من يتحدث باسم الشباب في الأردن؟

تم نشره الأربعاء 25 آذار / مارس 2009 01:20 مساءً
خليل فائق القروم

هناك نسبة كبيرة من الثراء والديناميكية في البرامج والنشاطات المتعلقة بالشباب في الأردن. لكن هذا التنوع بالذات وإن كان إيجابيا بكل المقاييس فإنه يخلق مشكلة "تشتت" في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى قد تكون المشكلة هي التكرار، وفي نهاية الأمر سيكون من الصعب على اية جهة أن تقول بأنها "تتحدث بإسم الشباب الأردني".

 

بعض الشباب المتميزين من أصحاب المهارات والميزات القيادية موجودون في الكثير من المنظمات والبرامج الشبابية وهم في خضم معظم النشاطات الوطنية وفي المقابل فان الكثير من الشباب يجدون انفسهم مغيبين عن النشاطات الشبابية وهذا ما يثير نوعا من الإحباط والإحساس بالتهميش والذي قد يظهر من خلال البحث عن روابط غير مفيدة تجمع الشباب مثل الروابط الأصولية أو العشائرية أو الإنبهار بنموذج الاستهلاك الغربي

 

من الصعب بالطبع وجود مؤسسة تمثل كل الشباب في الأردن لأن هذه المهمة من شبه المستحيل تحقيقها مع التباين الكبير في الأفكار والعادات والطموحات، ولكن من المهم على الأقل وجود حالة تنظيم بين مهام المؤسسات بحيث يمكن لكل مؤسسة أن تركز على عنصر معين من التنمية والقيادة، وأن تكون النشاطات مركزة على هذا العنصر بالذات

 

لدينا في الأردن المجلس الأعلى للشباب وهو المؤسسة الرسمية المركزية المعنية بتنمية الشباب ودمجهم في النشاطات الوطنية، ويملك المجلس بنية تحتية كبيرة من مراكز شبابية وبيوت شباب وتضم قاعدته الشبابية الألوف من جميع المحافظات والمؤسسات الأكاديمية وهو يمثل المظلة الرئيسية للنشاطات الشبابية

 

هناك أيضا هيئة شباب كلنا الأردن والتي بدت واعدة في محاولة تمثيل الشباب وتطوير برامج عملية، وكانت الأفكار النظرية في بداية العمل متميزة وتم تقديم مقترحات لتنفيذ مشاريع ومتابعتها في المحافظات بمشاركة الشباب ولكن في الآونة الأخيرة حدث بعض التراجع في الزخم وخاصة في موضوع إشراك الشباب من المحافظات ومن المهم استعادة المبادرة من جديد، خاصة أن هيئة  شباب كلنا الأردن تم إختيارها بطريقة إنتقاء الشخص Head Hunting من مؤسسات شبابية مختلفة ولم تكن منتخبة

 

بعيدا عن الصعيد الرسمي هناك النشاطات التي تمثلها الأندية في الجامعات والمرتبطة بعمادة شؤون الطلبة إضافة إلى مجالس الطلبة المختلفة، وهناك نشاطات ميدانية مهمة مثل جائزة سمو الأمير الحسن والتي تعلم الشباب مهارات الإكتشاف الميداني للوطن والمغامرة والحس القيادي

 

الكثير من المنظمات الأهلية إنتشرت في السنوات الماضية وهي تعنى بالشباب وهناك برامج ميدانية وتبادل دولي مع مؤسسات أوروبية وأميركية وتمكنت من تأهيل وتدريب العديد من الشباب على المهارات القيادية وتنفيذ المشاريع التنموية والكثير من هذه المشاريع كانت في المحافظات

 

أما القطاع الخاص فيعمل بصورة جيدة مع الشباب في إطار برامج ومؤسسات تدرب الشباب على إنشاء أعمال خاصة ومهم مختلفة والتكيف مع الاقتصاد الجديد ومنها مشروع إنجاز وغيره من المبادرات الهامة التي تغطي ثغرة كبيرة في التأهيل الشبابي لسوق العمل الجديد واقتصاد المعرفة 

 

في كل هذه النشاطات والمشاريع نجد بعض المبادرات والوثائق والتي تبدأ بجملة "يعتقد شباب الأردن" أو "يؤمن شباب الأردن" ومثل هذه المصطلحات ليست في واقع الأمر منطقية إذ أن العينة الشبابية لا تمثل إلا جزءا يسيرا من الشباب الأردني ومن الأفضل دائما توضيح العينة أو على الأقل الإشارة إلى أن "الشباب المشاركين يعتقدون" أو "أن شباب المؤسسة الفلانية قالوا" وهذا منطقي أكثر من إدعاء الحديث بإسم حوالي مليوني شاب في الأردن من الصعب أن تجمعهم مؤسسة واحدة

 

ما هو ليس صعبا التنسيق وتبادل الأدوار بدون طغيان وهيمنة، وربما تكون الحاجة ماسة إلى عقد مؤتمر وطني للشباب يشارك فيه شباب يمثلون المؤسسات المختلفة سواء الرسمية أو الأهلية أو الأكاديمية أو الخاصة وتبادل تجاربهم في المشاريع الشبابية ومعرفة مكامن القوة والضعف في كل مؤسسة ومشروع لتحسين التنسيق وبالتالي تقديم خدمة أفضل لكل شباب الأردن

 

المشاركة الشبابية الواسعة هي المهمة، ومن أهم المشاكل التي يواجهها قطاع الشباب أن الشباب المهمشين أو المحبطين لا يستطيعون إيصال صوتهم. أن الشباب الذين ينحدرون نحو التطرف العشائري أو الديني أو الأخلاقي هم الذين ينبغي أن نستمع إلى أصواتهم، وهم موجودون في كل مدينة وقرية ويواجهون الكثير من الإحباطات التي تدفعهم نحو الإنحراف والتعصب أو الإنحلال وهي كلها مخاطر مشتركة تواجه الشباب ومن الضروري وجود ممثلين عنهم في اللقاءات الشبابية

الشباب في السجون أو مراكز التأهيل أو الذين يتجمعون في عصابات تمارس العنف هم في النهاية شباب أردنيون من المهم دمجهم في النشاطات الشبابية حتى لا يصبحوا فريسة سهلة لآفات التعصب العشائري والديني ونفس المنطق ينسحب على الشباب الذين يشعرون باللامبالاة تجاه كل النشاطات الدائرة حولهم ولا توجد لديهم طموحات وأهداف في الحياة، ومن الضروري ضمهم إلى برامج عملية وطنية

 

هنالك الكثير من العمل والجهد المطلوب من المؤسسات الشبابية في الأردن ولكنننا نخشى التكرار والتنافس ومن الضروري العمل على إيجاد صيغة للتنسيق تكفل التكامل في العمل وعدم طغيان اي قطاع على الآخر والتأكيد على ضرورة دعم الإبداع الشبابي لا السيطرة عليه أو محاولة توجيهه. أن كل مبادرة تستطيع إنقاذ شاب أردني من الوقوع في براثن الاصولية والتعصب الديني أو التعصب العشائري أو الإنحلال تعتبر أولوية وطنية ومبادرة تستحق الشكر والتقدير والدعم، لأن الرهان على الشباب هو الرهان على مستقبل الأردن ولا بد من تجاوز التنظير والتنافس على المكاسب المادية والمعنوية نحو تحقيق إنجازات حقيقية على أرض الواقع، وكما هو واضح فإن الطاقة والخبرة موجودة وتحتاج إلى التكامل.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات