إنتاج مجتمع الكراهية..

- وظيفة الكتاب والمفكرين, وأصحاب القلم, والعقلاء والسياسيين على الجملة, بناء المجتمع وتنميته, وصياغة الوحدة الوطنية, وتمتين النسيج الاجتماعي, ومقاومة الثغرات الطائفية والدينية والمذهبية, والجهوية, وكل النزعات التفريقية, وتقوية نوازع الوحدة, ونشر بذور التسامح, وتعظيم مساحات التوافق وتوسيعها, وتطبيق نقاط الاختلاف ومحاصرتها, وتربية الأجيال على تقبل الآخر, وتقبل الرأي المخالف, وتنمية مهارات الحوار العقلاني الهادئ, الذي يعتمد على منافسة الأفكار والمضامين, وتقليل الاعتماد على البعد الشخصي, وتدريب مهارات الشباب على حل المشكلات وليس إيجاد المشكلات وتعطيلها.
ومن يحتل زاوية من صحيفة, أو مساحة من مجلة مقروءة, أو له دور في برنامج يطل به على المشاهدين من إحدى الفضائيات, أو يسر له برنامج إذاعي يسمعه المواطنون, عليه أن يدرك انه يحتل رقعة من الوطن, ورقعة من الملك العام, الذي يجب إشغاله بالخير وتحقيق المصلحة, وتعظيم النفع, ومعالجة الاختلاسات, والأفهام الخاطئة.
المجتمعات الراقية والمتحضرة والمتقدمة, تسعى دوما لإيجاد مجتمع المودة والاخوة, مجتمع التسامح والتعارف والتقارب, مجتمع التشارك وتقبل الآخر, مجتمع الاحترام المتبادل, مجتمع الرفق واللين والعفو, الذي يوّلد السعادة وينشر الراحة, ويعزز الأمن ويصون الاستقرار, مما ينعكس على المجتمع كله, ليصبح أكثر إنتاجاً وأكثر رفاهاً وتقدماً وازدهاراً.
لماذا يعشق بعضهم النكد, ويتلذذ بإثارة الفتنة, ونشر البغضاء, وتقطيع الأرحام, وإنتاج مجتمع الكراهية والحقد, الذي يؤدي الى الانفجار في كل لحظة احتكاك, أو تواصل, ويعشق بعضهم صب الزيت على نار الفتنة, ويكثر من توزيع الاتهامات, وخلق المؤامرات, ونشر الأكاذيب وتلفيق الإشاعات, وتشويه الآخر وحرق صورته بالحق والباطل, والعاطل وسوء الظن والغيبة والنميمة الملعونة.
المدارس والجامعات والإذاعات والفضائيات والصحف والمجلات, تتحمل مسؤولية كبيرة نحو مجتمعاتها وأوطانها وتتحمل مسؤولية أكثر حساسية تجاه الشباب والأجيال الغضة, التي يجب أن تعد للبناء وليس للهدم, للتنمية وليس للتأخر, للتعاون المثمر وليس لإنتاج العنف والنزاع الجاهلي المدمّر.. إني على يقين أن هناك بعض الجهات تسعى لإثارة الفتنة, وتسعى لإثارة الفرقة, وتغذية التعصب, بطريقة ممنهجة في الجامعات والملاعب, والنوادي والشوارع, لأنها تعتقد أنها الوسيلة الناجحة في مقاومة الخصوم السياسيين وعرقلة القوى السياسية القادة لا محالة.(العرب اليوم)