ما يُعثّر القمة.. أكثر من الأمن!

المدينة نيوز - ليس الخوف على حياة المؤتمرين في القمة اياً كان مستوى التمثيل الذي تكون عليه هو الذي يعثر انعقادها أو يسبب انخفاض مستوى التوقعات منها أو يجعلها شكلية وغير قابلة للنجاح فهناك جدول اعمالها والموضوعات التي ستناقشها والمواقف المتباينة والمختلفة والمتعارضة التي تقتحمها..وهي موضوعات تنافس الامن في التاثير وتزيد عليه..
المخاوف الامنية يمكن تجاوزها حين تنعقد القمة في ركن ركين من المنطقة الخضراء او حتى المطار نفسه وقريباً من المدرجات والمهابط وسلالم الطائرات ولكن الذي لا يمكن تجاوزه هو هذا الاختلاف المبكر في المواقف ما بين المضيفين للقمة وهي الحكومة العراقية برئاسة المالكي وما بين المدعوين حيث تدور الاشتباكات السياسية لكثير من المعارك في ساحات عربية بما يعصف بالقمة التي ارادت ان تعين بغداد وأن تعيد تأهيلها لتجد ان مواقف بغداد ما زالت تزيد الطين بلة..
يبدو ان قادة القمة سيتغطون بذرائع جديدة غير الامن وهم يراجعون الموقف العراقي..من سوريا وحزب الله وايران والبحرين والمصالحة الداخلية وقضية الهاشمي والخلافات مع الاكراد والمواقف المشاركة..وسيكون حالهم حال الذين يتردد في الصلاة فيذهب ليجد الجامع مغلقاً فيقول «جاءت منك»!!
الدول الخليجية تهمها القمة من منظور يختلف عن ما يهم الحكومة العراقية ولذا فإن دول الخليج وان حضرت فإن تمثيلها في القمة باستثناء الكويت سيكون متواضعاً او على مستويات متدنية من التمثيل ..ما يهم العراقيين هو نجاح القمة من خلال ارتفاع مستوى التمثيل ليكون الحضور نوعياً وأيضاً كمياً بمعنى ان لا يحدث الغياب اذ تريد بغداد صرف هذا الرصيد من النوعي والكمي لاثبات سلامة العملية السياسية التي تعمل من أجلها وانها تخرج من أزماتها وان التهديدات الامنية مفتعلة وليست اصلية..
الجديد المربك عند بغداد هو نتائج زيارة الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية في دولة الامارات والذي أدار محادثات وطرح أسئلة لم يجد لها اجابات وحتى الاجابات التي وجدها لبعض اسئلته غير مريحة وتذهب باتجاه برامج ورؤية أخرى تتصادم مع رؤية دول الخليج وهذا ما حدا بوزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل للادلاء بتصريحات مشككة بعد اجتماع دول مجلس التعاون للتباحث في أجواء القمة قُبيل انعقادها..
بعض العرب المهتمين لن تأخذهم القضية الشكلية والتي يدرجون الامن على أهمية فيها ..فهناك من يضمن الامن أو يستطيع ان يحفظه لفترة الانعقاد وهناك من الخدمة في القمة ما يكفي خاصة وان الحكومة العراقية رصدت أكثر من اربعين مليون دينار للضيافة ومبالغ اخرى لاحدث اجهزة الانتقال والاتصال وما يسر العين ويبعد الشؤم..
العراق بحاجة ماسة للقمة التي انتظرها طويلاً والتي لم تنعقد على أرضه منذ غياب حكم صدام وهذه الحاجة المعلنة يجري استغلالها من جانب أطراف عربية ايضاً وهو ما يؤثر في مستوى التمثيل ويبدو أن هذه المسألة وليس الأمن هي نقطة الخلاف ..فهل يقوى العراق على الاجابة وتلبية كل المطلوب أو الحد الذي يسمح بارتفاع مستوى التمثيل وانجاح القمة..؟ وهل يخفف العراق من الضغوط الايرانية عليه وهل يتراجع المالكي عن مواقف داخلية اتخذها منذ فترة تتعلق بالمصالحة والعملية السياسية الداخلية ؟.. وهل سيكون مهر القمة العراقية عالياً على حكومة بغداد وهل يتم الزواج وتتحمل حكومة المالكي ديوناً قد لا تستطيع تسديدها ؟..
القمة العربية هي اختبار لحكومة المالكي فهل تنجح حكومته في هذا الامتحان ؟ أم أن العراق ما زال بحاجة الى تأهيل أفضل ليقوى على عقد قمة تكون نتائجها لصالحه وليس لاختباره واثبات عجزه..
البيان الذي تجهزه القمم العربية مسبقاً بحبر ليس كله عربي ..لن يكون جاهزاً هذه المرة فما زالت كتابته صعبة رغم ان موعد القمة على الأبواب ولا ينفع القول القمة بمن حضر أو اغماض العين عن مستوى التمثيل الذي قد يكون تمثيل الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية افضل منه لجهة العدد والانتظام..فما العمل؟
(الراي)