سوريا أزمة أم مؤامرة

تم نشره الثلاثاء 14 شباط / فبراير 2012 01:43 صباحاً
سوريا أزمة أم مؤامرة
يســــار الخصاونة
أقولها صراحة ، ليس على سبيل المزايدة أو التنظير ، لا يوجد عربي واحد لا يحب سوريا والسوريين ، وما يحصل اليوم في سوريا أمر موجع لكل الأطراف . وأمر بحاجة إلى معالجة جذرية حتى تستقيم الأمور جميعها ، وهذا ذاته قد شكل من الأمة العربية حكومات وشعوبا خنادق مختلفة الأحجام والأشكال ، حتى باتت هذه الأمة مجموعات في تجمعها ، و تعددت فيها الاجتهادات والآراء حتى وصل الأمر إلى المصادمات في القول، والفعل ، وإلى التخوين، والتخوين المضاد ، فلم يعد بيننا من لم تصبه شائبة الخيانة ،سواء أكان مع النظام أو ضده، أو مع المعارضة أو ضدها ، وأصبحنا في حالة ليس من السهل أن نجتمع على أمر واحد، ولغة واحدة، وهدف واحد، بعد أن تعددت اللغات والأهداف، وسارت بها السبل سير العشوائية، والتخبط ، فما لنا والحال كذلك إلا أن نقف، ونعيد قراءة أوراقنا من جديد ، وقراءات المعطيات الحقيقية، على واقع الحال ذاته وأصبحنا في حاجة إلى تحديد هوية هذا الأمر الذي فرقنا، هل هو مؤامرة أم أزمة ؟، ولكل حالة معطياتها وطرق قراءتها ومعالجتها .
في البداية لابد لنا من تحديد المفهومين – أزمة ومؤامرة – كمعطى من معطيات الواقع بعيدا عن شطحات الرغبات المتولدة داخلنا ، فالأزمة في مفهومها العام هي خلل داخلي في القيادة يؤدي إلى فساد ينعكس على المجتمع بأسره سلبا، أما المؤامرة فهو سلوك داخلي فرضه واقع الأزمة يغذيه أو يستغله أصحاب المصالح الخارجية لإدارة الأزمة وتدويرها، بدلا من حلها والخروج منها ، ولو بقي السلوك داخلي لما كنا نستطيع أن تقول عنه مؤامرة.، بل هو انتفاضة شعب تسعى إلى تصحيح مسار القيادة ، والأخذ بيدها من أجل الإصلاح .
ما يحدث في سوريا اليوم كان سببه الأساسي هو أزمة نتجت عن خلل وفساد في القيادة والإدارة ، وعدم القدرة على احتواء الأزمة، أو عدم الرغبة في الخروج منها، أدى إلى ثورة الشعب البريئة والحقيقية للمساهمة في الخروج من الأزمة وإصلاح ما يمكن إصلاحه ، وهذا ما لمسناه في بداية الأمر في درعا وبعض المدن السورية ، إنها رغبة الشعب الذي ناله الكثير من خلل القيادة ،وعانى الكثير من فساد المتسلطين، فقام ليقول كلمته أعزلا إلا من حنجرة يصيح بها ، نريد كرامتنا، وعند ارتفاع حده هذا الصوت لم تستغ القيادة سماعه ، بل حاولت قمعه وإسكاته ، ولم تفكر في محاورته وتلبية بعض رغباته، ولو فعلت ذلك لجنبت نفسها وشعبها ما هي فيه الآن، وهذا الصوت أخذ يعلو أكثر فأكثر ، ولا مجيب ، حتى سمع به أصحاب المصالح الأخرى – عرب وأجانب - وهم الذين في النهاية لا يفكرون في مصلحه الشعب وفي رغباته، ويسعون إلى مواجهة القيادة ، وقد وجدوها فرصة ثمينة بمشاركة الشعب هدفه ، فقد توحد هدف الاثنين الشعب يريد مقاومة فساد القيادة ، ويرغب بالإصلاح .. ،والمؤامرة الخارجية تريد تغيير أو تلقين القيادة درسا لتنفيذ رغباتها ، وترغب في بلبلة الأمور ، وخلط الأوراق ، وإشاعة الفوضى ، وهي بالتالي أكثر بشاعة من فساد القيادة ذاتها ، إنها مؤامرة على شعب ، ومقدراته ، وعلى تاريخ حضارته ، ومع دخول أطراف المؤامرة إلى صلب الأزمة ، ودعم العنف ، أصبح الشعب العربي يدرك حجم المؤامرة ، بغض النظر على من أنتجها، وبالتالي تشوهت انتفاضة شعبنا ، أنها مؤامرة حقيقة لا نستطيع الدفاع عنها كما لم نستطع الدفاع عن فساد القيادة.
لا أريد الخوض في تفاصيل الأزمة أو المؤامرة ، لكنني أقول: إن مفاتيح حل الأزمة تختلف عن مفاتيح التصدي للمؤامرة ، إن الأزمة يمكن حلها بالحوار مع جميع الأطراف أما المؤامرة فلا سبيل لها سوى المواجهة القتالية ، والتي سوف يدفع ثمنها فقط الشعب السوري ، بعيدا عن القيادة وعن المتآمرين ، إنها مواجهة نارية بين جميع المتآمرين ، وبين القيادة وقودها الشعب ، ونتمنى أن تعي القيادة دورها الوطني وتبدأ بالحوار لتقف هي وشعبها ضد المؤامرة حمى الله سوريا والسوريين.


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات