المنهج النبوي في محاربة الفساد!!!
- يُعدُ الفساد المالي والإداري والسياسي الذي اجتاح مملكتنا في السنوات السبع العجاف المنصرمة ظاهرة مقلقة وهو إنحرافٌ عن الخط القويم الذي رسمه رب العباد سبحانه وتعالى ونبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم لمن يتولون أمانة المال العام ومسؤوليات البلاد والعباد، إذ أن الفساد جريمة في كل القوانين والشرائع السماوية وغير السماوية ، وقد صنفت الشريعة الإسلامية جرائم الفساد في خانة الكبائر، واستحق مرتكبوها اللَّعنة والوعيد بالعذاب، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري في صحيحه:"إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة ".
وتذكر الروايات في السيرة النبوية قصة الصحابي الذي استعمله الرسول- عليه السلام- في جمع الصدقات؛ فجعل يخلط بينها وبين الهدايا التي تقدم إليه ومن غير قصد منه؛ الأمر الذي أغضب رسول الله عليه السلام؛ فخطب قائلا: "...ما لرجال نستعملهم منكم على عمل ثم يأتوننا بالقول:: هذا لكم وهذا أهدي إلي؟! أفلا قعد في بيت أبيه وأمه ثم نظر هل يُهدى إليه أم لا؟". ثم قال -عليه الصلاة والسلام-: "ألَا من استعملناه منكم على عمل فليجئ بقليله وكثيرة ، فإن من كتمنا مخيطا فما فوقه فهو غلول يأتي به يوم القيامة". والله جل وعلا يقول: " وَمَنْ يغلُلْ يأتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ"، وبيَّن عليه السلام- في هذا قاعدة، قال: "أفلا قعد في بيت أبيه وأمه ثم نظر هل يهدى إليه أم لا؟".
ولو تساءلنا عن الأموال التي نهبها بعضا من كبار المسئولين الأردنيين؛ سواء ببيع أصول الدولة أو المتاجرة بجنسيتها والتلاعب بالاتفاقيات التي أذلت المواطن.....،ألا يشكل ذلك خيانة عظمى تستوجب القتل رميا بالرصاص في الساحة الهاشمية وعلى رؤوس الأشهاد!!!؟.
يقول صلى الله عليه وسلم في إحدى خطبه: " فوالذي نفس محمد بيده لا يغل أحدكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، إن كان بعيرا جاء به له رغاء، و إن كانت بقرة جاء بها لها خوار، و إن كانت شاة جاء بها تيعر. اللهم قد بلغت".
إن كان في منهج النبوة أن من يغل بعيرا سيأتي به له رغاء؛ فكيف سيأتي الذي نهب المليارات من أموال الشعب !!!، وكيف سيحمل على عنقه الثروات الوطنية التي باعها بسعر بخس، وحرم ستة ملايين مواطن لهم الحق فيها؟!!!.
في عهد الفاروق- رضي الله عنه- عندما جيء بسواري كسرى وتاجه المرصع بالجواهر، وما أن إستلمها عمر حتى نظر إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنهما وقال له: قوما أدوا هذا لأمناء...فرد عليه علي رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين! عففت فعفت رعيتك ، ولو رتعت لرتعت رعيتك!!!.
هل عف بعض كبار المسئولين في مملكتنا عن سلب أراضي الدولة، قائد الجند في دولة الفاروق لم يمد يده على أرزاق العباد ولم يكن تاجرا!!!، قائد العسس في دولة العدل لم يزور إرادة الشعب ويسخر مقدرات الدولة لخدمته الشخصية!!!،ناظر ديوان الفاروق لم يتاجر بالبشر !!!، نعم في منهج النبوة"قوما فعلوا هذا لأمناء"، وبالمقابل فإن قوما غير أمناء تولوا كثيرا من مؤسساتنا الوطنية؛ فعاثوا فيها الفساد؛ وخانوا ثقة سيد البلاد!!!.
يروى أن البهلول دخل على الخليفة المتوكل فقال له المتوكل : كيف ترى قصري هذا ؟ قال حسن لولا عيبان قال : وما هما ؟ قال: إن أنفقت فيه من المال الحلال فأنت مسرف , والله لا يحب المسرفين, وإن أنفقت من المال الحرام فأنت خائن, والله لا يحب الخائنين.
ولا ندري ماذا سيقول ابن الطفيلة وعجلون والبقعة، وكل بُقْعَةٍ في أردننا الطهور لساكني قصور دابوق؛ ممن أمنهم ولي الأمر على خدمة البلاد والعباد؛ فإن كانت قصورهم شيدت بالمال الحلال؛ونشك بذلك؛ فإنهم من المسرفين، وإن بنيت بمال الشعب،وهذا الأرجح ، فهم خون !!!، وفي كل الأحوال ؛ لا أعتقد أن شعبنا الأردني سيكتفي بإحالة الخونة للسجون ذات الخمس نجوم، وإنما إعادة أموال الشعب للشعب، فمنهج النبوة يقول:" لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها"!!!، وأمل الأردنيين بحفيد نبيهم تطبيق هذا المنهج العادل؛ والذي سيشكل مبادئ العقد الاجتماعي الجديد بين الشعب ومليكهم!!!.