زي البطيخة
متنقلا في أرجاء المعرش، حاملا بيده بطيخة انتقاها بعد عدة جولات من الذهاب والإياب، كلما ذهب بخطاه شمالا سبقته عيناه إلى الناحية الأخرى خوفا من أن يكون قد سهى عن بطيخة أفضل بعد وقت طويل من عملية المسح والبحث والتدقيق...
الشاري: عمي... بكم الكيلو!!!
البياع: بربع ليرة...
الشاري: عالسكين!!!
البياع: لا خيو... هيو البطيخ قدامك، خظ وقتك.. نقي، عاين، طبطب قد ما بدك بس عالسكين ما بنبيع... إنت وحظك...
البياع: طيب، أوزنلي هاظي " وإن شالله تطلع كويسة مش زي بطيخة مبارح " ...
هذا هو حالنا اليوم كحال الشاري، تأتي حكومة وتذهب حكومة وتعليقنا الوحيد: " إن شالله تكون هاي الحكومة أحسن من إلي قبلها "، وتأتي وزارات وترحل وزارات ونقول: "إن شالله يطلع فيهم خير مش زي إلي قبل "، أو حتى أصبحنا حينما نسمع خبرا سارا لطالما انتظرنا سماعه بل وسعى الشارع للتسريع بحصوله مثل الإطاحة بأحد أكبر رؤوس الفساد ومحاكمتهم، لكن أول ما يبدر في أذهاننا من تساؤل مملوء بالحيرة والشك: " إن شالله ما تكون مسرحية من مسرحيات تضييع الوقت أو إن شالله ما يطلع كفاله مثل إلي قبله!! "، وحتى الخبر الذي وردنا مؤخرا عن ترقب الأردن لثلاثة مليارات دولار عبارة عن هبات من أخواننا -الذين رفضونا في مجلس تعاونهم- لمساعدة الأردن اقتصاديا، نرى تعبيرنا الوحيد الذي يملؤه الحزن والخيبة وفقدان الأمل والملل من زيف الوعود: " إن شالله المصاري تكون للبلد أو أقلها توصل خزينة الدولة قبل ما تلهفها بطون الحرامية كالعادة "...
إلى متى سيبقى الحال هكذا!!! متى ستشق هذه السكين بطن الحكومة، الوزارات، مجلس النواب، الخزينة، مؤسسات الدولة وملفات الفساد وتعاينها بدلا من جعل الأردن حقلا للتجارب!!! متى ستوضع خطة عمل واستراتيجيات والمسارعة في تطبيقها عوضا عن بقائها مجرد حبر على ورق أو مادة فقط تقرأ في أحد المؤتمرات الاقتصادية!!! متى سيكون هناك إعادة هيكلة لكافة مؤسسات الدولة *بتنخيل* طاقمها في المقام الأول ومن ثم المباشرة ببناء وإصلاح البنى التحتية لهذه المؤسسات كي لا تقع على رؤوسنا وتكون سببا لضياع الأردن!!! متى سنرى في الأردن مستقبلا يحمينا يسعنا ويسع أبناءنا وليس مجرد تاريخا ندرسه!!! متى ستعود لنا البصيرة بعد أن أثقلتها الضرائب والديون وبعد أن تجبرت عليها حيتان الاقتصاد جاعلة مستقبل المواطن الأردني مجهول الملامح زي البطيخة... يا هايبة... يا خايبة...!!!!
* تنخيل: نخل، ينخل، تنخيلا
أي غربل الشيء وصفاه واختار أفضله.
والمقصود هنا من تنخيل طاقم ومؤسسات الدولة: أي غربلة الطاقم واختيار الأفضل والكفؤ...
بس عشان ما يزعل الطاقم ولا يفهمنا غلط....