الشرطة فى حماية الشعب

تم نشره الإثنين 06 شباط / فبراير 2012 02:44 مساءً
الشرطة فى حماية الشعب
محمد أبو راشد المرصفى
إن أكثر مبكى و مضحك فى نفس الوقت الآن فى مصر هو إفتخار الرسميين فى مصر بدور الشعب المصرى الأصيل فى حماية مراكز و مديريات الأمن. فقد جربت شرطة مبارك الكثير من الشعارات لعلها تستطيع أن تتعايش مع الوضع الجديد بعد الثورة و لكن جميع المحاولات باءت بالفشل. لكن أخيرا نجح شعار "الشرطة فى حماية الشعب". فبعد تزايد الهجمات (بغض النظر عمن ورائها) أصبح حماية المراكز الأمنية عبئاً يتحمله سكان الأحياء المجاورة. و هذا و الله أغرب سياسة أمنية فى العالم. حيث الأجهزة المنوط بها مهاجمة أوكار المجرمين تتعرض للهجوم فيخرج المدنيون لحمايتها.
إن الذى أوصلنا لهذه المرحلة هو سياسة صم الآذان التى يتبعها المجلس العسكرى فى التعامل مع وزارة الداخلية. فللأسف لايفهم المجلس العسكرى حقيقة هذه العلاقة.
إن علاقة الشرطة بالشعب المصرى مشابهة تماما للقصة المشهورة التى جمعت بين حية و زماراً. عندما إعتادا أن يتكسبا سويا حتى جاء اليوم الذى قتلت الحية إبن الزمار فحاول الزمار قتلها و لكن لم ينال منها إلا أنه قطع ذيلها. ثم حاول أن يعود بالأمور إلى ماكانت عليه ليتكسبا رزقهما معاً ثانيةً كما كانا يفعلا فى الماضى فردت عليه قائلةً "لا يمكن أن تنسى أنت دم إبنك و لا أستطيع أن أنسى أنا قطع ذيلى".
لايمكن أن ينسى الشعب المصرى الأفعال الإجرامية للأجهزة الأمنية على مدى 30 سنة من حكم مبارك. كيف ينسى المصريون مئات القتلى فى السجون وعشرات القتلى فى الشوارع ؟ كيف ينسى المصريون التشريد و السجن و الحرمان من الوظيفة ؟ كيف ينسى المصريون المئات الذين سقطوا فى أحداث الثورة المصرية و لم يتم القصاص من المجرمين حتى الآن؟
هل يمكن أن تطلب منى كمصرى أن أتعاون مع هذه الأجهزة و فيها من فيها كما هو لم يمس. كيف تطلب منى التعاون مع الأجهزة الأمنية و أنا متأكد أن الشرطة متورطة تماماً فى الكثير من الحوادث بعد الثورة ؟ بل على العكس تماما تجد هؤلاء المجرمين يستفزون الشعب المصرى فى التظاهرات بالإشارات الخارجة و فى المحاكمات بتحدى أهالى الشهداء و المصابين. وتقوم الوزارة كما كانت دائما بالتستر على هؤلاء المجرمين و إفساد القضايا بل و دفع أموال رسمية لبعض أسر الضحايا أو الشهود لتغيير أقوالهم لإفساد القضايا.
نظرة الشعب المصرى لهذه الأجهزة : المصريون يعتبرون أن الثورة كانت معركة بينهم كشعب و بين أجهزة أمنية متغولة أذاقتهم الويلات. و كانت نتيجة هذه المعركة هى هزيمة هذه الأجهزة. وكانوا يتوقعون حساباً عسيراً و نهاية لهؤلاء المجرمين. و لكن حصل مالم يكن فى الحسبان فمازال هؤلاء المجرمون فى مواقعهم الوظيفية ويتم ترقيتهم. و تثبت الحادثة تلو الأخرى أن هذه الأجهزة مازالت على كبرها و تتولى النظام السابق. وكل مصيبة جرت بعد الثورة تتجه أصابع الإتهام سواء بالحق أم بالباطل نحو هذه الأجهزة. كيف تطلب من المصرى التعاون مع هذه الأجهزة و هو يرى قاتل أخيه فيها ؟ كيف تطلب من المصرى التعاون معها وهى كما هى بعلاماتها و رتبها و نفس الوجوه ؟ لقد سقطت هذه الأجهزة من حسابات الشعب المصرى و طوى صفحتها للأبد.
نظرة الأجهزة الأمنية للشعب المصرى : بالتأكيد هناك بعض الشرفاء فى الأجهزة الأمنية لكننا نتكلم عن الأغلبية و عن السياسة العامة. حتى أن عدم الإصلاح يضعف موقف الشرفاء فى هذه الأجهزة. أعضاء هذه الأجهزة كانوا من صفوة أولاد أعضاء النظام السابق. فهم ينظرون إلى سقوط النظام من زاويتين. الأولى يرون سقوطه سقوطا لهم فهم جزء من النظام ويشعرون بالهزيمة و الثانية يرون أنهم كانوا مجبرين على هذه الممارسات و أن على الشعب التجاوز عنها و العفو. و لكن كلا الفريقين يجمع على المشاركة فى السياسة العامة لوزارة الداخلية التى ترتكز على مرتكزين:
•         عدم عقاب أى من المتورطين فى القتل أثناء الثورة بدعوى أنهم إما كانوا ينفذون الأوامر أو أنهم كانوا يدافعون عن المراكز
•         ضرورة إطلاق حرية الشرطة فى العمل على غرار أيام المخلوع لإستعادة الأمن و فرض هيبة الشرطة
وفى سبيل ذلك فهم يخوضون حربا قذرة على المجتمع بالتكاسل عن أداء واجبهم فى إستعادة الأمن و يمرون بدورات من العزوف عن العمل أو العودة بإجراءات شكلية لاتسمن و لا تغنى من جوع.
فساد وجهة نظر الأجهزة الأمنية : لن يكون هناك جهاز شرطة فى مصر إلا بعد القصاص من قتلة الشهداء و محاكمة المجرمين الذين ساموا هذا الشعب سوء العذاب. تطهير الشرطة مطلوب قبل حملها على الأعناق. أما مبرر تنفيذ الأوامر فهو عذر أقبح من ذنب و يعنى أنهم على إستعداد للإنقلاب على الشعب بمجرد وجود الفرصة المواتية. أما عن ما يسمى حرية العمل و الدعم فهذا لن ينالوه أبدا ماداموا لم يطهروا صفوفهم من القتلة و المجرمين. عندما يكون لدينا جهاز شرطة من الشرفاء سنقوم بتسليمهم دبابات و ليس سيارات فقط و نرفعهم فوق رؤوسنا.
فلسفة تعويم الأجهزة الأمنية : ظن المجلس العسكرى أنه بإعادة تشغيل هذه الأجهزة و قيامها بواجباتها وظنوا أن الوقت كفيل بإعادة تقديم هذه الأجهزة للشعب. المشكلة أن هذه الأجهزة غارقة فى الوحل من داخلها. فهذه الأجهزة غامرت بأمن هذا الشعب بالدخول فى موجات من الإنسحاب و الإضراب المقنع. يا سادة أعضاء المجلس العسكرى لقد فقدت مصر الأمن. لو أنكم كنتم قد وافقتم على بعض الإقتراحات المقدمة من جهات عدة لكان لدينا الآن جهاز شرطة ثورى و تجنبنا هذه النكبات المتوالية.
خطورة الوضع الحالى : إن إستمرار حالة الفلتان الحالية يمكن أن تقود إلى نقطة اللاعودة للأمن. ففى ظل هذه الظروف تنموا ظاهرة العصابات المنظمة. بل يمكن أن تشهد هذه الأجواء تنظيمات كبيرة على غرار المافيا الإيطالية و الأمريكية و تصل لدرجة تعجز عنها الأجهزة الأمنية عن ملاحقاتها. إن جرائم الخطف قد شاعت و تجارة المخدرات منتشرة و قطع الطرق أصبح ظاهرة. ستكون هذه الظواهر تحديات عظيمة لأى جهاز أمنى مخلص لهذا البلد.
الحل : سيحاسبكم التاريخ فى تأخركم فى إعادة هيكلة وزارة الداخلية و التخلص ليس من الضباط المتهمين بل من الضباط الذين تحول حولهم الشبهات. ياسادة الجيش يحمل البلد أمنيا الآن فهذه فرصة لإعادة هيكلة وزارة الداخلية و الإسراع بتحويل الجهاز إلى مؤسسة مدنية تبدأ بإلغاء الرتب تمهيدا لتطعيم الشرطة بقيادات من خارج هذه الأجهزة. كما يمكن البدأ فى تأهيل بعض خريجى الجامعات عبر دورات تدريبيبة قصيرة تتم على مراحل لا تزيد عن شهرين فى كل مرة. وأفضل عناصر لذلك هم ضباط الإحتياط الذين على وشك الإنتهاء من خدمتهم العسكرية. فبهذه الوجوه الجديدة يمكن أن يعود الأمن أما الأجهزة الحالية فستغادر مواقعها عند صدور أحكام ضد الضباط المتهمين فى قضايا قتل الثوار أو عند تولى أول وزير مدنى لوزارة الداخلية
أما ترك الأمور كما هى فهذا فيه ضرر بالغ عاجل و آخر طويل المدى يجعل إعادة الأمن مهمة مستحيلة.
 


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات