اذا عطست سوريا سمع أهل الحجاز عطستها
"اذا عطست سوريا سمع أهل الحجاز عطستها " ، ذلك مثل شعبي مأثور، فسوريا هي قلب الشرق الأوسط الجديد والقديم على سواء، وما أن يتم أي تغيير في سوريا، حتى تتخلخل خارطة الشرق الأوسط برمتها، وذلك عبر حقب التاريخ كلها.
إسرائيل وظفت حالة عدم الاستقرار في سوريا لصالحها، حيث الاستيطان قائم على قدم وساق، ولم تعد الدبابة تحفر في عز الظلام، عندما يهجع العرب الى النوم، بل أصبح الفولاذ يُمارس سلطته على عيون الأشهاد، وفي عز ظهيرة صاقعة.
روبرت ماردوك هو اكبر فائز في هذه المعادلة التي تم رسمها مع نتنياهو، فشركة نيوز كوربوريشين، أكبر مُولدة اعلام في العالم، واعظم ماكينة تستثمرها الصهيوينية المعاصرة، تمارس عملها بقوة في الساحة العربية، وذلك بواسطة اذرعها الأقل بؤساً، وأقصد صحيفة التايمز والتليغراف، وحتى التايمز الصينية، التي هي من ممتلكات ماردوك الثمينة في أسيا.
ما يجري في سوريا مرر أجندة صهيونية في وقت تنشغل فيه الميديا العالمية بالربيع العربي- الاسرائيلي، وما التحالف الأسلاموي –الاميركي، عبر خط قطر- انقرة- واشنطون، إلا أداة من أدوات غسيل الكيان القديم، واستبدال خطوط العرض القديمة بأخرى حديثة ومُدجنة بالسيرك الصهيوني.
ما يخص سوريا في هذه اللحظة أصبح يخص السياسة الاقليمية والدولية أيضاً، فاحدى عواصم الشرق – بغداد- تم التخلص منها، وسط تعتيم اعلامي وسياسي منظم، وبتواطىء من الانظمة العربية، مما أفضى الى تكريس الوعي بأبعاد العواصم التاريخية في اللاشعور عند النخبة والعوام على سواء، ومن هذه المنطلقات تحولت القضية السورية الى مطلب وطني وقومي وعروبي، يخص كل بلد مثلما يخص سوريا.
واذا استعرضنا المشهد الذي يُبث الأن بالدم والعظم الحي، بحيث تظهر الميليشيات والبلطجة وتتجسد بأقسى صورها في سوريا، والتدخل اللبناني – القطري السافر في الشان الداخلي لسوريا، والانتقام من النظام البعثي من قبل حركات التشدد، سواء كانت أسلاموية –حماس أو حزب الله- او يسارية ، بحيث كانت الموجة العارمة في سيتينيات القرن الماضي بين البعث وتلك الاحزاب، والتي وصفها سعد جمعة بانها دموية، كما تظهر العوامل التحتية من استغلال ظاهرة السفك التي كان يمارسها البعث العراقي، في شحد لهمم الاعلام للانتصار للمجلس الانتقالي السوري بزعامة المفكر برهان غليون.