معلم أم جلاد ... اين الخلل؟
في خضم انشغال المؤسسات التعليمية بتطوير اساليب واجراءات جديدة منهجية للنهوض بالتعليم والعملية التعليمية التعلمية ، تتداول الصحف اخبارا عن ممارسات غير مقبولة لبعض المدرسين تتمثل باستخدام العقاب والعنف الجسدي وسيلة للسيطرة على الطلبة وسلوكياتهم ، صحيح ان هناك بعض الطلبة المشاكسين الذين قد يحتار المعلم في السيطرة عليهم من حيث سير العملية التعليمية ليكون هو القائد والمعلم القدوة ، ولكن هذا لا يبرر ابدا ان يتم استخدام اي نوع من انواع العنف الجسدي او النفسي للقيام بذلك ، فهناك العديد من الاجراءات والطرق والاساليب التعليمية الحديثة وغير الحديثة التي يمكن اتباعها لضمان صحة سير العملية التعليمية دون التطرق لهكذا اساليب مدمرة للطالب اولا وللتعليم ككل ثانيا .
تقع المسؤولية هنا على المعلم والمدرسة بكافة كوادرها الادارية والاشرافية وعلى اولياء امور الطلبة الذين يفترض انهم يتابعون ابناءهم ويحرصون على الحصول دوما على تغذية عكسية عن مدى تعلمهم وتنمية مهاراتهم ، وهنا اعود للتركيز على مسؤولية المعلم باعتبارها الاهم حسب رأيي ، فربما يكون هناك خللا في آلية اختيار المعلمين ، فعملية الاختيار هذه ليست بالسهلة ابدا ونحن نعلم ان حجم المسؤولية الملقاة على عاتق المعلم كبيرة وكبيرة جدا ، ذلك ان الطالب لا يكتسب العلم فقط من معلمه بل يصاحب ذلك اكتساب للثقافة وطريقة التفكير وقد يتأثر الطالب بمعلمه في كثير من الاحيان والمعلم قادر على ان يجعل هذا التأثر ايجابيا ام سلبيا ، لذا فعملية اختيار المعلمين لا بد وان تنطوي على سلسلة من الاجراءات والاختبارات التي تركز على الجانب النفسي والاجتماعي وحتى الابداعي لدى المعلم مثلما تركز على الجانب المهني بالضرورة ، بكل صراحة نعلم ان مهنة التعليم يراها الكثير من ابنائنا غير مجدية ماديا وبالتالي يتولد لدى المعلم نوع من الاحباط خصوصا اذا كان شابا في بداية حياته مما يودي به الى تفريغ هذا الاحباط والتنفيس عنه بطرق واساليب غير صحيحة في مقدمتها استخدام العقاب البدني ، وقد لا يرى احيانا اي ضرورة للتواصل مع الطلبة فيعتمد على اسلوب التلقين بدلا من التعليم ، لهذا كله فقد صار لزاما على اصحاب القرار في الشأن التعليمي وضع سياسات واجراءات جديدة تعمل على انصاف المعلمين بداية وتعمل على وضع منهجية لاختيارهم تكفل وصول الاكفأ لهذا الموقع ، وعمل اختبارات تقييم شاملة دورية للكادر التعليمي خصوصا في المدارس الحكومية لضمان الجودة الدائمة لهذه الفئة الهامة جدا في صناعة مستقبل ابناءنا ومستقبل وطننا الحبيب.
اما بالنسبة للوسيلة البدائية التي ما زال البعض يتبعها في مدارسنا من عقاب بدني او نفسي ، فلا بد وان يتم وضع قوانين رادعة ومانعة شديدة لمثل هذه الاساليب حتى لا تدمر طلابنا وتزرع بهم امراضا نفسية مبكرة قد لا نقدر على معالجتها مستقبلا ، ذلك انها تقتل الابداع الذي نحن بأمس الحاجة اليه والذي نعتقد بوجوده وبكفاءة لدى ابناء الاردن الذين يتميزون والحمد لله عن غيرهم بمستوى الذكاء والقدرة على التعلم ان هم وجدوا من ينهض بهم ويحفزهم على ذلك .