أنظمة جاءت بالدمّ لا ترحل إلاّ بالدمّ

تم نشره الخميس 01st آذار / مارس 2012 02:30 صباحاً
أنظمة جاءت بالدمّ لا ترحل إلاّ بالدمّ
د. رحيّل غرايبة

- كل الأنظمة السياسية التي جاءت من خلال استعمال أسلوب القوّة والعنف والانقلابات العسكرية وعبر سيول الدماء، وأقامت عروشها على جماجم الخصوم وأشلاء المعارضين، لا يمكن أن تدوم وتستمر إلاّ بمواصلة منهج إرهاب الشعب وتخويف السياسيين، واستخدام أسلوب العنف الدموي، والارتكاز على أجهزة الأمن وأدوات القمع والإذلال، وتحويل الدولة إلى سجنٍ كبير.

هذه الأنظمة التي تستمد شرعيتها من العنف والدمّ، سوف يبقى هاجسها الدائم كيفية المحافظة على كرسيّ الحكم، والحيلولة دون التعرض لانقلاب عسكري مماثل، ولذلك تعمد إلى تضخيم أجهزة المخابرات والتجسس والمتابعة والمراقبة ومحاربة الكلمة، وملاحقة الأحرار وأصحاب الأقلام، والسعي الحثيث لوأد الأفكار المعارضة، ومطاردة أصحاب الفكر المستقل، والعمل على منع أي تشكيل حزبي معارض، أو أي تنظيم لا يؤمن بمنهج نظام الحكم.

هذه الأنظمة القمعية الدمويّة تستخدم أسلوب غسل الأدمغة، من أجل حشوها بمقولة واحدة تقوم على التسبيح بحمد القائد وتأليه الحاكم المستبد وتأميم الصحف والإعلام وكلّ منابر الكلمة لتكون عاملة في ميدان تمجيد النظام الحاكم فقط وتشويه كلّ مخالف وكلّ معارض، ويمتد هذا المنهج ليتناول الأهازيج والأغاني والفنّ والتمثيل لتصبح كلّها عاملة في مجال مدح القائد الملهم والثناء على عبقريته الفذّة، التي لم يعرف الزمان لها مثيلاً لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في المستقبل، وليس هذا فحسب بل تعمد إلى تبديد أموال الشعب على تنظيمات تابعة لها في الدول المجاورة، وتنفق بسخاء على بعض الكتّاب والإعلاميين المهرة الذين يجيدون تسويق النظام وتبرير أفعاله والدفاع عن جرائمه على امتداد الساحات المجاورة.

ثم تلتفت الأنظمة إلى المناهج المدرسية والجامعية، لتعاد صياغتها من أجل الانسجام مع أقوال قادة هذا النظام وأفكاره، والعمل على ايجاد الأجيال الجديدة التي لا تعرف إلاّ هذا اللون من الحكم والإدارة، وكلّ من تسوّل له نفسه مجرد التساؤل أو إبداء الحيرة أو التفكير بالنقد أو المعارضة، فسوف يتعرض إلى التغييب والإخفاء الأبدي، أو الموت في السجون والزنازين المظلمة، التي لا تخضع لمراقبة ولا يحكمها إلاّ قانون الغاب وشريعته.

هذه الأنظمة التي ولدت من رحم العنف، وتستمد وجودها من فلسفة العنف ولا تعامل الآخر إلاّ بالعنف، لا يمكن أن ترحل بأسلوب ديمقراطي شعبي ولا يمكن أن تتنازل عن كرسي الحكم إلاّ بالعنف، ولن ترحل إلاّ بعد أن تغرق البلاد والعباد في بحرٍ من الدمّ، وهؤلاء لسان حالهم: «عليّ وعلى أعدائي يا ربّ»، فلا يهمّهم بلدٌ ولا وطنٌ ولا شعبٌ ولا تنمية ولا إنتاج ولا رفاه ولا ازدهار، هناك شيء وحيد أوحد هو (الكرسي).

(العرب اليوم )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات