حماس والأوراق الملكية!!!
- تحدث الملك عبدالله الثاني عن ثلاثة أوراق إستراتيجية يمكنه أن يستثمرها لإنجاح مفاوضات عمان وتحريك الواقع الحالي الجامد في عملية السلام، وهذه الأوراق تتعلق باتفاقية وادي عربة واحتمالات تجميد العلاقات تماما مع إسرائيل إضافة لورقة التقارب مع إيران والموقف السعودي والمعارضة الأردنية الداخلية.
وفي ظل التعنت الإسرائيلي الذي يحتل الأرض ويشطب الحقوق وأفشل مسيرة التسوية والمفاوضات، وجهود اللوبي الصهيوني المتواصلة في الضغط على الإدارة الأمريكية لفرض مشروع الوطن البديل على الأردن والفلسطينيين؛ والذي يبدو التزام الإدارة الأمريكية بتحقيقه من خلال الترغيب بالمقابل المادي للدولة الأردنية أو الترهيب من خلال تحريك الشارع الأردني باتجاه الفوضى لتقويض دعائم الدولة الأردنية وإضعاف نظامها السياسي!!!.
في ظل هذا التهديد الخطير للنظام السياسي الأردني، تأتي أهمية الأوراق الملكية ولعل أهمها على الإطلاق احتواء المعارضة الأردنية الداخلية؛ والتي يشكل الإسلاميون أكثر من 40% من حجمها الفعلي؛ وعليه لابد من تسريع إجراءات تطبيع العلاقات وتطويرها مع حركة حماس، خصوصا أن حماس ترفض رفضا قاطعا كل مشاريع التوطين والوطن البديل، وتصر على استعادة الحقوق الفلسطينية غير منقوصة لتكون فلسطين هي فلسطين والأردن هو الأردن؛ وما يعني ذلك من تصويب العلاقة مع الحركة الإسلامية الأردنية التي تلتقي مع حماس في مواقفها المبدئية؛ بالمقابل فهناك حراك مهم للعشائر والقوى الوطنية الأخرى ومنها المتقاعدين العسكريين؛ هذه الشريحة لا يستطيع أحد التشكيك بولائها وانتمائها؛ كيف لا وقد قدمت التضحيات الجسيمة من أجل الوطن ومازالت تشكل صمام أمان لمنعة الأردن وسيادته؛ لذلك من الأهمية بمكان أن تبقى هذه الشريحة محل اهتمام وتقدير الدولة؛ وربما يكون مناسبا في هذا الوقت بالذات الاستفادة الكاملة من شريحة المتقاعدين العسكريين في بناء جيش شعبي مسلح ليكون رديفا قويا للجيش النظامي وبذلك تصبح الورقة ذات قيمة إستراتيجية في اللعبة القادمة!!!.
من جهة ثانية؛ يمكن للملك استثمار الحراك السياسي الداخلي للضغط على إسرائيل، من خلال تسريع وتيرة الإصلاح ومكافحة الفساد والمفسدين والإطاحة الفعلية برؤوس يعتبر القرب منها خطا أحمرا؛ وهي معروفة لدى الشارع الوطني!!!، ومصادرة الأموال والممتلكات التي نهبها هؤلاء"الدجتاليون "من الشعب الأردني، وإعادتها لخزينة الدولة؛ مع ضمان إجراء انتخابات نزيهة وشفافة بالشكل الذي يضمن وقوف كافة القوى الوطنية إلى جانب النظام وبالتالي تفويت الفرصة على المحاولات الصهيوأمريكية من اختراق الحراك السياسي واستثماره لتحقيق الفوضى غير الخلاقة التي أسموها" الربيع العربي!!!".
أما ورقة الموقف السعودي؛ والذي يراهن عليها الملك؛ فتكمن بعدم تفويت الفرصة للإسرائيليين والإيرانيين بالإنفراد بالأردن؛ من خلال استثمار الحراك الشعبي وتردي الوضع الاقتصادي للمملكة؛ فمن المنظور الإستراتيجي الخليجي والسعودي على وجه الخصوص، يعد دعم الأردن اقتصاديا مطلبا لحماية الأمن الخليجي؛ والأمن الوطني السعودي بشكل خاص ؛ فالأردن يقف على أطول خطوط المجابهة مع الكيان الصهيوني؛ وعلى أطول خطوط المجابهة الفكرية مع إيران؛ على اعتبار أن العراق أصبح تحت الاحتلال الفكري الإيراني؛ وإذا تعرض الأردن – لاسمح الله – لأي اختراق، عندئذ يكون الأمن السعودي وبالتالي الخليجي في خطر!!!.
إن النجاح في استخدام الورقتين السابقتين يعني حكما تقويض اتفاقية وادي عربة وبالتالي تجميد العلاقات بشكل كامل مع إسرائيل وهذا يعني الانتقال إلى مرحلة اللاسلم واللاحرب في العلاقة مع إسرائيل؛ الأمر الذي يزيد من عزلتها في المنطقة ويمهد لإعادة الحرب الباردة بينها وبين دول عربية ومنها الأردن ؛ بحيث ستنتقل وبشكل تدريجي من حالة الاعتدال إلى الممانعة؛ مما ينذر بعودة الصراع إلى ذروته بين الطرفين وهذا الذي لاتريده إسرائيل.
الأوراق الملكية إستراتيجية بامتياز؛ ولكن المهم في الأمر متى وكيف وأين يتم استخدامها !!!؟.