في عصر التغيير.. حان دور فرسان التغيير
بعد أن مرت سنوات طويلة كانت فيها كراسي الإدارات العليا للأجهزة الحكومية من الملكيات الفردية لكثير من القيادات في الدوائر التنفيذية، وبعد أن أثبتت الأيام والتجارب والدراسات أن استمرار إدارات الدوائر الحكومية في أماكنها لفترات طويلة هو بمثابة استمرار لجميع المشكلات وترسيخ أكبر للبيروقراطية التي تغطي أعمال تلك الدوائر بسبب المركزية في الإدارة, أقول إنه بعد كل هذا يأتي هذا العصر الذهبي للمملكة تحت قيادة ملك التغيير والنجاح الاقتصادي ليطرح الحاجة الملحة أكثر من أي وقت مضى لتغيير مفهوم نظرية الرجل الواحد وكذلك ليفتح الباب أمام جيل الشباب ليكمل المسير بنظرة أكثر واقعية وإلمام أكبر بالمتغيرات المحيطة. نعم فالمرحلة تتطلب دماء جديدة متقدة لنقلنا إلى الخطوة المهمة في تاريخنا الاقتصادي. هذا الطرح يأتي ونحن نشهد أمثلة على أرض الواقع لإدارات شابة نقلت عمل بعض الدوائر الحكومية من البيروقراطية إلى الإنتاجية ومن المركزية إلى تطبيق أعمق لعمل الفريق الواحد الذي يصب في نهاية المطاف في مصلحة الجميع.
وعندما نقول إن المرحلة الحالية تعد أفضل فرصة للتغيير الإداري فإن هذا الاعتبار يأتي بناء على متغيرات كثيرة يحملها العصر وتتطلبها المرحلة. فالانفتاح الاقتصادي اليوم يأتي بعد طفرة اقتصادية غير مسبوقة على المستوى الداخلي وعلى أزمة اقتصادية عالمية قد تعصف بمراكز القوى فيها وكذلك انفتاح وتغيرات كبيرة في الاقتصاد العالمي تجعل من الحاجة لقيادات شابة تدرك حقيقة المتغيرات وتملك الدينامكية المطلوبة للتغيير للأفضل, والأهم من ذلك كله استغلال تلك العوامل وفق رؤية واضحة مستمدة من الرؤية الكاملة للقيادة العليا لجعل التقدم والتطور أكثر استدامة وأكبر مردودا. وهذا الحديث يشمل فتح المجال لشباب الأعمال وتحفيزهم ودعمهم للإسهام في الارتقاء بهذا الوطن، وهذا الدعم يشمل التشريعات والإجراءات والحوافز التي تسهم في خلق قيادات المملكة للقرن الـ 21.
ويخطئ من يعتقد أن هذا الطرح هو نداء للتخلي عن القيادات الرشيدة التي قادت البلاد خلال الفترة الماضية، بل بالعكس هو امتنان لتلك الجهود وامتداد لذلك الجيل الذي أفنى حياته العملية في سبيل البناء وفق احتياجات تلك المرحلة، وهذا لا يعني بأي شكل الاستغناء النهائي عن تلك الخبرات, بل إنها نداء إلى خلق تناغم بين تلك الخبرات القيمة مع دماء شابة تدرك احتياجات المرحلة. وتستفيد من التجارب السابقة بهدف وحيد وهو الارتقاء بهذا الوطن. وجزء لا يتجزأ من تلك الاستفادة هو إعطاء الفرصة لجيل الشباب كون النجاح الذي حققه بعض أسماء تلك الفترة هو بسبب توليهم مناصب عليا خلال فترة شبابهم.
إن إدارة الاقتصاد الحالي تختلف عن إدارة اقتصاد ما بعد طفرة السبعينيات الميلادية, والدليل هو أن ذلك الجيل نجح بكل المعايير في إدارة المنشآت خلال تلك الفترة لأنه كان يعيش حينها بقوة وطموح الشباب في متغيرات يدركها ويعلم متطلباتها وهي بناء البنية التحتية الأساسية للوطن في تلك الفترة, ولذلك فإن ما تشهده المملكة من تطور هو نتيجة لإدراك قيادات تلك المرحلة باحتياجاتها. ومن الظلم لتلك لقيادات أن تتغير بسهولة لتواكب التغيير الحالي, ويكفي أن نحمل لهم كل الاحترام والتقدير على ما بذلوه خلال أصعب الأوقات التي واجهتها المملكة, كذلك نحتاج إلى الاستفادة القصوى من تجاربهم ونستضيء بآرائهم واستشاراتهم.
إن تغير الظروف وتغير الاحتياجات يجعلان من الضرورة فتح المجال لقيادات وطنية مؤهلة تجعل من التغيير للأفضل وفق استراتيجيات واضحة وإدارة حديثة تسخر هذا الزخم الاقتصادي الذي تعيشه المملكة إلى تنمية مستدامة تخدم مستقبل الوطن وتضع الخطوات المهمة للوصول إلى الأهداف التي رسمتها الخطط التنموية الوطنية وخصوصا الخطة الخمسية الثامنة تركز بشكل كبير على بناء اقتصاد متنوع وبناء أجيال وطنية قادرة على إدارة مستقبلها.
شمس محمد المواجده