ضجرها من حياتها قادها إلى الإسلام
ماريا أو مريم كما تحب أن تُنادى, فتاة تشيكية, تبلغ من العمر (35) عاماً, قدمت إلى الأردن لتتعلم اللغة العربية في مركز اللغات التابع للجامعة الأردنية, متزوجة من شخص مسلم يعمل مدرساً, وكانت أول زيارة لمريم إلى الأردن في عام 2002 حسبما تقول, وذلك لأن بعض من أقارب زوجها يسكنون في الأردن, ومنذ ذلك الوقت وهي تتردد باستمرار على الأردن, وتقول مريم انها تدرس اللغة العربية لأنه منذ كان عمرها 15 عاماً لديها رغبة كبيرة لتعلم اللغة العربية وهي تحب العربية كثيراً, وهذه السنة وعندما سنحت لها الفرصة قامت بالانتساب إلى مركز اللغات في الجامعة الأردنية لكي تتعلم العربية, وهي بحاجة الآن لتتعلم العربية لكي تستطيع أن تتعامل مع أقارب زوجها والمجتمع العربي الذي يعيش فيه أقارب زوجها, ومريم الآن تستطيع ان تفهم كل ما تسمع من العربية, ولكنها تجد صعوبة قليلة في التعبير عما تريد أن تقوله, وصعوبة في الكتابة كذلك, وتضيف ان بعض الأشخاص حاولوا ان يثنوها عن تعلم العربية لأنها الآن كبرت وصعب أن تتعلم في هذا السن, ولكنها مصرة على أن تثبت لهؤلاء انها قادرة على تعلم العربية بإذن الله تعالى.
عندما ترى مريم للوهلة الأولى تعتقد انها أحد الفتيات الخليجيات, وذلك لأنها تلبس العباءة السوداء وتغطي وجهها ولا ترى منها إلا عينيها كما تفعل الخليجيات, ماريا أسلمت وحسن إسلامها فهي الآن تتقيد بتعاليم الإسلام أكثر من كثير من فتياتنا, فهي بعد أن هداها الله للإسلام تصلي وتصوم وتؤدي كل الفرائض المطلوبة منها فهي مثال الفتاة المسلمة القادمة من أقصى شرق شمال أوروبا.
حدثتنا مريم عن نفسها قائلة عندما كنت في بلدي (تشيك) -وهو بالمناسبة بلد صغير مثل الأردن ولا يتجاوز عدد سكانه العشرة ملايين نسمة- حيث كنت أعيش مع عائلتي بلا دين كما يعيش أغلب أبناء بلدي, وأتذكر انه عندما كنت طفلة وفي أحد الأيام بعد أن نظرت إلى السماء سألت أمي (ماذا سيحصل يا أمي عندما نموت؟) فأجابت أمها انها لا تعرف فهي مثلها مثل الكثيرين من أبناء التشيك غير متدينين ولا يعرفون عن الدين إلا القليل القليل وكان الدين بالنسبة لنا عبارة عن حفظ دون فهم. وكأي فتاة أوروبية كانت مريم تلبس الملابس شبه العارية في الأماكن العامة من "شرتات " و "مايوهات " وغيرها وتخرج مع أصدقائها وتواعد وما إلى ذلك من الأمور التي تعتبرها المجتمعات الأوروبية حرية, وتذكر مريم انها في بلدها تشيك قامت بالكثير من الأعمال الشيطانية التي تندم عليها الآن وتذكر أيضاً ان الشيطان كان يوسوس لها بأنها فتاة حرة التصرف تستطيع ان تفعل كل ما ترغب به بدون قيود وانه لا وجود للإله.
تضيف مريم انها بقيت في هذا الضياع حتى عندما كبرت قليلاً وذهبت إلى أوروبا للدراسة, ومع انها قابلت العديد من المسلمين إلا انها لم تتأثر بهم وذلك لأنهم لم يكونوا متدينين وكانوا غير ملتزمين بإسلامهم. وفي بريطانيا كانت مريم قد سكنت مع عائلة مسلمة ليست متدينة وتقول مريم: مع انهم كانوا يخافون علي ويحبونني إلا انني كنت أرى انهم متشددين قليلاً بالنسبة لي فمثلا كانوا يحالون أن يقنعوني أن لا اخرج ليلاً في وقت متأخر وهذا كان يضايقني وكنت اعتقد ان هذا فيه تدخل في شؤوني ومنع لحريتي.
تضيف مريم: عندما صرت في العشرينات بت اشعر بالضجر من حياتي التي أعيشها فهي فارغة, وكنت أحس اني دائماً احتاج إلى شيء يجعل لحياتي معنى, وكنت كلما أتصرف تصرف خاطئ يحدث لي شيء غريب, وكانت تصرفاتي الحمقاء بالأغلب ترتد علي بالأذى, حتى تولد لدي شعور ان هذا عقاب من قوة معينة مبهمة بالنسبة لي لا اعرفها. وعندما عدت إلى بلدي تشيك قررت أن أتغير وان أجد شيء يملأ حياتي, فقررت أن أتزوج –هذا حدث قبل عشر سنوات من الآن تقريباً-, وبدأت ابحث على الانترنت في غرف الدردشة عن شاب يناسبني لأتزوجه, فتعرفت على زوجي الحالي في أحد غرف الدردشة وصرح لي انه يرغب ان يتزوج مني وأنا وافقت, ولم يحاول زوجي في بداية زواجنا ان يقنعني بالإسلام لأنني أخبرته انني رافضة لفكرة الإسلام نهائياً.
تضيف مريم بعد أن تزوجت صرت أحياناً احضر مع زوجي بعض الفعاليات للطلبة المسلمين, وكانت عملية فصل الذكور عن الإناث في هذه الفعاليات لا تعجبها لأنهم يفصلوها عن زوجها, وفي أحد هذه الفعاليات جلست مريم مع أحد الدعاة التونسيين وبدأ يشرح لها عن الإسلام بعدما طلب زوجها من الداعية أن يفعل ذلك, فأُعجبت مريم بكلام الداعية وتأثرت به, وكذلك في نفس الفعالية قامت أحد الفتيات المسلمات بإعطائها بروشور صغير يتحدث عن وجود الله عز وجل, فقرأته مريم واقتنعت به ولكنها لم تسلم, وبعدها قرأت مريم الكثير من الكتب والمنشورات عن الإسلام, فلاحظ زوجها تعلقها بالإسلام, وذات يوم قال لها: (تخيلي ونحن خارجون من البيت فتقوم سيارة بصدمك ماذا سيحصل لك؟), تقول مريم: كان لهذا السؤال صدى كبير في نفسي فبدأت أفكر ماذا سيحصل لي بعد أن أموت, وحينها قررت أن انطق بالشهادتين, وفيما بعد أخبرت زوجي بذلك ونطقت بالشهادتين أمامه وأعلنت إسلامي, وبعد سنة واحدة من نطقي بالشهادتين صرت ملتزمة دينياً أصلي وأصوم وأؤدي كل الفرائض التي فرضها الله علينا, حتى اني عندما أكون في أوروبا إذا حضر وقت الصلاة فاصلي في أي مكان وأحياناً اضطر أن أصلي في موقف السيارات أو أحد المولات لأنه لا يوجد مصليات في أوروبا.
وتضيف مريم: أنا أحب الحياة هنا في عمان, وتقريباً تأقلمت عليها وكونت بعض الصداقات, وقد استفدت كثيراً من الدراسة في مركز اللغات.. مع ان هناك بعض الأشياء التي لست مقتنعة فيها في المركز لكن بشكل عام فالوضع جيد والمدرسون جيدون. أما أكثر شيء أحببته في عمان المناطق الطبيعية ونعمة الأمان فأنا استطيع أن اخرج لوحدي لأتمشى دون أن أخاف على نفسي, وإذا ما حان موعد الصلاة فدائما هناك مكان قريب لأصلي فيه ولا اضطر أن أصلي في موقف سيارات أو مول كما هو الحال في المدن الأوروبية.
وفي المقابل هناك الكثير من الأشياء التي لم أحبها في عمان مثلا انتشار الموسيقى في كل مكان, وكذلك انتشار (الفتنة) في شوارع عمان, وأكثر ما يضايقني في عمان واكبر مشاكلي المواصلات وخاصة انني لا املك سيارة فأنا أكره سائقي "التكاسي " ولا اعرف كيف استخدم الباص, والحمد لله انني اسكن قريب من الجامعة ولهذا عادة اذهب من البيت إلى الجامعة وبالعكس مشياً على الأقدام, ولأنني أغطي وجهي فأنا أكثر الأوقات أجد الاحترام من الجميع.
ختاماً نحمد الله ونشكره على نعمة الإسلام وواجب علينا جميعاً أن نُعرّف بالإسلام في المجتمعات التي لا تعرف عن الإسلام شيئاً.. فالكثير من الأوروبيين وغيرهم لو عرفوا ما هو الإسلام لدخلوا فيه ولكن حكوماتهم وإعلامهم وبعض المؤسسات الصهيونية والماسونية أوصلت إلى هذه الشعوب فكرة خاطئة عن الإسلام والمسلمين على انهم إرهابيون وبدائيون ولذلك تجد المواطن العادي في أوروبا يكره الإسلام نتيجة للفكرة المغلوطة التي يعرفها عن الإسلام ولهذا يجب على كل من يستطيع منا ان يوصل الفكرة الصحيحة عن الإسلام لعلّ الله يهدي على يديه أحدهم ويدخل في الإسلام وخاصة عن طريق الانترنت فبدلاً من نقضي الساعات على العاب الانترنت والحوارات التي بدون فائدة نستطيع ان نستغل هذا الوقت ونقوم بتعريف الإسلام للملايين الموجودين على شبكة الانترنت من مختلف دول العالم.