فن العكننة
هو فن له أصول وقواعد ولكل شخص طريقته وأسلوبه في الإبداع والابتكار . وهو غير قاصر على فئة معينة كالنساء مثلا ، إذ يشترك فيه الرجال والنساء ، الكبار والصغار . وهو وراثي ومكتسب تتناقله الأجيال وتطوره . فما أن تظفر البنت بفتى الأحلام ، وتنتهي فترة التدليس والتهليس والتجمّل . حتى تبدأ الأم بمحاولة تفعيل صفة موجودة أصلا . ونقل خبراتها القيمة في هذا الفن . ولعل الباحث في حالات الطلاق وأسبابه يجد أن معظمها بدون أسباب حقيقية أو تافهة الأسباب ، ولو دققت لوجدت أن لهذا الفن الدور الأبرز .
كما أن للرجل نصيبه في هذا الفن . يكون البيت على ما يرام ، الزوجة في أعمال البيت ، أحد الأبناء يجلس على الحاسوب ، الآخر يعد واجباته المدرسية . يسود جو من المرح والفكاهة والسعادة بين الجميع . يدخل الأب فتنقلب الأمور رأسا على عقب وكأن على رؤوسهم الطير . فتختفي الضحكة وتُسرق الابتسامة . ويسود البيت جو من الكآبة والنكد .
حتى الطفولة البريئة نالها من ذلك الحب جانب . فهم يدركون أهمية هذا الفن وقيمته ، لذلك يتفننون في استخدامه ، وقد لا يجد الآباء بد من تلبية طلباتهم ونزواتهم . وقد يكون الطفل هو مصدر الشقاء و المحرك للأسرة كاملة وليس أمامها إلا الانصياع والامتثال .
أوضاع كثير من المؤسسات ليست على ما يرام وهذا عائد لبعض المدراء ( وبعض هنا ليست للتقليل ) الذين لم يصلوا إلى موقعهم وفق تسلسل وظروف طبيعية وبسبب الكفاءة والقدرة . لذلك فهم يغطون على ضعفهم وتقصيرهم وأحيانا فسادهم باستعمال أسلوب العكننة . أنا أظن ( وليس كل الظن أثما ) أن وجود مثل هذا النمط من المدراء معيق للعمل والإنتاج .
والحكومة لها نصيب أيضا في إشاعة أجواء العكننة عند الناس يشاركها في ذلك مجلس النواب . فالقانون الذي كان المواطن في انتظاره ولطالما وعد بان يكون عصريا وعادلا . فكانت الولادة قيصرية والمولود مشوها . لم ترض قطاعات واسعة عن القانون . ولا ننس حالة الغلاء التي يكتوي بسوطها الجميع ، فزادت حالة الفقر وانضمت فئات أخرى من المجتمع إلى الطبقة الفقيرة .
استنجد بأكفأ المحاسبين ليدلنا كيف يستطيع رب أسرة مكونة من ستة أفراد ودخله الشهري خمسمائة دينار ( وهذا الرقم أعلى من دخل غالبية الأسر ) أن يتدبر أمره ويعيش حياة كريمة .. أليست هذه اكبر عكننة !!