إنتخابات نقابة المهندسين

يحق للمهندس عبد الله عبيدات نقيب المهندسين أن يتباهى وحركة الإخوان المسلمين من أمامه ومن خلفه ، أن تفخر ، بنتائج إنتخابات الشُعب الثلاثة في نقابة المهندسين ( الهندسة الميكانيكية والكهربائية والمعمارية ) ، فقد حققوا هدفين أولهما أنهم حصدوا الفوز بكامل أعضاء لجان مجالس الشُعب الثلاثة وهيئاتها المركزية ، وإخفاق كامل لممثلي القوى الوطنية والقومية واليسارية ، وثانيهما أنهم " صادوا " حزب الوحدة الشعبية ، وجلبوه للتحالف معهم رغم الخلاف السياسي والفكري بينه وبينهم أو التباين أو الأجتهادات المتعارضة بينهما ، ورغم التقارب والتوافق بينه وبين مجموع القوى الوطنية والقومية واليسارية ، ولكنه قبّل التحالف مع الإخوان المسلمين في مواجهة حلفاءه وشركاءه ممثلوا القوى الوطنية والقومية واليسارية في نقابة المهندسين ، وبذلك وجهوا ضربة مزدوجة للقوى السياسية بهذه النتائج العملية ، مهما بدت باهته على حد وصف خصومهم السياسيين .
يحق للإخوان المسلمين المباهاة والكشف عن عضلاتهم والتأكيد على قدرة تحقيق النتائج لصالحهم في مواجهة أغلبية قوى المعارضة السياسية المتعثرة والتي ما زالت أسيرة غياب مبادراتها وغياب تماسكها الداخلي وضعفها الذي ورثته من نتائج الهزيمة في الحرب الباردة بهزيمة اليسار برمته ، ومن نتائج فشل التيار القومي وإدارته للدولة في كل من مصر والعراق وسوريا وليبيا .
الإخوان المسلمون على عكس ذلك جنوا ثمار تحالفاتهم مع المعسكر الأميركي في الحرب الباردة ، وتحالفاتهم مع معسكر النظام العربي غير الديمقراطي طوال فترة الحرب الباردة ، فكانت لهم الأمكانات وتوفرت لهم حرية العمل ومراكمة القدرات والطاقات والخبرات ، فجنوا الثمار في حصولهم على الأغلبية البرلمانية في كل من فلسطين والمغرب وتونس ومصر والكويت ، وسيجنوا ثمار قوتهم في إدارة معركة المعارضة من موقع الأقتدار في سوريا واليمن والأردن وفي غيرها من البلدان العربية خاصة تلك التي يشاركون فيها بإدارة السلطة مع الأحزاب الحاكمة في الجزائر والسودان والصومال والعراق .
يحق للإخوان المسلمين المباهاة بما أنجزوه في نقابة المهندسين بعد سلسلة إخفاقاتهم وهزائمهم المتلاحقة طوال العام الماضي 2011 في هيئة المكاتب الهندسية ونقابات الأطباء والمحامين والصيادلة وأطباء الأسنان ، فجاء نجاحهم في الشُعب الثلاثة كرد إعتبار لهم ، في أقوى وأثرى النقابات المهنية نقابة المهندسين وهي البقرة التي تدر لبناً وعسلاً وفيراً لتغطية مصاريف نشاطاتهم الجماهيرية والنقابية تحت مسميات مختلفة مصدر تمويلها جيوب أصحاب المكاتب الهندسية من المهندسين .
ولكن كما يقول مهندسوا قوى المعارضة القومية واليسارية ، إن مباهاة الإخوان المسلمين ناقصة إعتماداً على الأرقام المعلنة لنتائج الأنتخابات ، فهي تدلل على مدى إنكفاء القطاع الأوسع من المهندسين المستقلين عن وصولهم إلى صناديق الأقتراع وعدم رغبتهم في المشاركة الأنتخابية وعدم قدرة الإخوان المسلمين ومن معهم لأقناع المهندسين بأهمية الأنتخابات إلى الحد الذي يمكن وصف إنتخابات المهندسين على أنها إنتخابات حزبية تفتقد للدوافع النقابية والمهنية للمهندسين من أجل المشاركة الأنتخابية ، ويتضح من الأرقام أنها إقتصرت على الحزبيين من الطرفين كما يبدو من الأرقام الواردة التي تدلل على مدى ضعف مشاركة المهندسين في عملية الأقتراع وعزوفهم ، وتواضع أعداد وصولهم إلى صناديق الأقتراع وتدني نسبة التصويت مقارنة مع عدد أعضاء الذين يحق لهم التصويت ولم يشاركوا في هذا التصويت الأنتخابي لشريحة تُعتبر من الشرائح المتقدمة إقتصادياً وإجتماعياً ، ووعياً بمصالحها في المجتمع الأردني .
جرت الإنتخابات في الشُعب التالية :
أولاً - شُعبة الهندسة المكيكانيكية :
1- عدد أعضاء الهيئة العامة لمهندسي الشُعبة وصل إلى 18700 مهندساً ومهندسة .
2- عدد المسددين لإشتراكاتهم ويحق لهم التصويت بلغ 8314 مهندساً ومهندسة .
3- بينما وصل منهم إلى صناديق الأقتراع 1137 مهندساً ومهندسة بنسبة لا تتجاوز 13.5 بالمائة فقط .
ثانياً - شُعبة الهندسة الكهربائية :
1- عدد أعضاء الهيئة العامة 33000 مهندساً ومهندسة .
2- عدد المسددين الذين يحق للتصويت 14303 .
3- عدد الذين شاركوا في التصويت 1404 .
بنسبة لا تتجاوز 9.8 بالمائة .
ثالثاً – شُعبة الهندسة المعمارية :
1- الهيئة العامة 7106 مهندساً ومهندسة .
2- المسددين 4344 مهندساً ومهندسة .
3- المقترعين 1192
بنسبة مشاركة لم تتجاوز 27.44 بالمائة .
وفي التدقيق بالأسماء والأرقام ونسبة التحصيل نلحظ ما يلي :
أولاً : في شُعبة الهندسة الميكانيكية حصل المهندس بادي الرفايعة على أعلى الأصوات 689 صوتاً بنسبة 8.28 بالمائة وأدناها خلدون الزناتي على 576 صوتاً بنسبة 6.92 بالمائة من عدد الذين يحق لهم التصويت .
ثانياً : في شعبة الهندسة الكهربائية حصلت المهندسة منى عواد القهيوي على أعلى الأصوات 910 صوتاً بنسبة 6.36 بالمائة وأدناها ذياب عامر 781 صوتاً بنسبة 5.46 بالمائة من عدد الذين يحق لهم التصويت .
ثالثاً : في شعبة الهندسة المعمارية حصل المهندس بشار عبد الرحمن البيطار على أعلى الأصوات 598 صوتاً بنسبة 13.76 بالمائة وأدناها المهندسة بثينة الطراونة 434 صوتاً بنسبة 9.99 بالمائة من عدد الذين يحق لهم التصويت .
مما سبق يعني :
1- أن المهندسين غير الحزبيين لم تتوفر لهم الدوافع والحوافز للوصول إلى صناديق الأقتراع .
2- أن مجرد إنتسابهم للنقابة يعود لأسباب مهنية مرغمين عليها حيث لا يحق للمهندس مزاولة العمل أو المهنة بدون الأنتساب الأجباري للنقابة ، كما هو الحال في نقابات الأطباء والمحامين وغيرها ، والأنتساب لا يعني ممارسة حقه الأنتخابي في النقابة .
3- أن القانون الساري ونتائج الأنتخابات تعززان عملية الأستفراد من قبل لون سياسي واحد في إدارة النقابة ، مع أنها مؤسسة أهلية مهنية عامة غير حزبية ، تستوجب توسيع قاعدة الشراكة إستناداً للقانون وليست مكرمة من طرف سياسي على باقي الأطراف .
4- إن قانون التمثيل النسبي هو الأضمن قانونياً وديمقراطياً وشراكة ، لأنه يسمح ويفرض الشراكة لكل القوى الفاعلة في الشراكة في إدارة النقابة ، ولا يوفر فرصة التفرد والهيمنة لطرف أو لون ، ومثلما تطالب قوى المعارضة السياسية ، وخاصة حركة الإخوان المسلمين ، من الحكومات الأردنية ومن الدولة بقانون التمثيل النسبي لإجراء الأنتخابات النيابية ، فمن باب أولى وأدعى أنها تبادر هي لتقديم مشروع قانون التمثيل النسبي في النقابات ومنها نقابة المهندسين لتدلل على صدقية توجهاتها ، لا أن تكون في تناقض مع نفسها حينما تطالب بقانون لا توفره لنفسها حينما تكون هي صاحبة القرار في المؤسسة أو في النقابة ، وفي طليعتها نقابة المهندسين الأردنيين .