يوميات الثورة السورية الكبرى ٢٠١١-٢٠١٢م
- الجزء السابع
بعد بابي عمرو : على أبواب إدلب ٢-٢ !
حسم النظام أمره وكانت محافظة إدلب محطة جرائمه التالية بعد حمص, في الجزء الأول من هذه اليومية وضعنا اسباباً مرجحة لهذا الإختيار لكننا نضيف اليوم أن النظام وسّع خارطة تحركه العسكري لتشمل بالإضافة إلى إدلب مناطق ومحافظات متعددة وإن على مستوى أقل من العنف في كل من أرياف حماة وحلب واللاذقية والرقة ودمشق ودرعا.
الهجوم العسكري الذي بدأ فجر السبت العاشر من اذار مارس ٢٠١٢م شمل مدينة إدلب كهدف أساس إضافة إلى بلدات وقرى كـ "أريحا والجانودية ومعرة النعمان وسراقب وخان شيخون والمسطومة وسرمين والنيرب وقرى جبل الزاوية ". ذات المسلك الذي إتبعه النظام في هجومه على بابا عمرو يستخدم في محافظة إدلب وإن على نطاق أوسع جغرافياً.
عسكرياً ونحن في اليوم الحادي عشر من الهجوم - الثاني والسبعين بعد المائة الثالثة من الثورة المباركة الظافرة لا تخرج تطورات الموقف العسكري عن التوقعات وإن كنا نسجل خمس نقاط مميزة تُُحدث إن إستمرت تطوراً دراماتيكياً في مجريات العمليات والفعاليات العسكرية في ساحة المواجهة:
١- أولاً : الإزدياد في إستخدام السلاح المضاد للدروع وسلاح القناصة في مواجهات مدينة إدلب وأريحا وجبل الزاوية والأربعين وهو أمر لم تشهده الثورة بهذا الشكل مسبقاً - تطور إيجابي فعال يعكس فهماً لطريقة حسم هذه المعارك, عملياتياً يدرك العارفون بالشأن العسكري ان كسر العمود الفقري للجيش الاسدي لا يتم عبر الاسلحة الخفيفة أو إستهداف الأهداف البشرية له وإنما تحطيم الألة العسكرية الثقيلة التي يستخدمها في السيطرة على المدن والبلدان والقرى- الخسائر التي تكبدها النظام على هذا الصعيد هي الأعلى حتى الأن في معركة أريحا وجبل الأربعين بواقع ١١ دبابة وعربة مدرعة - مع الإشارة للهجوم النوعي على حاجز التمانعة في مدينة خان شيخون - تسجيل لأول عملية مصورة مثبتة حول إستهداف مطار أبو الظهور وتدمير طائرة عسكرية رابضة قرب مخبئها الإسمنتي المسلح - تطور يحسب بكل الإحتراف لمنفذي هذه العملية ومدبريها.
٢- ثانياً: أخذ زمام المبادرة من قبل الثوار وكتائب الجيش السوري الحر في مهاجمة قوات النظام في اكثر من نقطة داخل محافظة إدلب وفي اكثر من محافظة على التوالي - الأمر الذي يخفف حقيقة من كثافة وقوة الهجوم العسكري على محافظة إدلب- بالتواصل مع الثوار اسجل هاهنا أن الأحرار قد فهموا الرسالة جيداً ويعملون على عدم منح النظام فرصة لتحديد مكان وساعة المعركة مع إستنزافه وضرب خطوطه الخلفية وتشتيت قوته العسكرية وفي اكثر من محور ذي خط إمداد طويل يقلل سرعة الإمداد ويجعله في دائرة مرمى نيران الثوار - هذه التطور لم يلاحظ في شكله الحالي عندما كنا نناشد بفعل هذا التحرك أثناء حصار حي بابا عمرو.
٣- ثالثاً:إزدياد واضح وإن بمعدل بطيء في عمليات إستهداف المجرمين والشبيحة وعمليات الأسر - العميد الركن نعيم خليل العودة في منطقة دوما أنموذجاً - عمليات وإن كانت في نظر البعض إنزالاً للعقاب العاجل والقصاص العادل بمن إرتكب جرائم ضد شعبنا العظيم لكن وقعها النفسي وتأثيرها المعنوي أكبر بكثير من عدد هؤلاء الاشخاص أو أوزانهم - عمليات تجعل كل مجرم يتلفت وراءه ولو لدقائق معدودة - هذه المشاعر المضطربة والمرتجفة من وصول يد الثوار إلى النواصي الخاطئة والرقاب الأثمة أساسية في وقوع هزيمة العدو وخسارته
٤- رابعاً:دخول الثورة المباركة في مرحلة إعلامية هامة تمثلت بدخول فرق إعلامية تابعة لقنوات شهيرة كالجزيرة وبردى وغيرها إلى ما أطلق عليه " معسكرات الجيش السوري الحر" وتوظيف قناة هامة كقناة الجزيرة لناشطين من الداخل كمراسلين في مناطق متفرقة من الأراضي السورية - كلا الأمرين يوحي بفقدان النظام السوري للسيطرة على بعض المناطق ويهيأ ذهنياً ونفسياً لمرحلة " المناطق المحررة" أو" الأمنة " أو " العازلة " بغض النظر عن المصطلح المستخدم لتوصيف هذه المناطق.
٥- خامساً: توسع خارطة الحراك الثوري إلى مناطق كانت تعد هادئة نسبياً أو ذات مشاركة محدودة في خارطة التظاهرات والإحتجاجات . دخلت بالتزامن مع معركة إدلب خمس مناطق بقوة أكبر وهي محافظة الرقة والسويداء والحسكة وقلب حلب ناهيك عن زيادة الحراك في مناطق هي الأقرب لقلب دمشق- تطور يعكس أهميته عبارات التحدي للرئيس الخائب بزيارة مدينة الرقة والصلاة فيها الأن مثلما فعل في صلاة عيد الاضحى الماضي قبل اشهر معدودة فقط.
في غرفة عمليات الثورة المباركة وفي ميدان معركة إدلب وعلى أبواب الإنتصار فيها نؤكد مجدداً على أهمية النقاط التالية:
١- عدم التشبث بالارض والإعتماد على هجمات الكر والفر وهجمات الإستنزاف والهجوم والإنسحاب
٢-عدم إعطاء قوات النظام فرصة لإلتقاط الأنفاس والمبادرة في المناطق الهادئة إلى مهاجمتها ومنع إستفرادها بمناطق محددة أو منحها فرصة تحديد مكان وموعد المعارك
٣-التركيز على ضرب خطوط الإمداد المتوجهة لهذه القوات لاسيما إمدادات الطعام والوقود
٤- الإعتماد على الغنائم في تعويض نقص السلاح والذخيرة ولعل سخطنا من نقص الاسلحة وتخاذل الأشقاء والاصدقاء عن تسليحنا يخففه فهمنا أن اي عملية تسليح كبيرة ستكون مشروطة بشروط محددة وولاءات مشتراة وتحكم بكميات الذخيرة والعتاد, وهو أمر سيجعل تدفق هذه المساعدات رهناً بقرارات الساسة التي لا ثقة ولا تكهن بتقلباتها وهو امر يجعل سلاح المقاومة وعملياتها تحت رحمة أجندة ومصالح قد لا تتقاطع مع مصالح الثورة وتوجهات الثائرين
٥- تكثيف عمليات مهاجمة مخازن الأسلحة ومعسكرات الجيش وقوات الأمن والشبيحة
٦-التصويب بإتجاه الصدر والأطراف السفلية في صد الهجمات الراجلة المكونة من أعداد كبيرة من جنود وزبانية النظام بهدف إخراج أكبر عدد منهم من ساحة المعركة بغرض إخلاء الجرحى ناهيك عن الأثر النفسي الذي يصيب المجندين غير ذوي الاقدمية في الجيش من منظر الدماء والأنين والصراخ
٧-التركيز على عمليات الاسر والإغتيال في صفوف الضباط وقوات الأمن وإعطاء الدلالة أن يد الثوار قد باتت قادرة على أن تطال من تريد من أعداءها
٨- السعي نحو تحالف وتنسيق بين شتى المجموعات العاملة في منطقة واحدة او عدة مناطق ونبذ اي خلاف أو فرقة
٩- إن كلمة السر في تخفيف اي هجوم وفك أي حصار هو دمشق وريفها والساحل العتيد... وضربات عسكرية في مثل هذه المناطق تترك اثرها الواضح في التخفيف عن المناطق الأخرى الملتهبة تحت القصف
وأخيراً...ربما تطول معركة إدلب وتتعقد..أو تتوقف فجأة بمفاجأة غير محسوبة أو متوقعة لكنها في كل الأحوال معركة عض الاصابع وكسر العظم... ومن يدري فلعل زيتون الخضراء المدمى سيحرق أصابع هذا النظام ويحطم " عظامه " على صخور " إدلبية" - قال المحللون ربما!!
د.محمد شادي كسكين
الأمين العام لتيار العدالة الوطني في سورية
في اليوم الثاني والسبعين بعد المائة الثالثة من الثورة المباركة - العشرين من مارس أذار ٢٠١٢م