مواطن سبعيني في اربد يعود اليه بصره بعد 15 عاما من العمى
المدينة نيوز- لم يكن يوم الثالث من شهر تشرين الثاني من العام الماضي يوما عاديا بالنسبة للسبعيني عبد الجبار حسين، ففي ذلك اليوم ارتد له بصره بعد عمى استمر (15) عاما حرمه من الرؤية التامة وكان يتمنى ان يرى آخر ابنين من أبنائه ألـ (27) حيث وصلا الى صفوفهما الدراسية الثامن والتاسع دون أن يشاهدهما.
ويقول عبد الجبار في معرض حديثه لـ"الدستور" في عام (1977) شعرت أن ترابا أو رملا دخل عيني اليمنى وفركتها لتبدأ معاناتي مع اضطرابات في الرؤية ورحلتي في مراجعة الأطباء والمستشفيات.
وفي عام (1978) أجريت لي عملية ترقيع قرنية في العين اليمنى في مستشفى مار يوسف في القدس علما أن عيني الشمال في الأصل مرهقة وأعاني من عدم وضوح في الرؤية فيها وعدت لعملي في التدريس .
في عام (1995) أصيبت عيني اليمنى بالتهابات شديدة منعتني من العمل في مطلع العام وبقيت في وضع مترد الى عام (1997) حيث فقدت البصر تماما ولدى مراجعتي المستشفى أخبرت أن عيني اليمنى التي اعتمد عليها أصلا في الرؤيا لا يمكن علاجها واقترح علي إجراء عملية في العين اليسرى وأجريت العملية في هذه العين في محاولة لإعادة تأهيلها إلا أنني وبعد هذه العملية فقدت البصر تماما في كلتا العينين .
وأضاف عبد الجبار ومنذ ذلك الوقت راجعت العشرات من الأطباء والمستشفيات وكادت أن تترسخ لدي قناعة انه لم يكن هناك أي أمل لعودة البصر الى عينيّ أو إحداهما إلا أنني لم استسلم .
وقال انه وفي إحدى الليالي كنت استمع الى برنامج عن طب العيون في الإذاعة واتصلت مع الطبيب المشارك في البرنامج لمراجعته في عيادته وعرضت حالتي عليه وارشدني الى احد الأطباء في مستشفى البشير حيث راجعته ولدى معاينتي اخبرني أنني أعاني من التصاقات في كلا العينين وعتاما وجفافا شديدا وبحاجة الى متابعة ويمكن بعد ذلك إجراء عملية ترقيع قرنية .
وأضاف حصلت من الديوان الملكي العامر على إعفاء لمدة ثلاثة شهور لمرتين متتاليتين ولم يحالفني الحظ في أن يصلني الدور أو أن تصل (حلقات وعدسات ) واستمريت في المراجعة عاما كاملا ثم أخبرتني إحدى الطبيبات انه لم يعد بالإمكان تقديم أي خدمة علاجية لي أكثر مما تلقيت فعدت الى طبيبي في مستشفى البشير (الدكتور اسماعيل أبو عرقوب ) الذي اخبرني بأنه يمكن أن تقدم لي خدمة علاجية من خلال استشاري طب وجراحة العيون في مستشفى الملك المؤسس في اربد الدكتور وسام شحادة وكنت اسمع لأول مرة باسم هذا المستشفى واستفسرت من الدكتور ابو عرقوب عن كيفية الوصول الى الدكتور وسام فابلغني انه يقوم بالتغطية يوما واحدا في الأسبوع في المركز الوطني لأمراض السكري والغدد الصماء في عمان .
وعند مراجعتي للدكتور وسام طلب مني مراجعته في المستشفى في اربد وحصلت على إعفاء ثالث من الديوان الملكي العامر وراجعت الدكتور وبعد معاينته لي اخبرني أنني بحاجة إلى زراعة قرنية ودخلت المستشفى وأجريت لي عملية وبقيت في المستشفى ثلاثة أيام لحين موعد إزالة الضمادات عن عيوني وأنا غير مصدق أنني سأرى ثانية .
وفي الموعد المحدد وعندما أزيلت الضمادات عن عيوني كانت ردة فعلي الأولى أنني سجدت لله شاكرا وقبلت الأرض وحمدت الله وأثنيت عليه وحاولت تقبيل يد الطبيب ومساعديه وكل من معه إلا أنهم رفعوني عن الأرض وعيون الجميع ملأى بالدموع والكل يلهج بالحمد والشكر لله .
وقال رفعت يدي ضارعا للمولى العلي القدير أن يحفظ جلالة الملك عبد الله الثاني الذي تكفل بنفقات علاجي ولولا شمولي برعايته السامية ما ارتد إلي بصري ثانية حيث كان ذلك صباح يوم (3) تشرين الثاني وشعرت أنني خلقت من جديد مع فارق أن الخلق الأول لم يكن الإنسان مدركا وواعيا لما يدور من حوله ولا يعرف قيمة البصر إلا من فقده .
وقال مستذكرا كيف كان يطلب العون من أهله وذويه الذين ما بخلوا عليه يوما ومن أصدقائه ، وقال أنني كنت أتألم عندما أريد الذهاب الى المسجد .. فأخرج إلى الشارع أسأل المارة بعد أن اسمع وقع خطواتهم الى أين هم ذاهبون فإذا ما اخبرني احدهم انه ذاهب الى المسجد رجوته أن يقودني معه الى المسجد وكثيرا ما كنت أصلي بخلاف الاتجاه الصحيح بالقبلة الشريفة وكان المصلون يصححون خطأي .
وسرد عبد الجبار الكثير من معاناته حتى وصل الى يوم خروجه من المستشفى يوم (10) تشرين ثاني الماضي فقال قمت بإجراء كافة معاملات خروجي من المستشفى والوصول الى مدينة اربد ومن ثم الى عمان ثم عدت الى منزلي سائرا على أقدامي وحيدا ، ولدى وصولي الحي شاهدني عدد من أحفادي فهرعوا إلي وحاول بعضهم إبلاغ أهلي في المنزل فوصلنا جميعا الى باب المنزل فكان الذهول على وجوه الجميع عندما شاهدوني عائدا وحيدا سائرا على قدمي دون مساعدة من احد وذلك بفضل الله عز وجل .
وقال عبد الجبار أن الهاشميين أهدوا لنا مؤسسات طبية نفاخر بها الدنيا، المدينة الطبية ومستشفى البشير ومستشفى الملك المؤسس وغيرها من المستشفيات والمراكز الطبية التي رفدوها بالكوادر الطبية والتمريضية .
واضاف أنني في كل صلاة ادعو لجلالة الملك بطول العمر وان يمتعه الله بالصحة والعافية وان يسدد على طريق الخير خطاه واشكر الطاقم الطبي والتمريضي والإداري في مستشفى الملك المؤسس عبد الله الجامعي على ما قدموه لي من رعاية فائقة.
من جهته قال الطبيب المعالج استشاري طب وجراحة العيون في مستشفى الملك المؤسس عضو هيئة التدريس في كلية الطب البشري في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية رئيس الفريق الطبي الذي أجرى العملية ويتابع حالة المريض الدكتور وسام شحادة ان عملية زراعة القرنية الصناعية تعتبر من التطورات الجديدة في جراحة العيون والتي تم تحديثها خلال السنوات الأخيرة ودخلت الأردن ولأول مرة قبل( 4 ) سنوات وان مستشفى الملك المؤسس ما زال المستشفى الوحيد الذي يقوم بإجراء مثل هذه العمليات وانه تم إجراء (25) عملية لمرضى فاقدي بصر والذين تمكن معظمهم بعون الله من استعادة بصرهم بحدة إبصار متفاوتة تتراوح بين( 10% الى 100%) .
وقال شحادة تعتبر هده العملية أفضل الخيارات للمرضى الذين يعانون من ضعف في حدة الإبصار نتيجة الرفض المتكرر لزراعة القرنية الطبيعية حيث ان القرنية الصناعية تتكون من مادة ألـ( PMMA) التي لا يكون الجسم ضدها اي تفاعل او رفض.
وبين أن المريض عبد الجبار كان يعاني من مرض نادر يدعى( OCP ) والذي يؤدي الى فقدان النظر نتيجة عتامات القرنية والتصاقات الجفون وقد باءت العمليات السابقة التي أجريت له بالفشل نتيجة رفض الجسم للقرنيات المزروعة فقمنا بإجراء قرنية صناعية له تكللت بحمد الله بالنجاح وعاد البصر له بعد( 15 )سنة من فقدانه .
وأهاب شحادة بالمواطنين التبرع بقرنيات المتوفين من ذويهم ، لافتا الى أن زراعة القرنيات الصناعية لا تتم إلا من خلال الاستعانة ببعض أجزاء القرنيات الطبيعية التي ما زلنا نستحضر غالبيتها من الخارج .
الدستور