ترشيح الشاطر : جريمة الإخوان
"من أجلكم وافقت على معاهدة 36 و من أجلكم اليوم أعلن إلغائها" كانت هذه مقالة للنحاس باشا إمام الليبراليين و زعيم حزب الوفد و رئيس وزراء مصر سنة 1951 عندما ألغى المعاهدة التى كان قد وقعها بنفسه سنة 1936 التى يعتبرها الليبراليون "معاهدة الاستقلال والشرف" . فتخلد كلمات النحاس باشا و يتغنى بها الليبراليون و يضربون بها المثل.
يقول منتقدى الجماعة أنها فى فبراير 2011 صرحت "لن نرشح أحدا من أجل مصر" وفى مارس 2012 " نرشح الشاطر من أجل مصر" يصبح الإخوان كاذبون و إنتهازيون . يبدو أن الموضوع ليس مواقف و قرارات بل من يقول الكلمات.
هل فى المواقف السياسية ثوابت ؟ ما يصلح اليوم لا يصلح للغد. الجماعة لديها أسبابها للقرار الأول و أسبابها للقرار الثانى و التى لن نناقشها هنا. و إنما نناقش موقف التيارات السياسية المختلفة من قرارى الإخوان.
هل كذبت الجماعة؟ الكذب هو أن يخبر الإنسان عن شيء بخلاف الحقيقة. فالقرار الأول لم يكن كذباً كان فى منتهى الصدق و طبقته الجماعة بحذافيره و الدليل هو فصل الدكتور أبو الفتوح. و لا ننسى الإتهامات التى كانت تلاحق الجماعة بأن فصل الدكتور أبو الفتوح هو مجرد خداع للرأى العام و أن الجماعة ستؤيده فى السر أو فى النهاية. فالقرار الجديد يثبت أن الجماعة ما كذبت فى قرارها الأول لأنها أخبرت بحقيقة سياستها فى ذلك الوقت. و الكذب هو أن ترشح الجماعة أو تدعم مرشحاً بدون أن تعلن ذلك للرأى العام. و لكن إصدار القرار الجديد هو منتهى الصدق و يعبر عن قرار الجماعة الحالى و قد كانت الجماعة مقدرة كم الإتهامات التى تواجهها و لكنها إختارت الإعلان عن قرارها.
و بغض النظر عن أسباب الجماعة لتغيير موقفها فهذا حق سياسى أصيل للجماعة لا ينازعها فيه أحد. فالجماعة هى من إتخذت القرار و لم توقعه مع طرف سياسى ثالث حتى تستأذنه فى الرجوع عنه أو إلغائه . هى هى نفس الجماعة التى إتخذت قرار المشاركة.
ليس من حق أى حزب أو جهة الإعتراض أو تأييد القرار و لم تدعوا الجماعة لذلك. الشعب وحده هو صاحب الحق الوحيد فى رفض القرار و الإعتراض عليه بإسقاط مرشح الجماعة فى الإنتخابات.
موقف الجماعة من أبو الفتوح: عندما ينتقل لاعب من النادى الأهلى رغماً عن إرادة النادى تحرم عليه الإدارة اللعب أو التدريب أو إسناد أى عمل يخص النادى إليه حتى أن البعض لا يجرؤ حتى على الدخول من البوابة و يتغنى الناس بقيم القلعة الحمراء. أما عندما يخرج الدكتور عبدالمنعم عن قرار إجماعى ملزم لكافة الأعضاء و يتخذ قراره بالترشح فتتخذ الجماعة قراراً بفصله تذرف الدموع و تسفه قيم الجماعة وتنطلق الإتهامات. ألا ساء ما تحكمون ألا تستحق الجماعة أن تكون مثل القلعة الحمراء ؟
فياللعجب الدكتور عبد المنعم أصبح مرشحاً مفضلاً لبعض القوى الليبرالية. إذا كنتم قد أعجبتم بالدكتور عبدالمنعم فهى هى نفس المدرسة التى أخرجت المهندس الشاطر. فلم الدكتور عبدالمنعم مفضل لدى بعض القوى الليبرالية ؟ هل لمجرد فصله من الجماعة ؟ هل هذا أهم ما يميزه من وجهة نظركم (بعض القوى الليبرالية) ؟ وليس طبعاً من جهة مؤيديه من داخل الجماعة و خارجها.
برنامج الدكتور عبدالمنعم الآن لا يعكس و لا يتوافق مع البرنامج الحالى للجماعة. وهل لو كانت الجماعة وافقت على دعمه و إستجاب هو لطلبات الجماعة بإعادة صياغة برنامجه فهل ستستمر القوى الليبرالية فى دعمه ؟ و هل كان سيستمر من يؤيده الآن فى تأييده ؟ هل تحتاج هذه الأسئلة لإجابات ؟
وعموما فخر للجماعة أن تفتخر بكون الدكتور أبو الفتوح خريج مدرسة الإخوان على القائمة المفضلة للتيارات السياسية الأخرى.
الجماعة من الداخل : البعض أفاض فى شرح عدم مشروعية القرار و مدى توافق الإجراءات مع لائحة الجماعة الداخلية و القواعد التى أرساها المؤسس. وأنه تم إتخاذ القرار بنسبة تصويت غير حاسمة و هناك بعض المعينين فى مجلس الشورى قد إنحاز لإدارة الجماعة. و تحدث البعض عن الإستقالات الكثيرة و الإنشقاقات على جميع المستويات. فردت الجماعة بأدب جم و شكرت كل الحريصين "شكر الله سعيكم" على تماسكها الداخلى و أعلنت أن هذه الإستقالات (هى واحدة حتى الآن) قدمت منذ 15 عاماً و لا علاقة لها بهذا القرار أو سابقه و تحدت أن يكون قد خرج أى أحد من أعضاء مجلس الشورى أو المكاتب الإدارية بتصريح يخالف قرار الجماعة أو يعلق عليه.
جريمة الإخوان الحقيقية : لنكن صرحاء ما إعترضت القوى الأخرى على القرار الجديد حباً فى الدكتور أبو الفتوح و لا حرصاً على سمعة الجماعة و لا خوفاً عليها من الإنشقاق الداخلى. و إنما هو الوعى التام لشعبية الجماعة و الخوف من قدرتها على حشد الشارع خلف مرشحها. فالجماعة لم تعين رئيساً للجمهورية كما كان معمولاً به من قبل عندما كان مجلس الشعب يرشح إسماً يُستفتى عليه الشعب. فجريمة الإخوان ليست إلا الشعبية الكاسحة (مع حزب النور) التى يتمتعون بها فى الشارع.
فالجماعة والحزب ما فعلا أكثر من ممارسة حق سياسى و رشحتا (مجرد ترشيح) المهندس خيرت الشاطر ضمن 8 مرشحين حتى الآن. فالحكم النهائى للشعب و عبر صناديق الإنتخابات.