مؤسسات مغلفة بشعارات لصالح الشباب
كثرت في الآونة الأخيرة ظاهرة استحداث مجالس جديدة تعنى بالشباب وتحمل أسماء تظهر هذا التوجه من مثل : المجلس الاعلى للشباب ، وهيئة شباب كلنا الأردن التي تعمل عكس ما جاءت من اجله ، وغيرها ...
والملاحظ أن انشغال الدولة بتشكيل وتكوين هذه الهيئات والمجالس والجمعيات وما إليها لم تصحبه إرادة موازية على أرض الواقع ، ولهذا حُق لنا التساؤل : ما الذي استفاده قطاع الشباب في الأردن, فعليا وعلى أرض الواقع من تعدد هذه الجهات
فنظرة إلى الواقع الشبابي تبين بوضوح أن لاشيء تم في هذا الاتجاه !! وخاصة أن أهم ما يحتاجه الشباب والنشىء الجديد هو بنية تحتية متفاعلة بدون عوائق إدارية تشمل على سبيل المثال الملاعب المفتوحة والساحات الشعبية ( المسروقة من المخططات حاليا لصالح طبقة من المنتفعين ) والصالات الرياضية العامة والنوادي ذات الاهتمام الحقيقي بالجوانب التربوية والاجتماعية والاقتصادية الخاصة بقطاع الشباب .
ما ينقص الشباب واقع أفضل يستجيب للطاقات الكبيرة المختزلة في نفوسهم, ما ينقص الشباب واقع يهتم بتلبية احتياجاتهم النفسية والفكرية بحيث يجدون متنفساً واعياً وصحياً يعينهم على مستقبلهم كما يشاؤون.
ما ينقص الشباب ليس أجساما إدارية هي أقرب للهياكل العظمية المتخلخلة منها إلى المؤسسة القادرة ، هياكل لا تسعى إلا إلى تكديس مزيد من المستندات الإدارية في إدراج المكاتب الفارهة ، بدون نفع حقيقي وجاد
شخصيا ً .. لست ضد الاهتمام بقطاع الشباب – وهذا طبيعي – ولكن ما الدور الذي لعبته هذه المؤسسات حتى الآن لصالح هذا القطاع الهام !! باستثناء إثارة مزيد من المشاكل للشباب بدلا من توفير حلول لمشاكلهم المتراكمة أصلاً .
فقد لعبت هذه المؤسسات التي جاءت لنصنع جيل من الشباب مدرك وواعي ومثقف, دوراً كبيراً في خلق العديد من المشاكل التي جعلت الشباب الاردني يبعد عن هذه المؤسسات وهذه مشاكل لاتزال قائمة إلى الآن .. فما الذي ستفعله هذه المؤسسات اتجاه غالبية سكان هذا الوطن العظيم ، فقد انحصر دورها في زيادة المشاكل التي تواجه الشباب – واقع حالها- بدلاً من حل المشاكل التي خلقتها الأجهزة والروابط الشبابية السابقة .
في اعتقادي أن الحكمة لا تكمن في كثرة أو سرعة إنشاء هذه المجالس أو الجمعيات ، وإنما الحاجة الحقيقية تكمن في توحيد الجهود والطاقات ، في تجميع كل هذه الإمكانيات المتفرقة على هذه الهيئات في جسم إداري واحد ، قادر على العمل بجد وإخلاص وفي ظل رقابة ما ، لكي لاينحرف عن جادة الصواب فيلجأ هو الآخر لعمليات سمسرة جديدة وبمسميات مبتكرة مغلفة بشعارات لصالح الشباب .
كما أن عمليات المتاجرة هذه ، وإن جرّت نفعا على بعض الشباب ، فهو نفع مرحلي قصير الأمد ، ويجب أن تنشغل هذه المؤسسات بما هو أهم ، مثل الحاجات ذات الأمد المتوسط والبعيد ، كالبنى التحتية المتعلقة بنشاطات الشباب الرياضية والفكرية وغيرها ، ما يعينهم على التفوق سواء الرياضي أو النبوغ الفكري و البحثي إلى غير ذلك ، ويبعدهم عن مزالق التهور وما أكثرها.