التدخل العسكري في سوريا

المدينة نيوز - قادت أميركا التدخل العسكري الغربي في ليبيا بحجة حماية المدنيين عندما بلغ عدد الضحايا ألفي قتيل ، ولكنها لم تحاول التدخل في سوريا بعد أن بلغ عدد الضحايا عشرة آلاف ، فما تفسير ذلك؟.
التدخل الأميركي له شرطان ، واحد خارجي يتحقق في سوريا والجامعة العربية والمجتمع الدولي ، والثاني داخلي يتعلق بما إذا كانت لأميركا مصالح حيوية في سوريا تستحق تكاليف التدخل.
أما الشرط الخارجي ، الذي يهدف لتحقيق شرعية التدخل ، فيتوقف على المطالبة الصريحة بالتدخل من المعارضة السورية ، والمباركة المعلنة من الجامعة العربية ، بحيث لا يبدو التدخل عدواناً ، كما أن المجتمع الدولي جاهز للتدخل لولا صلابة الفيتو الروسي الذي يجري العمل على تليينه.
هذا الشرط متحقق إلى حد بعيد ، فالمجلس الوطني الانتقالي السوري طالب بالتدخل العسكري والمتظاهرون في شوارع سوريا نادوا بالتدخل ، والجامعة العربية تجاوزت الوقار والتحفظ المعتاد في دعوة الأمم المتحدة للتدخل ، فلماذا تتردد أميركا في إطلاق الإشارة.
يتعلق الامر بالشرط الثاني ، فما هي مصالح أميركا في سوريا؟ قد يكون هناك مصالح ولكن هل هي قوية بالدرجة الكافية ، فسوريا لا تهدد أمن إسرائيل بل على العكس تصبر حتى على احتلال أراضيها دون أن تقاوم إلا إعلامياً ، ولا تسمح لأطراف ثالثة بالمقاومة إلا من خارج سوريا ، والبترول السوري شحيح ومن نوعية رديئة ، والتحالف الاستراتيجي مع إيران ليس له ترجمة فاعلة على أرض الواقع بما يهدد مصالح أميركا الإقليمية. والتدخل في سوريا يتطلب قوة أكبر مما استخدم في ليبيا ، وقد يستغرق وقتاً أطول ، وله تكاليف مالية باهظة ونتائج غير مضمونة.
أوروبا لن تتدخل إلا وراء أميركا ، وأميركا ليست في مزاج الدخول في حرب مع بلد إسلامي ثالث أو رابع حتى ولو إلى جانب حلفاء إسلاميين ، والرئيس الأميركي أوباما لا يرغب بالمخاطرة بنتائج الانتخابات الرئاسية القادمة إذا قام بالمغامرة وصادفت صعوبات وتداعيات سلبية ، ولذا فإن أميركا أميل لتوريط دول الجوار وخاصة تركيا والأردن.
تركيا جاهزة للتدخل وراغبة فيه إذا حصلت على مكافأة جيدة ، أما الأردن فيهمه استقرار وأمن سوريا ، ولا يناسبه الدخول في مغامرات غير محسوبة وغير مأمونة ومن شأنها تعريض أمن الأردن نفسه للخطر.
(الراي)