فقر وفساد وكنوز مدفونة إلى شعار أخر
يعيش المواطن الأردني في ظل حكومات متعاقبة كانت ترى ولا تزال بأن المواطن العادي هو رصيد الميزانية والممول الأساس لخزينة الدولة من خلال الضرائب فهو في نظر الدولة أغلى ما تملك في حين أن الواقع المعاش يكشف خلاف ذلك فهناك شرائح كبيرة من المجتمع الأردني ترزخ تحت فقر مدقع وقد يتشدق البعض بأنه في الأردن يوجد فقر بلا مجاعة فهل سننتظر حصول مجاعة حتى يحارب الفقر ؟
العجيب بأن هذه الحكومات تمارس نفس النظرة النمطية لمقدرات الوطن فهي ترى من الأردن دولة لا خيرات فيها ولا ثروات سوى جيب المواطن البسيط وهذه تكاد تكون من عجائب الدنيا فكيف يصدق المرء بأن جميع الدول المجاورة لنا يوجد فيها البترول أو الغاز ومنها ما يعوم فوق بحيرات نفطية كالعراق الشقيق ناهيك عن السعودية والمضحك بأنه يوجد في كل من سوريا وفلسطين بترول بينما الأردن محروم حسب التصريحات الحكومية من هذه النعمة
أليس من المستغرب قيام الحكومة الأردنية بنفي تصريحات الشركة الكورية المكلفة بالتنقيب عن النفط في منطقة البحر الميت والتي أعلنت وجود مخزون نفطي يقدر بأكثر من مليار برميل ؟ فمن يمتلك خبرات التنقيب أهي الشركة الكورية التي أكدت وجود بترول أم الحكومة الأردنية ؟ فما دام للحكومة هذه القدرة الاستكشافية الخارقة فلماذا جلبت شركات التنقيب ؟ كما إن نفي الحكومة لوجود المليار برميل يشعر الإنسان بأن الحكومة عندها أرقام معينة لكميات البترول في هذه المنطقة فهل يمكن لها تحديد هذه الأرقام أم أن القصة هي ثروة مدفونة إلى شعار أخر ؟
إن الأمر لا يقتصر على النفط بل أصبحت غالبية الشعب الأردني تعلم بوجود يورانيوم بكميات تجارية وبالطبع هناك اختلاف حول مخزون اليورانيوم في الأردن لكن المشكلة ليست هنا بل في النتيجة النهائية وهي بأن هذا المخزون لا يصلح للتخصيب حسب بعض التصريحات وبالتالي ثروة مدفونة إلى شعار أخر فلا نعلم في أي قرن تصبح صالحة للتخصيب
وكذلك الحال في النحاس فعلى سبيل المثال يتوفر في محمية ضانا ما يقارب نصف مليون طن من النحاس لكن بعذر أبشع من ذنب لا يتم استغلال هذه الكميات التجارية والعذر حماية محمية ضانا فلست أدري من أهم في نظر الحكومة المواطن أم محمية ؟ بلا شك المحمية أهم بكثير من المواطن فالمواطن يعوض بينما ضانا لا وعلى كل حال إذا كان العذر ضانا فهناك ملايين الأطنان من النحاس في جنوب المملكة فلماذا لا يتم استغلالها أم لم يحن الوقت ؟ وهكذا تبقى ثروة أخرى مدفونة إلى شعار أخر
إن الأردن ينعم بالخيرات الكثيرة من نفط وذهب ونحاس ويورانيوم وصخر زيتي لكن هذه الثروات وغيرها غير مقدر لها خدمة الوطن والمواطن في هذه الفترة فمن المسؤول عن ذلك ؟ إن على الحكومات أن تسخر مقدرات الوطن لخدمة المواطن لا أن تسير الدولة من جيب المواطن كما أن عليها أن لا تقدم المزيد من التسهيلات لأرباب الفساد الذي يحاربون المواطن في لقمة عيشه وبالطبع لم يكتفوا بذلك بل باعوا مؤسسات الدولة بثمن بخس بل عليها أن تسترد أموال الشعب التي نهبت من هؤلاء
إن ما يشهده الوطن العربي من تطورات يحتم على الحكومات الأردنية تغيير سياساتها تجاه المواطن فالدولة بحاجة إلى استغلال خيراتها لكي يعيش المواطن بكرامة من ثروات وطنه لا أن تنتظر الحكومة قرضاً من هنا أو هناك فالدولة قد شبعت قروضاً من عقود لم يلمس خلالها المواطن شيئاً من هذه القروض كما إنها لم تنعكس على حياته إلا بالمزيد من الغلاء والتضخم في ظل ارتهان السياسة النقدية الأردنية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وفي ظل وجود أساطين فساد ساهموا في إضعاف الاقتصاد الأردني لكي تقوى محافظهم الاستثمارية في البنوك العالمية نأمل أن ينعم المواطن الأردني من خيرات وطنه وليس من خلال القروض أو المنح التي تثقل كاهل المديونية ...