة الجامعة قد نفت ذلك.
وبناء على ذلك فالرئيس مطالب اليوم بتوضيح حقيقة هذه الاستقالة بصورة رسمية للعاملين في الجامعة الأردنية وللرأي العام وان صحت الاستقالة أن يكلف احد نواب الرئيس بالقيام بواجبات الإدارة حتى تبدأ الجامعة الفصل القادم بكل جداره ومهنية.