نوائبنا.. وورقة التوت!
في حالات نادرة يلجأ المريض الذي أعياه المرض وذووه من حوله يترقبون شفاءه لسلوك اسلوب شاذ فإما ان يرفض العلاج او ان يسيء استخدامه وبذلك يكون قد جنى على نفسه وأحبط من حوله واستعجل قدره .
مجلس نوابنا الحالي أعياه المرض فلم يعد يقوى على تحمل قرارات تشفيه وتحسن من حالته الصحية لكي يعطي بصيص أمل للشعب الذي يفترض انه من اتى به ليستظل تحت قبته.
هذا المجلس العجوز أعقب مجلسا هزيلا لم يعمر طويلا لافتقاره أدنى مقومات البقاء بعد ان تراكمت أخطاءه واصبح يشكل عبئا على البلاد والعباد فما كان امام جلالة الملك الاّ ان بادر بحله فاُجبِر على الرحيل مبكرا كالعروس التي تُطلَق صبيحة دُخلتها.
تجربة المجلس السابق من المفترض ان تكون الدرس الأقسى لكافة المجالس المتعاقبة إلا ان مجلسنا الحالي آل على نفسه ان يكون الأشقى ولم يشأ ان يتعظ من سابقه فأصر ان يكون هو الدرس الأقسى لكي يتعظ به غيره.
هذا المجلس الذي توسمنا به خيرا فاعتقدنا بأنه مجلس قوي قادر على تحمل أعباء المرحلة التي تعيشها البلاد سياسيا واقتصاديا فينهض بمهامه بقوة واقتدار وإذ به يطعن نفسه في اولى جلساته بـ111 طعنة كادت ان تودي بحياته إلاّ ان مشيئة القدر أبقته على قيد الحياة.
هذا الخلل الذي أصابه لم يجد نفعا في ان يكون حافزا له يدفع به نحو الأمام فيؤدي دورا وطنيا مخلصا يمكنه من ستر عورته التي بدأت تتكشف ابان مرحلة التصويت بـ (111) صوتا أعقبتها مسرحية الكازينو حيث أفضت نتائج التحقيق بإخلاء مسؤولية المتهم وألقت بجحيم المسؤولية على احد الوزراء ككبش فداء للمتهم الحقيقي ومن دار في فلكه في مشهد درامي هو الأسخف والأشد هزلا فبدا كمن يصطحب مريضا للعلاج وإذ بالطبيب يعالج المرافق ويترك المريض دون علاج بحجة ان المرافق عطس عطستين أمام الطبيب.
مرحلة الربيع العربي التي هبت نسماتها على بعض أرجاء الوطن العربي كان من المفترض ان تنعش احوال النواب وان ترفع من معنوياتهم وتقوي شكيمتهم وتعينهم على وضع يدهم بيد الشعب وتشد من ازرهم نحو رفعة هذا البلد وتوطيد مكانته بين الدول الجارات ليكون أنموذجا يحتذى به نحو الإصلاح والإنجاز مقدمين حب ومصلحة الوطن على كل الصغائر والمصالح الفردية وليجتثوا معا ويدا بيد جذور الفساد دون ان تأخذهم في الحق لومة لائم .
ما حصل في مهزلة التصويت على قرارات لجنة التحقيق في الملف الأخطر الذي دمر مقومات الوطن الاقتصادية يهمس بآذاننا ان هناك لغزا ما ربما تعمدت الحكومة من خلاله استعجال رحيل المجلس أو ان هناك لغزا آخر حائرا وهو الأخطر يخفي ما وراءه .
ويبقى ان نقول ما حصل إنما جاء ليسقط ورقة التوت عن هذا المجلس المريض الذي عانى من وعكات صحية متتالية قبل ان تبان سوأته ولكي يستعجل قدره بإطلاقه طلقة الرحمة على نفسه وليكتشف الأردنيون ان ممثلي الأمة كانوا يمثلون على الأمة.
ايها الشعب المكلوم عظم الله اجركم بهذا المجلس المتوفى سريريا وإعلموا ان الدبس لا يطلب من ' ..... النمس. '