مصر وأمريكا!

تم نشره الإثنين 13 شباط / فبراير 2012 12:12 صباحاً
مصر وأمريكا!
خيري منصور

- الكتابة تحت عنوان كهذا تتطلب اطروحة من عدة اجزاء، بسبب طول وتعقيد العلاقة بين مصر وامريكا منذ ثورة يوليو العام 1952، وهي علاقة بها من المدّ والجزر والمخفي والمعلن ما يحتاج لفتح عدة ملفات اضافة الى ما هو مخبوء في الادراج من وثائق لم يسمح الكشف عنها بعد.

امريكا لعبت دورا حاسما العام 1967 ضد مصر لكنها قبل ذلك بأحد عشر عاما لعبت دورا مضادا لصالح مصر اثناء العدوان الثلاثي بعد اعلان تأميم القناة، وكانت التصريحات الحادة تصدر بتعاقب مثير من غرفة باردة في احد المستشفيات الامريكية حيث يرقد "دالاس" وقد لا تكون هذه العلاقة استثنائية بالنسبة لامريكا التي قلبت مرارا ظهر المجن للاصدقاء والحلفاء الصغار الذين استخدمتهم كما يفعل التمساح بالطيور الجائعة التي تنظف اسنانه بمقايضة غير مأمونة العواقبة، فكما ان التماسيح تتثاءب وتطبق الفكين المنشاريين غير عابئة بوعدها للطيور المسكينة فإن الولايات المتحدة لا تتردد في ذلك، لكن ليس بفعل التثاؤب بل لأسباب برغماتية خالصة هي من صميم استراتيجية واشنطن التي لم يتعظ حتى الآن من هم على موعد مع اسنانها الحادة مما حدث للضحايا من حولهم.

قيل العام 1956 ان امريكا كانت تبحث عن مكان تحت هذه الشمس الدافئة، والمياه الدافئة ايضا وكانت بعد خروجها من الحرب العالمية الثانية تسعى الى تنظيف البيت الدولي بكل ملحقاته كوريث للامبراطورية الدرداء التي غابت الشمس عنها لهذا لم يكن مفاجئا ان تستدير العام 1967 مائة وثمانين درجة لصالح اسرائيل وتهدد العام 1973 بإرسال كل ما من شأنه ان يطير الى تل ابيب انقاذا لها من هزيمة لم تكتمل بعد ثغرة الدفرسوار العسكرية التي سرعان ما تحولت الى ثغرة سياسية فكانت اتفاقية كامب ديفيد بمثابة مكافأة امريكية مزدوجة لكل من مصر السادات واسرائيل على نصف انتصار ونصف هزيمة لكل منهما، وهذا ما تجسد بعد ذلك بنصفين ايضا من جائزة نوبل.

 

ثمة من يرون الآن ان المجلس العسكري في مصر يسعى الى تصعيد التوتر مع واشنطن لأسباب محلية خالصة، منها اجتذاب الشارع الذي اوشك ان يفقده بعد ان هتف له بأن الجيش والشعب يدٌ واحدة، واغرق المتظاهرون الدبابات بباقات الزهور في بواكير ثورة يناير.

ولا ندري لماذا يتمحور الاختلاف والائتلاف معا بين القاهرة وواشنطن حول المساعدات الامريكية لمصر، رغم ان هناك محاور اخرى للعلاقات ومنها حسابات استراتيجية حول مستقبل مصر وامنها واطماع اسرائيل التي لم تلجم ولم تصل الى الاشباع بمعاهدة كامب ديفيد. وقبل اسابيع قليلة قال الصحفي الامريكي موتاس فريدمان انه التقى بزعماء من التيارات الاسلامية في مصر وفي اعقاب فوزهم في الانتخابات البرلمانية وانتهى الى حكم حاسم بعقلانيتهم وكان ما قاله عبر فضائية مصرية وفي صحيفة نيويورك تايمز بمثابة بشارة للولايات المتحدة عن هذه العقلانية السياسية للاسلاميين.

واذا صدقنا ما قاله فريدمان وما اشيع عن لقاء زعماء اسلاميين في مصر مع ماكين فإن هذا التيار ليس منافسا للمجلس العسكري في العزف على وتر العلاقات المصرية الامريكية والمعزوفة الاساسية على هذا الوتر هي الاستقلال والسيادة والخروج من معطف واشنطن.

ان لدى اعداد كبيرة من المصريين ومن مختلف الشرائح الاجتماعية والاطياف السياسية شكوكا في الموقف الامريكي. لأن الولايات المتحدة كانت الحليف الدافئ لنظام حسني مبارك على مدى عقود. وهم لم ينسوا بعد تصريحات اوباما قبيل الاطاحة بنظام مبارك عندما امتدح الاستقرار في مصر.. وقال بالحرف الواحد ان الوضع كما الأمن مستتبان في مصر.. ومصر بالنسبة للولايات المتحدة تعني الكثير، عربيا وافريقيا واقليميا.

كما تعني مستقبل الصراع العربي الاسرائيلي الذي لم تقدم كامب ديفيد بوصلية تأمين تاريخية مضمونة لإنهائه، فإسرائيل لا تكف عن الشكوى من فشل تطبيع العلاقات مع مصر رغم مرور عدة عقود على معاهدة السلام. وحين اختار اوباما جامعة القاهرة لإلقاء خطابه الشهير الموجه الى العالمين العربي والاسلامي عبر عما تعنيه مصر بالنسبة لبلاده واستراتيجيتها، وقد يكون من الصعب معرفة مستقبل العلاقات بين القاهرة وواشنطن لكن ما نحن متأكدون منه هو عدم بقائها كما كانت او على حالها!
 
(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات