عندما يشطح الاقتصاديون!

المسؤولون ليسوا وحدهم في عملية مسايرة التيار العام، ومحاولة ركوب الموجة الشعبية والمزايدة على الشارع، فهناك الاقتصاديون أيضا الذين يفترض فيهم مواجهة الحقائق بجرأة الطبيب الجراح الذي يتصدى للمرض بغير النفاق والترضية ولكنهم اختاروا أن يعيدوا إنتاج ما يقول به الشارع.
ليس مفهوماً مثلاً من وزير ونائب رئيس وزراء سابق أن يقول أن صفقة شراء ديون نادي باريس قرار خاطئ، خاصة وأن البديل غير الخاطئ في نظره هو استخدام المبلغ لدعم الموازنة أي تمويل العجز والإنفاق على المواد الاساسية أي الاستهلاك.
وليس مفهوماً أن يقوم اقتصادي محترف بالدعوة للانغلاق على السوق العالمية، ورفع أسوار الحماية الجمركية، وتقييد الاستيراد بحجة أن دولاً كبرى اتبعت هذه السياسة الحمائية في الماضي وهي ناجحة وقوية اليوم . هل سمع الزميل المحترم بفوائد التبادل التجاري والتخصص والمزايا النسبية وحتى التنافسية الي لها موقع أثير عنده.
وليس مفهوما أن يقدم اقتصادي ثالث مارس المسؤولية على أعلى المستويات، خطة استراتيجية للنهوض بالاقتصاد الوطني تشمل تصفية الشركات المتعثرة خلال ثلاثة أشهر، وتدبير عشرة آلاف فرصة تدريبية كل ثلاثة أشهر، وتأسيس شركات لتوظيف العمالة المحلية، وإقامة صناعات غذائية منزلية (لمنافسة نسلة) وبنك للارض وآخر للتنمية بخمسماية مليون دينار.
وما فائدة إطلاق التمنيات التي لا خلاف عليها كتشجيع السياحة، وحل مشاكل الطاقة والمياه، وتشجيع الاستثمار، وبناء مشاريع كبرى، والتعاون مع دول الجوار، فهل هذه خطة عمل أم إعادة إنتاج مجموعة من الشعارات المستهلكة.
بل إن هناك مطالبة بتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، والوصول إلى ميزان تجاري بدون عجز، وجذب خمسـة ملايين سائح سنوياً. وتنفيذ مشاريع كبرى ... هل كان الأخ يحلم؟ وإذا كان المقصود تحقيق هذه المعجزات على طريقة كن فيكون، فلماذا لا يضيف إليها تحقيق نمو اقتصادي لا يقل عن 10% سنوياً، واكتشاف البترول والغاز بكميات تجارية، وتحويل الأردن إلى مصدّر للقمح والأرز والآلات والسيارات!.
جميل أن يحلم الإنسان، شريطة أن يستيقظ بعد ذلك، ويفكر في خطة استراتيجية عملية قابلة للتطبيق، وليس تقديم كشف بالتمنيات والاهداف المرغوب فيها والبعيدة المنال.