يوم للدم العربي
الدم هو الدم.... بلونه الأحمر القاني ,وهو ماء الحياة , و متوافر في كل مخلوقات الله سبحانه وتعالى , وهو ليس كالماء ....فله لون وطعم ورائحة ...وفيه سر الحياة ...ينتشر في الشرايين التي تغذي الجسم المكون من اللحم بالأكسجين والغذاء ... ويظهر الدم ويخرج من الأجسام الحيوانية بما فيها الإنسان حين تجرح أو تقتل.... وحتى لا يأخذ القارئ الكريم انطباعا خاطئا عن المقالة فهي .... ليست مقاله علميه طبية عن الدم وزمره وأمراضه ومشاكله.
جميع المخلوقات المفترسة أكله اللحوم تقتل حين تجوع لان غذائها اللحم , ولا تقتل أبناء جنسها إلا ما ندر , إلا الذئاب التي يقال أنها تستمتع بالقتل والافتراس والإنسان الذي يستمتع بالصيد ويهواه ويقتل أيضا ليأكل , بل هو أكثر مخلوق يقتل من جنسه فالإنسان يقتل أخيه الإنسان ليس لأسباب غذائية , هو يقتله لأسباب عدائيه عدوانيه , قد تكون سياسيه أو عقائديه أو نفسيه أو اقتصاديه , أو لمصلحه ما ربما تكون شخصيه في أكثرها , وربما تكون مصيبة الإنسان في عقله كونه المخلوق الوحيد الذي له عقل يزين له الأشياء ويدفعه للإجرام والقتل .
منذ بدء الخليقة والإنسان يقتل أخاه الإنسان , والشعوب والقبائل تتقاتل , والحروب تشن , والحروب التي سجلها التاريخ كثيرة , وبرع الإنسان في صناعه أدوات القتل من السكين والسيف إلى القنبلة الذرية التي لم يتورع عن استعمالها الأمريكيون ضد الشعب الياباني خلال الحرب العالمية الثانية .
أما نحن العرب , فقد كان الغزو أهم وسائلنا لكسب الرزق ,بالإغارة على الجيران من القبائل الضعيفة وسلبهم ما يملكون من حيوانات ومتاع ونسبي نسائهم ونستعبد من يبقى حي منهم وربما نبيعه نحن أكثر الشعوب التي مارست الرق عبر التاريخ , معاركنا الكبرى فيما بيننا قبل الإسلام كانت تسمى (أيام ) كيوم حليمة وحرب داعس والغبراء وحرب البسوس , كانت تشتعل هذه الحروب لأسباب تافهة طبعا , وبعد أن دخلنا الإسلام الذي لم يستطيع القضاء على عصبيتنا القبلية , التي ساهمت في تشرذم ألامه وتفرقها في لعبه الكراسي , والى ألان .
نحن من أكثر الشعوب دمويه وعنفا في التاريخ , صحيح إننا في بعض الحروب مع الآخرين نكون على حق , ولكن أكثر الحروب التي حدثت فيما بيننا ليس لها تفسير سوى الاستحواذ على الكرسي .
ونحن كعرب من أكثر شعوب العالم التي خضعت لحكم الأجنبي , في معظم تاريخها , إلى أن حكمنا العثمانيون باسم الإسلام لأ كثر من خمسمائة عام , ثم عادوا إلى قوميتهم وتخلوا عنا وعن الأرض التي حكموها طيلة خمسه قرون و التي خسروها في الحرب العالمية الأولى , وتركونا نتعرض في أوائل القرن العشرين لحكم الغرب الاستعماري , الذي قسمنا كغنيمة حرب ( سايكس بيكو ) وقبل أن يخرج اوجد انظمه مرتبط به مازالت تحكم إلى ألان تحت مسميات عديدة , انظمه ملكيه وراثية وأخري جمهوريه أصبحت وراثية كما حصل في سوريا , وكما حاولت بعض الأنظمة البائدة نتيجة الربيع العربي أن تفعل ذلك مثل حسني مبارك الذي كان يهيئ مصر لحكم ابنه جمال وعلى عبد الله صالح و القذافي كذلك لأبنائهم , ولكن لم تأتي الرياح كما تشتهي سفنهم, الربيع العربي الذي قوض هذه الأنظمة الباليه, سفكت فيه دماء عربية غزيرة, والثورات قدمت تضحيات بالأرواح كثيرة جدا.
أما في سوريا التي مازال شعبها غير قادر التغلب على النظام السادي الدموي العنصري الطائفي فيه , لأسباب كثيرة منها تعقيدات المواقف الدولية تجاه ثورتها المجيدة , وما زال النظام يقتل المئات يوميا ولأكثر من عام , هذا النظام الذي أباد ودمر مدن وقرى بأكملها .
نعود إلى عقدة الكرسي العربي , الذي يحاول الحاكم العربي البقاء عليه أكثر وقت ممكن رغم كل تلك الجماجم التي تتناثر حوله , الحاكم العربي الذي لا يستمد شرعيته من الشعب , ولا يعترف بنظريات العقد الاجتماعي, و الديموقراطية , بل يعود إلى نظريات الحكم الإلهي , وحكم من غلب , والبيعة المطلقة , والشرعية الثورية, ويجعل من قضيه فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي مطيه له كونه يعتبر نفسه نظاما ممانعا , رغم أننا لم نرى له رده فعل تجاه إسرائيل طيلة لأكثر من أربعه عقود مضت , وعمل على ضرب المقاومة الفلسطينية والتأمر ضدها , وقتل من الفلسطينيين أكثر مما قتل منهم الصهاينة ( تل الزعتر ) مثال على ذلك ,
بالأمس بمنا سبه يوم الأرض مثلا قتل الصهاينة فلسطينيا واحدا وجرحوا العشرات , بينما قتل النظام السوري أكثر من ثمانين وجرح المئات , رغم أن المقارنة هنا غير منطقيه فالإجرام بكل أشكاله واحد , والمجرمون متشابهون , وأن تقتل على يد ابن جلدتك أصعب مائه مرة على النفس من أن تقتل على يد عدوك اللدود التاريخي, والمقارنة غير منطقيه أيضا ولكنها تدل على عقليه القاتل ومدي دمويته وعنصريته وحقدة ودرجه عدوانيته , لا نبرر للصهاينة ما يفعلونه بالفلسطينيين , ولكنهم يخوضون معركة مصير وصراع وجود في صراعهم على الأرض مع الفلسطينيين ,
أما أن لشلال الدم النازف هذا أن يتوقف في سوريا , وأن تعود القيادة السورية إلى رشدها , وان تتصالح مع شعبها , قد يوجد فرصه للصلح والسلام , إذا هي لبت رغبه شعبها في الحرية والمشاركة في الحكم , قبل أن يفوت الأوان , فالشعوب لا تقهر أبدا وإن طال الزمن, وستنتصر في النهاية وتحقق إرادتها وطموحاتها وأمالها وتنال حريتها
هذا الدم العربي النازف يستحق أن نستحدث له يوما نسميه ( يوم الدم العربي ) يصادف أكثر يوم دمويه في التاريخ العربي المعاصر , ويكون يوما للشهيد العربي وفاء له نتذكر فيه تضحيته ونعترف له بفضله علينا.