بغداد على مسافة من الاحتلال!

تم نشره الأحد 08 نيسان / أبريل 2012 02:52 مساءً
بغداد على مسافة من الاحتلال!
محمد أحمد البشير

في مثل هذه الأيام وقبل تسع سنوات كانت القوات الأمريكية تقترب من العاصمة بغداد, وكلنا ينتظر ان تكون أسوار بغداد منيعة, وغير قابلة للاختراق اذ ان امتنا كانت على ثقة بما قاله الرئيس الشهيد, من ان قوات هولاكو ستدفن على أسوار بغداد !? صحيح ان هذه القوات تكبدت خسائر كبيرة عبر السنوات التسع الماضية لكن داخل العراق وبعد دخول بغداد في 9/نسيان/2003 وليس على أسوارها رغم ما ذكرته الصحف من معركة طاحنة حصلت في منطقة المطار حيث خسر الأمريكيون فيها (400) ضابط وجندي في حين خسر الحرس الجمهوري (1500) مقاتل حسب التقارير التي شحت في حينه.

لقد كانت مفاجأة للجميع ان تدخل دبابتان أمريكيتان يوم 9/نيسان/2003 الى شارع أبو نواس ومن ثم الى شارع الرشيد حتى تصل الى جسر السنك دون ان يطلق عليها اية رصاصة !?نعم انها المؤامرة التي اكتملت فيها الفصول وأصبح واضحاً ان معركة تركيع العراق وصلت الى نهايتها لان العراق اصر ان يكون لديه بنية تحتية متينة على كافة الصعد الاقتصادية والتعليمية والصحية, ونموذج عربي لاستغلال الثروات الوطنية وخاصة النفط, تتويجاً لاستقلال في القرار السياسي حيث كان العراق مقاتلاً عنيداً من اجل الوحدة العربية التي شكلت عبر سنوات تزيد على الثلاثين عاماً هدفاً وشعاراً عمل الحكم فيه الى جعله من المبادئ المهمة للمواطن العراقي خاصة والعربي بشكلٍ عام كمدخل مهم وبوابة حقيقية لتحرير فلسطين, كل فلسطين تأكيداً لمقولة الدكتور المرحوم منيف الرزاز (فلسطين طريق الوحدة والوحدة طريق فلسطين) هذه القضية, قضية العرب كانت الفيصل الحقيقي لتدمير العراق الدولة والأرض والإنسان وافرازاً لذلك نهب ثروته الأساسية النفط, كل النفط حتى تبقى رأس حربة الغرب (اسرائيل) هي الآمر الناهي في المنطقة هذه, التي تشكل مستودعاً للثروة وممراً لقارات العالم !?

رغم هول المفاجأة كانت المقاومة العراقية في المرصاد, فرغم نجاح آلة المجرم بوش الحربية او السياسية في تضييق الخناق على المقاومة بكافة عناوينها, بما في ذلك إدخال عناصر القاعدة الى أتون المعركة, محاولة منه في تشويه سمعة المقاومة من جهة وفي الحيلولة دون السماح لشعبنا العربي في العراق من احتضان مقاومته التي وضعت نصب عينيها القوات الأمريكية في المقام الأول كهدف استراتيجي للمقاومة من جهة اخرى. اما في السياسة فقد استجابت أنظمة الحكم العربية لكل ما طلبته الإدارة الأمريكية من توفير خدمات الأراضِي والأجواء والبحار من اجل ان تكون القوات الأمريكية في أحسن حال واهدأ بال !?

نعم لقد عُدلت التشريعات لمكافحة الإرهاب, حيث حاول الحكام العرب الحيلولة دون السماح لأي جهد قد يساند عراقنا من ما الم به من محنة, اذ سمحت التشريعات اعتقال أي عربي قد يفكر في الالتحاق بمقاومته الباسلة او حتى الإشادة بعطائها, اما ممثلو المقاومة فحدث ولا حرج, فتحركهم كان صعباً وحصولهم على الدعم كان صعباً, ويعد جريمه في كثير من الدول اما اللجان التي شكلتها القوى السياسية المختلفة في مختلف الأقطار العربية لدعم المقاومة العراقية فكان دعمها متواضعاً واقتصر على الندوات او النشرات او البيانات, تمشياً مع التشريعات التي هددت هذه اللجان.

في هذه الظروف الصعبة نشطت المقاومة واستطاعت ان تشكل ركناً ثالثاً من أركان المقاومة العربية بعد لبنان وفلسطين, كروافع وعناوين أمل لامتنا بعد ان فعلت الأنظمة فعلها في إنتاج مواطن يبحث عن الجاه والسلطة والمال حيث لا مكان للأولوية في هذا الثالوث السلبي مما ادخل الوطن العربي كله في أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية وضعت الأنظمة العربية في عنق الزجاجة!? حيث أفلست من كافة الوجوه, بعد ان التحم السياسي بالاقتصادي ليدير وطننا بهذا الأسلوب المريع, اذ أصبحت معدلات البطالة في اوجها وبالتالي الفقر والعوز في أعلى مراحله اما ملفات التعليم فحدث ولا حرج فقد خلت قائمة اهم خمسمئة جامعة في العالم من جامعات الوطن العربي, اما الصحة فأعداد المرضى في الوطن العربي الذين لا يجدون رعاية طبية او من هم لا يستطيعون الحصول على الدواء فأعدادهم في ازدياد !? مما ادى الى افراز المتلازمة الابدية البطالة والفقر والمرض كظاهرة وحقيقة شكلت في المحصلة النهائية حاضنة الحراك الشعبي العربي الذي انطلق مع بداية العام الماضي.

نعم انه العربي الذي كان هدفاً للغرب الاستعماري عبر احتلال العراق وتدمير بنيانه وانسانه الذي كان وسيبقى بارقة الأمل الذي لا يمكن تدميره ما دام يحلم بغدٍ مشرق قائم على الاستقلال السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

سيعود العراق رغم تآمر المتآمرين, سيعود العراق لان العراق عربياً وكردياً وتركمانياً يعلم جيداً انه المستهدف اولاً ودائماً, لأنه كان بارقة أمل الأمة العربية في عصر تخلت فيه أنظمة الحكم عن العقد الاجتماعي الذي لم توقعه مع شعبنا العربي ابداً, مما شجعها على عدم الالتزام به, تأكيداً لنيتها وحقيقة توجهها في انها غير معنية بحاضر امتنا او بمستقبلها.

سلام عليكِ يا بغداد, سلامٌ على اهلكِ وياسمينك ونخلك الباسق الذي تجذر في أرضكِ كما يتجذر إنسانكِ الصامد الصابر. (العرب اليوم)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات