الاربعاء الذكرى الرابعة والاربعون لمعركة الكرامة الخالدة (التفاصيل )

تم نشره الثلاثاء 20 آذار / مارس 2012 01:47 مساءً
الاربعاء الذكرى الرابعة والاربعون لمعركة الكرامة الخالدة   (التفاصيل )

المدينة نيوز   - تحتفل القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي وقيادتها الهاشمية والأسرة الأردنية الواحدة  الاربعاء بالذكرى الرابعة والأربعين لمعركة الكرامة الخالدة التي شكلت منعطفاً تاريخياً في سجل بطولات الجيش العربي..

حيث تؤلف منطقة غور الأردن سجلاً حافلاً يصور البطولات والمعارك، وهي ارض الرباط والمرابطين في سبيل الله، وهي من الأهمية الإستراتيجية والجغرافية، والتاريخية بمكان، مما جعلها محط أنظار الأعداء الطامعين وحدا بهم إلى التخطيط المستمر والسعي المتواصل والى ترجمة أطماعهم والسعي لتنفيذ مخططاتهم وإحاطة أنفسهم بهالة بأنهم يمتلكون القوة ويستطيعون فعل ما يشاؤون.

وعلى أرض الأردن الخالدة وفي تاريخ هذا البلد العظيم مواقف مضيئة لأبطال رووا بدمائهم الطاهرة هذا الثرى الطهور أرض الكرامة هذه الأرض التي شهدت على مر العصور أضخم وأكبر البطولات في مؤتة واليرموك وعين جالوت وطبقة فحل وحطين وضمت بين جنباتها أجساد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابا عبيدة عامر بن الجراح ومعاذ بن جبل، وشرحبيل بن حسنة ... وغيرهم كثيرين رضي الله عنهم وإرضاهم.

الزمان والمكان 

بدأت إسرائيل الهجوم الساعة 0530 من فجر يوم 21 آذار 1968على جميع المقتربات في القطاع الأوسط، والجنوبي، وقد حاولت مجموعات قتال على كل مقترب مكونة من الدبابات والعربات المدرعة تقدر بـ 15 ألف جندي إسرائيلي القيام بهجوم صامت لمفاجأة القوات الأردنية ولكنها كانت مكشوفة وتحركاتها معروفة للقوات الأردنية حيث بدأ الهجوم بقصف جوي ومدفعي على جميع المواقع الأمامية، والدفاعات الخلفية، وخطوط المواصلات والتزويد.

كان صمود الجيش العربي الهاشمي في معركة الكرامة نقلة نوعية في تنامي الروح المعنوية العالية، والقدرة القتالية النادرة التي يتمتع بها الجندي الأردني، وهذا الصمود والنصر كانا منعطفاً هاماً في حياة الأمة العربية تحطمت خلاله أسطورة التفوق الإسرائيلي، وأظهرت المعركة للعالم أن في هذا الوطن جيشاً يأبى الضيم ويدحر العدوان، ويذود عن حماه بالمهج والأرواح ويدافع عنه بكل ما أوتى من قوة.

ومهما كان احتفالنا بهذه الذكرى الخالدة فإننا لا نستطيع ان نفيها حقها لأنها أكبر من كل الكلمات، وأكبر من كل الاحتفالات، فهي معركة أعادت إلى الأمة احترام الذات بعد نكسة حزيران وان النصر الذي حققه جيشنا الباسل البطل في هذه المعركة جاء في وقت كنا فيه بأمس الحاجة إلى ملامح نصر وعزة وكرامة والى وقفة كلها شرف وإباء وكانت معركة الكرامة التي هي أول نصر مبين يحققه جيشنا المصطفوي للعرب عبر صراعنا الطويل مع إسرائيل وقوتها العسكرية المتغطرسة، اثبت خلالها الجيش العربي أن النصر العسكري العربي على إسرائيل ليس مستحيلاً وإنما هو مؤكد كما حدث في معركة الكرامة.

إذن معركة الكرامة هي بوابة المعارك ومؤشر الانتصارات التي أدخلت الأمة بكاملها دائرة الفعل وأخرجتها من آلامها وجراحها التي سببتها نكسة حزيران وما خلفته من آثار سلبية على النفس العربية.

جاءت معركة الكرامة لتعطي المعتدي درساً واضحاً بأن حربه معنا ليست نزهة وأنها لم تهزم عدواً طامعاً حاقداً فحسب بل ضمدت جرحاً عربياً مكلوماً بسواعد أبناء الأردن البررة وقوتهم النافذة يوم تشبثوا بأرضهم المباركة الطاهرة التي هي موطن الآباء والأجداد.

وفي خطابه التاريخي قال بطل معركة الكرامة وقائدها المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله وصوته ما زال مدوياً بين أركان المكان يفوح بأجمل الكلام " يا إخوتي في السلاح يا حصن الأردن الحصين ودرع العرب المتين يا معدن الفخر وينبوع الكبرياء، يا ذخر البلد وسند الأمة، وأصل البطولة والفداء، أحييكم تحية إكبار لا تقف عند حد وتقدير لا يعرف نهاية، وأبعث مثلها إلى أهلي من ذوي الأبطال الذين سقطوا في ساحات الوغى بعد أن أهدوا إلى بلدهم وأمتهم أنبل هدية وأعطوا وطنهم وعروبتهم أجزل العطاء, فلقد كنتم جميعاً والله أمثولةً يعز لها النظير في العزم والإيمان، وقمة ولا كالقمم في التصميم والثبات، وضربتم في الدفاع عن قدسية الوطن والذود عن شرف العروبة أمثولة ستظل تعيش على مر الزمان".

وها هو جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين قائدنا المفدى يقف في هذا المكان يخاطب جيشه وشعبه النبيل قبل أربع سنوات حاملاً راية الآباء والأجداد حيث قال:" ونحن اليوم ومن هذا المكان نتوجه بتحية الفخر والاعتزاز لكل من شارك وساهم في هذه المعركة من مختلف الألوية والوحدات في الجيش العربي : لواء القادسية ولواء الأمير عالية ولواء حطين واللواء الهاشمي واللواء المدرع الستين وسائر الكتائب من المدفعية والهندسة والصيانة والتموين واللاسلكي والخدمات الطبية وغيرها، من كل التشكيلات التي ساهمت في تحقيق النصر في هذه المعركة".


أهداف المعركة

كانت معركة الكرامة ذات أهداف إسرائيلية إستراتيجية وحاسمة تهدف إلى احتلال سلسلة المرتفعات الشرقية لفرض سياسة الأمر الواقع، ويؤكد هذا حجم القوات التي تم حشدها لهذه العملية حيث وصلت إلى ما يربو على ثلاث فرق عسكرية: عبر جزء منها شرقي النهر، وكانت باقي القوات تحتشد في عمق المنطقة العسكرية الوسطى على الضفة الغربية لنهر الأردن وتنتظر دورها في العبور نحو أهدافها، حيث أن خريطة خطة الهجوم كانت تبين الأهداف النهائية بوضوح : وان المحلل العسكري عندما يرى تلك الأهداف يستطيع أن يخمن أو يقدر حجم القوات اللازمة لتنفيذ الهجوم عليها، ويؤكد هذا حجم القوات التي تم حشدها فعلياً بالإضافة إلى أن الحاكم العسكري الإسرائيلي للضفة الغربية دعا رؤساء البلديات في الضفة إلى قيادته وأبلغهم أنهم مدعوون لتناول طعام الغداء معه في عمان والسلط.

وما كان لهذا الهوس أن يُقهر لولا وقفة الجيش العربي في وجه تلك القوات المهاجمة، حيث قاتل رجاله بكل شجاعة وتضحية مستخدماً ما هو متاح له بأفضل السبل .

طبيعة المعركة

تعتبر معركة الكرامة من المعارك العسكرية المخطط لها بدقة، وذلك نظراً لتوقيت العملية وطبيعة وأنواع الأسلحة المستخدمة، حيث شارك فيها من الجانبين أسلحة المناورة على اختلاف أنواعها إلى جانب سلاح الجو، ولعبت خلالها جميع الأسلحة الأردنية وعلى رأسها سلاح المدفعية الملكي أدواراً فاعلة طيلة المعركة، وبالنظر لتوقيت المعركة نجد ان لتوقيت الهجوم (ساعة الصفر) دلالة أكيدة على أن الأهداف التي خطط للاستيلاء عليها هي أهداف حاسمة بالنسبة للمهاجم، وتحتاج القوات المنفذة لفترة من الوقت للعمل قبل الوصول إليها واحتلالها: هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن طبيعة الأسلحة المشاركة في تلك المعركة من الجانب الإسرائيلي - جميع أسلحة المناورة المسندة بأسلحة الإسناد والمدعومة بسلاح الجو - تؤكد أن المُخطط لتلك المعركة كان قد بنى خطته على معلومات استخبارية وأمنية اتضح من خلال تقييمها حجم القوات الأردنية المقابلة وتسليحها وطبيعة دفاعها، الأمر الذي حدا بذلك المخطط لزج هذا الحجم الهائل من القوات لتحقيق المفاجأة، وإدامة الاستحواذ على عنصر المبادأة أو المبادرة لتأسيس رأس جسر يسمح باستيعاب باقي القوات المخصصة للهجوم شرقي النهر، من أجل الوصول إلى الأهداف النهائية المرسومة: وهذا يؤكد حقيقة أن التخطيط تم لمعركة بين جيشين بهدف تحقيق أهداف معنوية وإستراتيجية..

إذ أن زخم الهجوم ما كان ليكسر لولا أن القوات المسلحة الأردنية كانت كبيرة ومنظمة، وتعمل من مواقع دفاعية منظمة ومخططة وفقاً لأسلوب الدفاع الثابت، حيث أن القوات التي عبرت النهر شرقاً قد تم التماس معها منذ البداية، ثم تم استدراجها ما بين الخطوط الدفاعية الأردنية على جبهة المعركة إلى أن تم امتصاص زخم هجومها في عمق المواقع الدفاعية التي تعتبر جهد الموقع الدفاعي الرئيسي، حيث خاضت القوات الأردنية المدافعة بما هو متاح لها معركة كبيرة في ذلك اليوم التاريخي.

مقتربات القتال

إن معركة الكرامة لم تكن معركة محدودة تهدف إلى تحقيق هدف مرحلي متواضع، بل كانت معركة امتدت جبهتها من جسر الأمير محمد شمالاً إلى جسر الأمير عبدالله جنوباً وكان الهجوم على ثلاثة مقتربات : أ. مقترب جسر الأمير محمد - مثلث المصري - السلط – عمان .

ب. مقترب جسر الملك حسين -الشونة الجنوبية - وادي شعيب - السلط – عمان .

جـ. مقترب جسر الأمير عبدالله – سويمة- ناعور- عمان.

هذا في الأغوار الوسطى ، وفي الجنوب كان هجوم تضليلي على منطقة غور الصافي وغور المزرعة .

ومن خلال دراسة جبهة المعركة نجد أن الهجوم الإسرائيلي قد خطط على أكثر من مقترب وهذا يؤكد مدى الحاجة لهذه المقتربات لاستيعاب القوات المهاجمة وبشكل يسمح بإيصال أكبر حجم من تلك القوات وعلى اختلاف أنواعها وتسليحها وطبيعتها إلى الضفة الشرقية لإحداث المفاجأة والاستحواذ على زمام المبادرة، بالإضافة إلى ضرورة إحداث خرق ناجح في أكثر من اتجاه يتم البناء عليه لاحقاً ودعمه للوصول إلى الهدف النهائي.

إن جبهة المعركة وتعدد المقتربات كانت الغاية منه تشتيت الجهد الدفاعي لمواقع الجيش العربي وتضليلها عن الهجوم الرئيسي، وهذا يؤكد أن القوات الموجودة في المواقع الدفاعية كانت قوات منظمة أقامت دفاعها على سلسلة من الخطوط الدفاعية بدءاً من النهر وحتى عمق المنطقة الدفاعية، الأمر الذي لن يجعل اختراقها سهلاً أمام المهاجم: وكما كان يتصور، لاسيما وأن المعركة قد جاءت مباشرة بعد حرب عام 1967.

 
نتائج المعركة 

مع انتهاء أحداث المعركة يكون العدو قد فشل تماماً في هذه العمليات العسكرية دون أن يحقق أياً من الأهداف التي شرع بهذه العملية من أجلها وعلى جميع المقتربات والمحاور، وعاد يجر أذيال الخيبة والفشل فتحطمت الأهداف المرجوة من وراء المعركة أمام صخرة الصمود الأردني ليثبت للعدو من جديد بأنه قادر على مواصلة المعركة تلو الأخرى وعلى تحطيم محاولات العدو المستمرة للنيل من الأردن وصموده وأثبت الجندي الأردني أن روح القتال لديه نابعة من التصميم على خوض معارك البطولة والكرامة .

وفي كلمته التاريخية قال المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه في اليوم التالي للمعركة " وإذا كان لي أن أشير إلى شيء من الدروس المستفادة من هذه المعركة يا إخوتي فإن الصلف والغرور يؤديان إلى الهزيمة وان الإيمان بالله والتصميم على الثبات مهما كانت التضحية هما الطريق الأول إلى النصر وان الاعتماد على النفس أولاً وأخيراً ووضوح الغاية ونبل الهدف هي التي منحتنا الراحة حين تقرر أننا ثابتون صامدون حتى الموت مصممون على ذلك لا نتزحزح ولا نتراجع مهما كانت التحديات والصعاب".

وفشل العدو في مخططاته التي عرفت من الوثائق التي كانت لدى القادة الإسرائيليين وتركت في ساحة القتال وهي احتلال المرتفعات الشرقية ودعوة الصحفيين لتناول طعام الغداء في عمان .

كما جسدت هذه المعركة أهمية الإرادة لدى الجندي العربي والتي كانت متقنة وذات كفاءة عالية وساهمت بشكل فعال في حسم ونجاح المعركة , وأبرزت أهمية الإعداد المعنوي حيث كان هذا الإعداد على أكمل وجه , فمعنويات الجيش العربي مرتفعة حيث ترقبوا يوم الثأر والانتقام من عدوهم وانتظروا ساعة الصفر بفارغ الصبر للرد على الظلم والاستبداد.

وأبرزت المعركة حسن التخطيط والتحضير والتنفيذ الجيد لدى الجيش العربي , مثلما أبرزت أهمية الاستخبارات ,إذ لم ينجح العدو بتحقيق عنصر المفاجأة نظراً لقوة الاستخبارات العسكرية الأردنية والتي كانت تراقب الموقف عن كثب وتبعث بالتقارير لذوي الاختصاص حيث تمحص وتحلل النتائج فتنبأت بخبر العدوان من قبل إسرائيل مما أعطى فرصة للتجهيز والوقوف في وجهها.

خسائر الطرفين: قواتنا الباسلة

86 شهيداً , 108 جرحى ، تدمير 13 دبابة و39 آلية مختلفة العدو .......

250 قتيلاً و450 جريحاً , وتم تدمير 88 آلية مختلفة شملت 27 دبابة و18 ناقلة و24 سيارة مسلحة و19 سيارة شحن وإسقاط 7 طائرات مقاتلة .

قالوا في المعركة

" اتضح أمران في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على الكرامة أولهما أن الإسرائيليين اخطأوا في حساباتهم خطاً فادحاً إذ أنهم واجهوا مقاومة اعنف مما كانوا يتوقعون والثاني أن هجومهم على الكرامة لم يحقق شيئا" . الديلي تلغراف "لقد قاوم الجيش الأردني المعتدين بضراوة وتصميم وان نتائج المعركة جعلت الملك الحسين بطل العالم العربي" . نيوز ويك الأمريكية "أما معركة الكرامة فقد كانت فريدة من نوعها بسبب كثرة عدد الإصابات بين قواتنا .. فقدت إسرائيل في هجومها الأخير على الأردن آليات عسكرية تعادل ثلاثة أضعاف ما فقدته في حرب حزيران".

حاييم بارليف/رئيس الأركان الإسرائيلي الأسبق "لا يساورنا الشك حول عدد الضحايا بين جنودنا ... لقد برهنت العملية من جديد أن حرب الأيام الستة لم تحقق شيئاً ولم تحل النزاع العربي الإسرائيلي" . عضو الكنيست الإسرائيلي (شلومو جروسك) " لقد شاهدت قصفاً شديداً عدة مرات في حياتي لكنني لم أر شيئاً كهذا من قبل لقد أصيبت معظم دباباتي".

المقدم (أهارون بيلد) قائد إحدى المجموعات الإسرائيلية في معركة الكرامة " لقد شكلت معركة الكرامة نقطة تحول في تاريخ العسكرية العربية" .

المارشال جريشكو رئيس أركان القوات المسلحة السوفييتية " ان التقارير الواردة من الشرق الأوسط تؤكد بأن الأردن أحرز نصراً يستند إلى أسس متينة".

المستر جون بورينته - المراسل الخاص لوكالة اليونايتد برس " لقد اثبت الأردن جيشاً وشعباً وحكاماً أنه رغم صغره وضآلة موارده وافتقاره إلى الكثير من الأسلحة الضرورية اللازمة، اثبت انه قلعة صمود وبرج تضحية وأنه كما قال مليكهُ" مستعدٌ للموت على أرضه" .

 

احداث معركة الكرامة كما يرويها ابطالها  
  
يرتبط يوم الحادي والعشرين من شهر آذار بذكرى مشرفة مكللة بالمجد والكرامة والشموخ ، ذكرى معركة الكرامة الخالدة التي سطر فيها جيشنا العربي المصطفوي قبل اربعة واربعين عاما اروع البطولات والانتصارات على القوات الاسرائيلية المعتدية .

وكان للايمان الصادق لابطالنا البواسل الذين شاركوا في المعركة وعقيدتهم الراسخة وثباتهم الاثر الاكبر في تحقيق النصر على القوات المعتدية وتحطيم اسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر . وكالة الانباء الاردنية ( بترا ) التقت عددا من ابطال الجيش العربي المصطفوي الذين كان لهم شرف المشاركة في هذه المعركة الخالدة حيث قال اللواء المتقاعد حاكم طافور الخرشه مساعد قائد سرية دبابات في الكتيبة الثالثة آنذاك : كان الجيش العربي الاردني اول جيش عربي يلحق الهزيمة بالجيش الاسرائيلي ، ويستولي على دباباته والياته التي عرضها في ساحة امانة عمان عقب انتهاء المعركة ، وقد بكت العيون فرحا عندما رأتها ولهذا النصر الذي رد الاعتبار بعد خسارة العرب في حرب العام 1967.

يفصّل اللواء الخرشه احداث المعركة في المحور الشمالي منها وهو - جسر داميا مثلث المصري مثلث العارضة - قائلا : وردت انباء قبل المعركة بايام عن وجود حشود عسكرية اسرائيلية غربي النهر واحتمال قيام اسرائيل بهجوم عسكري , فقامت قواتنا الباسلة بالتحضير للمعركة وتجهيز المواقع الدفاعية وتهيئة الجنود معنويا وتغيير المواقع العسكرية في المنطقة ووضع الخطط اللازمة .

ويضيف انه وبالفعل وفي الساعة الخامسة والنصف فجرا اندفعت القوات الاسرائيلية باتجاه النهر حيث عبرت جسر داميا ، العدد والعدة كانت اضعاف عدتنا وعتادنا , وكانت الخطة ان تبقى القوات المعتدية مندفعة بالتقدم نحو الشرق لتصل بالقرب بما يعرف بمثلث المصري , وحين وصولها واجهتها فصائل دباباتنا بالرماية الكثيفة من اليمين والشمال والحقت بها خسائر جسيمة لم يكن يتوقعها العدو ما اضطر قواته الى التراجع ثلاثة كيلو مترات للتجمع واعادة التنظيم .

ويقول : ثم عادت للهجوم بالامتداد العرضي لمسافة اربعة كيلو مترات من المنطقة الغربية لمثلث المصري جنوبا وحتى مثلث العارضة شمالا , لكنها ورغم ذلك الامتداد كانت تحت الرماية لقواتنا الباسلة حتى أجبرت على التراجع مرة اخرى فانسحبت للخلف لاخلاء القتلى والجرحى والاليات المدمرة واعادة تنظيم الصفوف .

ويضيف ان هذه القوات عندما تراجعت طلبت تعزيزات من المنطقة الجنوبية لضرب قواتنا في منطقة مثلث المصري نظرا لصمودها القوي , ثم عادت للهجوم ودارت معركة انتهت بهزيمة القوات الاسرائيلية وانسحابها باتجاه الغرب ولم تتحقق اهدافها في هذا المحور والرامية الى احتلال مرتفعات السلط لاهميتها العسكرية بالاضافة الى تحطيم الروح المعنوية في نفوس قواتنا المسلحة , لكن وبفضل الله سبحانه وتعالى لم تتحقق اهدافها .

ويسرد لنا اللواء المتقاعد الخرشه انه واثناء المعركة حيث حاجتنا للذخيرة الموجودة في منطقة تبعد ثلاثة كيلو مترات عن السرية , ورغم شدة القصف الارضي والجوي من قبل العدو , وحيث انه لا مجال للمسير الا على الطريق العام المكشوف أبى الا ان يذهب بسيارة , فنقل الذخيرة وتم تزويد الاليات والمدافع بها , هكذا كانت الروح الدفاعية العالية التي امتاز بها افراد وضباط قواتنا المسلحة والتي نعتز ونرفع رؤوسنا عاليا بها .

اللواء المتقاعد محمد رسول العمايرة قائد فصيل في كتيبة الدبابات الثالثة الملكية في منطقة المغطس آنذاك تحدث قائلا : ان قسما من قوات العدو بدأ في صباح الحادي والعشرين من اذار 1968 بعبور جسر الملك حسين باتجاه الكرامة, وآخر منها اتجه للشونة الجنوبية وثالثا باتجاه الكفرين , حيث تقدمت قوات العدو الى ان اصبحت خلف فصيل دباباته , حينها تراجعت وقواتي الى منطقة الجوف وكان التحرك صعبا لكثرة البساتين وتم الاستقرار في منطقة اصبح العدو فيها مكشوفا لنا , فتقدمنا باتجاهه واشتبكنا في معركة ضارية , وفي وقتها وصلت سرية الدبابات الخامسة الملكية الاحتياط التي كانت في منطقة طبربور وتحركت بسرعة كبيرة رغم القصف الجوي , إلا انها وبحمد الله سبحانه وتعالى وصلت وتوزعت على جبهات المعركة .

ويتابع : بعدها التحقت سريتي بالقسم الذي وصل الجوف والكفرين ثم العودة الى منطقة المغطس لاعادة التنظيم وكانت الساعة حينها الحادية عشرة قبل الظهر , ثم تقدمت القوات وبدات سريتي بالرماية الكثيفة الى ان اجبر العدو على التراجع واخلاء القتلى والجرحى والاليات المدمرة , والاتجاه غربا تحت رماية وضربات قواتنا الباسلة .

ويضيف اللواء المتقاعد العمايرة ان طيراننا لم يشارك في المعركة في ظل السيطرة الجوية لطيران العدو , لكن كان يصعب عليهم في الكثير من الاحيان استخدام الطيران في حالة الاشتباك وايضا لكثرة الاشجار , بالاضافة الى ان طبيعة التربة شرق النهر كانت تخفف اضرار القصف الجوي بعكس طبيعة الارض الصخرية التي ينتج عن قصفها شظايا خطيرة .

وكانت قوات العدو وفقا لقوله اكثر عددا وتسليحا وامكانيات الا انه وبحمد الله وفضله سبحانه ثم عزيمة الجيش العربي الاردني المصطفوي الباسل انهزم جيش العدو وانكسر وتراجع , إذ كان يعتبر هجومه نزهة ذاهب اليها .

يقول العمايرة ان قائد المنطقة العسكرية الوسطى الاسرائيلي انذاك دعا بعض اصدقائه قبل المعركة باسبوع الى تناول طعام الغداء في عمان , لكن وبحمد الله تحقق النصر وتحطمت معنوياتهم بعزيمة قواتنا وابطالنا .

العميد المتقاعد أمين بنية المحيسن الذي عمل ضابط استخبارات كتيبة الدبابات الثالثة الملكية آنذاك تحدث قائلا : تطلب عملي متابعة كل ما تقوم به الكتيبة وما يحصل معها في كل المواقع من العارضة شمالا وحتى البحر الميت جنوبا وكان يقودها آنذاك المقدم علاوي نجادات .

ويضيف ان الاستخبارات كانت تتابع وعن كثب ومنذ مطلع اذار تحركات العدو وحشود قواته العسكرية في الليل والنهار , وحتى العشرين منه , وعلى امتداد تلك الفترة قامت قواتنا بالكثير من التجهيزات والاستعدادت الحربية حتى ليلة المعركة بعدما تم تحديد ساعة الصفر وهو صباح اليوم التالي .

ويقول : كان الجميع افرادا وضباطا يقسمون على الشهادة , وكم كان بداخلهم تأثر نفسي - جراء نكسة 1967- وكانت الروح المعنوية عالية جدا لدى الجميع في قواتنا المسلحة اذ كان التفكير الوحيد هو النصر وليس غير ذلك ابدا .

ويشير الى حماس جنودنا الابطال اثناء المعركة , إذ كانوا يقبلون على القتال كما يقبلون على الحياة , ويذكر انه وقائد الكتيبة مروا ليلة المعركة على قائد فصيل المشاة الموجود على النهر واخبراه ان المعركة ستكون صباحا , فاقسم وجنوده ان العدو لن يمر من هنا الا على اجسادهم وفعلا صباح المعركة استشهدوا جميعا .

ويقول المحيسن : في الصباح قطعت قوات العدو جسر الملك حسين باعداد كبيرة ونيران كثيفة على قواتنا الامامية ( قوات الحجاب ) ووصلت الى اطراف الشونة الجنوبية , وتم اطلاق النيران الكثيفة عليهم من قبل قواتنا الباسلة وتدمير عدد كبير من آلياتهم , فاضطروا الى التراجع لاعادة تنظيم قواتهم ثم اعادوا الهجوم ولم يستمروا في القتال وتراجعوا , وللمرة الثالثة تراجعوا ايضا واوقعنا بهم الخسائر الكبيرة .

ويضيف أن قوات العدو وفي الساعة العاشرة والنصف صباحا اصابها اليأس واستقرت في مكان تراجعها , بعدما تم تدمير فصيل دبابات بأكمله كان يقوده أهارون بيلد والمكون من 46 دبابة ولم ينج منها الا دبابتين .

ويضيف انه وفي الساعة الحادية عشرة والنصف صباحا طلب العدو وقف اطلاق النار الا ان المغفور له جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه والذي كان موجودا حينها في قيادة الفرقة الاولى , اتصل بالقادة في ارض المعركة الذين اكدوا انهم منتصرون بعون الله ,فكانت ابتسامة الحسين رحمه الله عندما سمع ذلك مليئة بالفخر والاعتزاز بالقوات الاردنية العربية الاصيلة والتي سطرت في ذلك اليوم الاغر نصرا مؤزرا طردت به المعتدين الذين انسحبوا في حدود الساعة التاسعة والنصف مساء . (بترا)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات