هديل
أريد أن أتحدث عن هديل ...
هديل في الصف العاشر ، وترتدي مريول أخضر قصير ولديها جدولة حريرية طويلة ، وثمة بكلات "زهر " تزينها . وهي تحب أكل شيبس "ماكس " ، أظنها تفرط كثيرا في أكله ، بصراحة .... أحيانا اتمنى أن يكون اسمي "ماكس " .
كل صباح انا معتاد على رؤيتها ، فهي تأتي للذهاب مع بنت جيراني "آية " الى المدرسة ، وأحيانا تسألني "أديش الساعة " ، واحيانا تسالني " نزلت أية " ، أحيانا تقول لي "مرحبا " لا أملك أن أرد عليها الا " حبا ممرش مر القمر " فتضحك بخجل .
هديل بارعة في الذكاء ، فقد استطاعت قراءة حروف الشيب في رأسي ، لذا هي تناديني دائما "عمو " ، وهذه الكلمة تزعجني ، بل ترميني من صروح العودة لمراهقتي الأولى ، الى قاع العمر الذي مر متعجلا على حين غرة .
لكن هديل في نفس الوقت مبتدأة في الحياة والحياء ، فخدودها تتورد كلما قلت لها "شو هالجدولة الحلوة " ، أساسا هديل آخر الوجنات المتوردة في هذا الزمن ، وأصدق خبر لمن ظن بأن عصر الأساطير انتهى وأن الحياء بالفعل انقرض .
منذ أيام أصبحت هديل ترتدي الاشار ، ويبدو أنها غير راضية عنه ، أنا أيضا غير راضي ، فأنا معتاد على رؤية جدولة هديل المزركشة "بالبكلات الزهر " أساسا "الجدولة " كانت حبلي الوحيد الذي كلما غرقت في روتين الحياة وشيبات الرأس تشبثت به لبر الصبا ولأول طريق العمر .
حاولت أن أسأل "آية " عن أوضاع "هديل " ولماذا هي مزعوجة ، وهل الاشار السبب ، "أهلها غاصبينها " ؟؟ ، ردت علي "آية " ، لأ " الأنتيم هو اللي غاصبها " ؟ "بغار على جدايلها " .
أمس رأيت مشهدا أفزعني ... قلب كل موازيني وحطم كل معتقداتي ونثر مبادئي نثر الزجاج المكسور ، لقد رأيت هديل تتبادل الغزل مع أحد المراهقين وفي سيارته ، لكني لم أرى الاشار ، أظنه كان مرميا على الكرسي الخلفي ، ليتمكن الحبيب من تسريح الجدائل واستباحة تلك الخصلات .
البعض يتعامل مع الدولة على نفس الأساس ، يسدلون عليها الوقار والشرعية والخوف في حين يكونون هم أول من يستبيحون الخصلات والجدائل ، أما نحن "العزال " لا ينالنا سوى الشيب .. شيب الشعر وشيب القلب ... الشيب لا أكثر .