ولادة ـ قصة قصيرة جدا
جاءها المخاض مُبكراً , كأنّ الخوف سبب ذلك , وبعد جهدٍ غير قليل تمكن زوجها من إحضار القابلة ,وراح ينتظر في الغرفة الثانية.
صرخات زينب استغاثةٌ بمن في أحشائها ,وحبات عرقها غيمة فرجٍ قادم , وأنفاسها التي تكبتها ألماً وداعٌ لعتمة ليلٍ طويل .
طال انتظاره , نظر من النافذة فرأى امرأة تُغتَصب جَهرةً ,ورجلاً مُقيَّداً يسير متقدماً جندياً سلَّط على رأسه البندقية , ولم يمنعه من متابعة مايجري سوى كثافة الدخان المتصاعد من حريق المزرعة المجاورة !
تعالت صرخات زينب في تلك اللحظة ,واختلطت في أذنيه بعويل النساء وبكاء الأطفال في الخارج ,إلا أن أصوات القصف والعيارات النارية , وخطوات الجنود بأحذيتهم الثقيلة قد طغت عليها , وغَدَت صرخاتُها تخفتُ شيئاً فشيئاً إلى أن توقفت .
ـ " هل قامت سالمة ؟ " سأل القابلة متلهفاً ...
ـ "الحمد لله " ....
ـ "ماذا أنجبت ؟ "...
ـ "صبي " ....أجابته بعينين استقر فيهما الحزن والاستغراب .
أقلقته نظراتها , فهرع إلى غرفة زينب وكشف عن الطفل , فإذا به طفل رأسه لسان ..يداه مبتورتان..يصرخ ولا يسمعه أحد !!!
من مجموعة ـ فلسفة البياض