هل تقرأ الحكومة رسالة الملك..عبيدات نموذجاً..؟!
لفتتان ملكيّتان مهمتان في يوم واحد مثّلتا واحدة من أهم اللفتات الملكية في وقت هو الأنسب في تاريخ معاناة الأردنيين مع سياسات الحكومات المتعاقبة في إرهاقهم وتفريغ جيوبهم وتجويعهم، فزيارة الملك لأسواق السلام أول من أمس ولقاؤه، في نفس اليوم بقصره في الحمّر، رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك، يشكّلان رسالة واضحة وصريحة للحكومة بضرورة العمل على إيلاء قضايا المستهلك الأردني العناية الفائقة، ومن هذه العناية الحرص على تحسين مستوى معيشة المواطن عبر توفير سلع وخدمات تكون أسعارها في متناول الغالبية الفقيرة والمتوسطة من أبناء الشعب، وليس اللجوء إلى رفع الأسعار تحت أي مبرر، وزيادة معاناة الفقراء ومتوسطي الحال، والقضاء على ما تبقّى من أبناء الطبقة الوسطى في المجتمع..!!
المفارقة التي نسجّلها هنا أن أحداً من رؤساء الحكومات الذين تعاقبوا على رئاسة حكومة المملكة منذ إنشاء جمعية حماية المستهلك عام 1989 وعددهم (18) رئيساً، لم يكلف نفسه بمقابلة رئيس الجمعية، على الرغم من الصوت المرتفع للجمعية ولرئيسها في الدفاع عن حقوق المستهلكين ومصالحهم، وعلى الرغم من عشرات وربما مئات الدراسات التحليلية التي قامت الجمعية بإنجازها خدمةً للمستهلك الأردني، إضافة إلى إنجازها الدوري بتحليل أسعار (661) سلعة وخدمة، وعقد مقارنات علمية تبين أي ارتفاع يطرأ على أسعارها، وبيان مدى شرعية هذا الارتفاع ومسوّغاته من عدمه..
ويمكن أن نعزو سبب عدم التفات الحكومات إلى هذه المؤسسة الوطنية المهمة لعدم إدراك الأولى لدور الجمعية وأهميتها على الساحة الوطنية، وفي حالات كثيرة في محاولة لتهميش دورها وتفادي الاصطدام معها في المسائل التي تثيرها حول الرفع غير المبرر لأسعار بعض السلع والخدمات، وكشفها عبر دراسات علمية مؤكدة غياب العدالة في أسعار بعض السلع بما يصب في جيوب التجار الكبار على حساب المستهلكين الضعفاء..!!
لقد بات دور هذه المؤسسة الأهلية التطوعية يتعاظم بصورة ملحوظة، وبخاصة في ظل ما يحياه المواطن من ظروف اقتصادية عصيبة وجنون وتيرة ارتقاع الأسعار التي امتصت جيوب المواطنين ورتّبت عليهم أعباء اقتصادية تقشفية بالغة القسوة والخطورة..!!
زيارة الملك لأسواق السلام الاستهلاكية ومقابلته رئيس جمعية حماية المستهلك رسالة للحكومة الحالية للنظر في وضاع المستهلك الأردني بشيء من الرحمة والرأفة، والكف عن استفزازه عبر سياسة رفع الأسعار غير المدروسة سواء للسلع أو الخدمات، لأن المواطن لم يعد قادراً على تأمين متطلباته وأسرته من سلة الغذاء، ما يشكّل خطراً على أمننا الاجتماعي يفوق كل ما غيره من أخطار..!!
ندعو الحكومة إلى قراءة رسالة الملك بشفافية، وأن تراجع نفسها في فاتورة الكهرباء الجديدة أولاً، التي يتوقع البعض أن تقود إلى "عتمة مدلهمّة " لا سمح الله، تتحمل الحكومة الحالية آثارها وتداعياتها، وخصوصاً بعد أن أدركت أن رفعها لأسعار الكهرباء سيؤثر على حياة كافة فقراء الأردن ومحدودي الدخل منهم أكثر من غيرهم..!! فماذا نغلّب مصلحة شركة الكهرباء الوطنية والشركات الأخرى المستفيدة أم مصالح الشعب بغالبيته الساحقة..؟!
إن الوقت قد حان لكي تعمل الحكومات على تكريس أسس ومبادىء الاقتصاد الاجتماعي والعدالة الاجتماعية بصورة عملية ملموسة على أرض الواقع، لأن أحوال العباد ومعاناتهم لم تعد محتملة، ولأن الأوضاع لم تعد تُطاق، وعلى حكومة الرئيس الحالي، حتى تبرهن أنها قادرة على قراءة المشهد كما يقرأه الملك، أن تتراجع عن قرار خاطيء يمسّ حياة ومعيشة المواطنين، وإنا لمنتظرون ما يُعيد البشاشة لوجوه الأردنيين ويُريح أعصابهم..!!