مسؤولية الناخب في محاسبة النائب
دعونا في البداية ننبـّـه إلى أمرٍ نسيَه الكثير، وهو أن النائب هو من ينوب عن فئة من الشعب ويتكلم باسمهم، وينطق بصوتهم، ويوصل رأيهم، فهو وكيل عن كل مواطن أعطاه صوته لينطق به، فصوت النائب يجب أن يتطابق مع صوت الناخب الذي أعطاه صوته وجعله ممثلا عنه، وصوت النائب يجب أن يكون منطلقا من قاعدته الانتخابية وليس من آرائه ومصالحه الشخصية.
وعلى هذا فإذا تغير الأمر وصار النائب لاينطق بصوت الناخب، فقد خان الأمانة ، وضيّع العهد والميثاق، وهذا ما يستوجب من الناخب أن لايسكت عليه، وأن يقف في وجه النائب ليقول له قد خنت الأمانة، وسرقت أصواتنا، وخدعت الناس باسم كل من أعطاك صوته لتتكلم به.
ولابد لكل ناخب وكل عشيرة خانها من يمثلها من النواب إعلان براءتها منه، فصوت الخيانة والمصالح الرخيصة ليس هو صوت الشعب أبدا.
قبل الانتخابات كتبت مقالا ذكرت فيه تحريم المشاركة في العملية الانتخابية لافتقارها لأبسط الشروط والضوابط التي وضعتها دائرة الإفتاء.
وقلت بأن الناخب يتحمل أمام الله مسؤولية صوته الذي أعطاه للنائب، فكل قرار شارك فيه النائب، فالناخب شريك فيه، لأن النائب وكيل عن الناخب ويتكلم بصوته.
بدأ مجلس النوّاب بالتزوير والخيانة، وبدأت سقطاته بإعطاء رقم قياسي من أصوات الثقة لحكومة زوّرت إرادة الشعب وتورطت في مستنقع الفساد، ثم تخاذلت عن مهمات الرقابة على الحكومات، ومحاسبة كبار الفاسدين، بل على العكس أعطت البراءة لمن ثبت تورطه في الفساد، وكانت خاتمة المخازي والرزايا حين رفض غالبية النواب إحالة المتورطين في قضية الفوسفات إلى القضاء.
ورأينا أيضا بعض النواب الذين كانوا يتغيبون عن جلسات تاريخية مهمة بحجج وأعذار واهية، وأسباب لن تكون أبدا أهم من الوطن واستعادة ثرواته، سافر بعضهم وغاب بعضهم ومرض بعضهم و انسحب آخرون.
إنها باختصار خيانة للأمانة يتحمل مسؤوليتها ويشارك في جرمها النائب، وشريكه الناخب الذي هتف له وأعطاه صوته وجعله ممثلا عنه.
ولهذا فإن من واجب كل من شارك في هذه المهزلة المؤلمة أن يتوب إلى الله من فعلته، وأن يتداعى الشرفاء إلى عزل نوابهم ومحاكمتهم ومحاسبتهم وإعلان براءتهم منهم ومن تقصيرهم وخيانتهم لأجل صفقات رخيصة بيع فيها الوطن هدية للفاسدين.
المواطن الأردني، والعشيرة الأردنية، عنوانان للشرف والنزاهة، ولن يكونا يوما غطاء حاميا للفاسدين، ولا لمن جلس تحت القبة مدافعا عن الفاسدين، وصوّتوا لهم بالبراءة، ومنعوا إحالتهم إلى القضاء !