استراتيجية إفقار الأردن

المدينة نيوز - إنّ الناظر بعمق لما يجري على الساحة السياسية المحلية والإقليمية, يصل إلى قناعة مرعبة مفادها أنّ هناك مخططاً منهجياً مقصوداً "لإفقار الأردن", وجعله في بوتقة الفقر الأبدي, وأنّ هناك جهوداً مبرمجةً لايجاد معضلة الفقر واستفحالها, ولذلك هناك مقولة يرددها الساسة الأردنيون, ويردد خلفهم جمعٌ كبيرٌ من العامة والكتّاب والنخب المستفيدة بأنّ الأردن فقير الموارد, ضعيف البنية, غير قادر على الاستقلال بطعامه وقوته, بل هو من أفقر أربع أو خمس بلدان في العالم بالمياه, من أجل إعدام حالة الانتاج الزراعي, والقضاء على هذا القطاع الانتاجي قضاءً مبرماً.
ممّا يؤكد بوجود أطراف خارجية, وأطراف داخلية تتعاون على إبقاء الأردن في دائرة الفقر المستمر وتتعاون على نهب مقدرات الشعب الأردني وتغييبه عن القرار.
إنّ وظيفة الحكومات وأرباب المسؤولية وصنّاع القرار, أن يتوجهوا نحو ايجاد الأردنّ الغنيّ المنتج, القادر على الاعتماد على نفسه ومقدراته وموارده الطبيعية والبشرية, وليس الاعتماد على المنح والقروض الخارجية المذلة, التي تزيد الفقر وتديم الكسل, وتمنع النموّ الحقيقي, وتجذر التبعية والارتهان السياسي للدول الغنيّة المانحة التي تريد من الأردن أن يبقى كياناً وظيفياً لخدمة مخططات استعمارية أجنبية واضحة وجليّة.
إنّ وظيفة وزارة التخطيط يجب أن تنحصر في تخليص الأردن من الاعتماد على الخارج, وجعله قادراً على الاعتماد على نفسه وموارده الذاتية خلال خطة خمسية بالحدّ الأعلى. ويجب أن لا تكون وظيفة وزير التخطيط إتقان التسوّل للحصول على المنح من الدول الغنيّة.
وعندما أقرأ في الصحف إعلان وزير التخطيط عن توقيع اتفاقية (منحة) أمريكية أو أوروبية أو يابانية أشعر بالإذلال كمواطن أردني حر, وكم أتوق لأقرأ خبراً آخر يتعلق بخطة تنموية ذاتية تنقل الأردن من مد اليد والتسوّل على أبواب الأغنياء إلى استثمار حقيقي في (الفوسفات) و(البوتاس) ليحلاّ محل النفط برفد الخزينة بمليارات الدولارات. وأن يخطط لتوفير مصادر الطاقة المتجددة بدلاً من الوقود, وأن يخطط لتوفير المياه, وأن يخطط لاستعادة حقوق الشعب المنهوبة, وأن يخطط لزيادة المساحات الزراعية, وأن يخطط للتعاون الاقتصادي المتكامل مع دول الجوار, وأن يخطط للاستثمار في الإنسان الأردني المتميز في المجال الصحي والمجال العلمي والتعليمي, وأن يخطط لإطلاق جهود الشباب في الإبداع والإنتاج والتشغيل وايجاد الفرص.
إنّ الاستمرار في سياسة إفقار الشعب الأردني وتغييبه عن المشاركة في التخطيط لمستقبله, سوف يجعلنا على حافة الانهيار وثورة الجياع.
(العرب اليوم )