لبنان, الفساد وسورية

تم نشره الخميس 19 نيسان / أبريل 2012 03:48 صباحاً
لبنان, الفساد وسورية
د. حياة الحويك عطية

في نظام ديمقراطي برلماني, من الطبيعي ان تتعرض اية حكومة للمحاسبة وحتى الهجوم من قبل المجلس النيابي. وعندما يكون المقصود بلدا عربيا, فان واقعنا يفترض ان يكون اول مواضيع الاستهداف هذه هو موضوع الفساد, على الصعيد الداخلي, وموضوع العلاقة مع المخططات الخارجية, بدءا من العدو الاسرائيلي وانتقالا الى المشروع الغربي - الصهيوني الذي يستهدفنا منذ التمهيد لنشأة الدولة العبرية وما يزال, وريثا للاستهداف الغربي الذي طالما طالنا منذ روما وحتى العصر الحديث.

الفساد, له رجاله, وتجمعاته, من مراكز سلطة, اما تلك التي يعطيها موقع في السلطة او موقع في اللوبيهات المالية الاتي اصبحت مع العولمة متماهية مع السلطة السياسية وتغولت اكثر فاكثر نتيجة قدرتها, بذلك, على حماية نفسها من المحاسبة القانونية.

اما العلاقة مع الخارج, فتتوزع على نوعين من الهيمنة : الاحتلالات المباشرة (فلسطين وما يرافقها من اراض عربية, والعراق) والاحتلالات غير المباشرة, اي تلك التي تتحكم بالارادة السياسية والامن الاقتصادي والقرار السيادي.

في التفاصيل, قد يبدو الامر متنوعا ومختلفا بين هذا البلد العربي او ذاك, ولكن في الاطار العام المبدئي لا نجد ثمة اختلاف - وعلى الاخص في دول المشرق العربي, حيث تضيق دائرة التشابه بين بلاد الشام والعراق ومصر.

خلال يومين تابعت جلسات البرلمان اللبناني, وتنوعت الخطابات وتبارى الجميع في البلاغة سواء من يتقنها ببراعة تعز على الكثيرين من العرب او من يدعيها بلغة انكشارية استشراقية تثير الضحك والقرف معا.

في التفاصيل تبدو المعركة متعددة الثيمات, ولكن جميع مواضيعها تختصر بكلمتين : الفساد وسوريةا.

تميزت الجلسات بهجوم غير مسبوق في شراسته وعنفه على الحكومة من قبل معارضيها وعلى رأسهم تيار المستقبل. واذ تبحث عن السبب الحقيقي لهذا الهجوم تجده في كل كلمات الصف المقابل التي ركزت على موضوع الفساد, بالارقام والوثائق الدامغة, منذ بداية التسعينيات وحتى اخر حكومة رأسها تيار المستقبل, فساد لا يكاد المرء يصدق انه يحدث في جمهورية من جمهوريات الموز, وبارقام تفسرلماذا وصل الدين العام الى 60 مليار دولار. والغريب في هذا السياق المقلوب هو ان المتهم هو الحكومات السابقة والمطالب بالمحاسبة هو الحكومة الحالية. خاصة مع الكشف بان ديوان المحاسبة رفض كل كشوفات حسابات الدولة منذ عام .1990

اما الموضوع الثاني, فهو الموقف من الازمة السورية وهو لا ينفصل عن الهجوم على سلاح المقاومة. حيث شن نواب المستقبل هجوما حادا على الحكومة جوهره الموقف الرسمي في الجامعة العربية والامم المتحدة, من جانب, ومن جانب اخر تحفظ الحكومة على عملية تسليح المعارضة السورية وتقديم التدريب والدعم لها, سواء بشكل مباشر او تحت غطاء فتح الحدود لاستقبال من يسمون باللاجئين. والهدف ان يشكل الادعاء الانساني غطاء لعملية الحركة والتسليح وعمل خبراء الاستخبارات الغربية والعربية عبر الحدود اللبنانية. اما الهدف الاقصى فهو اقامة منطقة عازلة لا يزال دعاة التدخل الاجنبي في سورية يحملونها مشروعا يتنقلون به من تركيا الى الاردن الى لبنان, دون ان يتمكنوا من انزاله من الحقيبة الى لارض.

لم يتأخر بعض نواب المستقبل عن التلويح بخطر طرد الدول الخليجية للبنانيين من اراضيها بسبب تمرد لبنان الرسمي على اوامرها, بخصوص سورية, غير ان الاخرين ردوا بان المطالبة بالتسليح وجعل لبنان ممرا ومستقرا للمسلحين هو الذي يشكل الخطر الاقتصادي الحقيقي, لانه يشطب موسم السياحة, والحركة التجارية, اضافة الى انه ما يشكله من تهديد امني يؤدي الى تفجير البلاد ودفعها الى المجهول. وهذا ما حذر منه رئيس الجمهورية : انتقال النار الى لبنان.

في النهاية وصل المطالبون بالاصلاح الى مطالبة الحكومة بثلاثة اقتراحات: تحويل اللجنة فرعية للتدقيق في الحسابات الى لجنة تحقيق نيابية, المتابعة الجدية لخطة وزارة المال لاعادة بناء حسابات الدولة, وايداع الملف لدى التفتيش المركزي والنيابة العامة. ورد الذين حكموا البلد طيلة اكثر من عقدين برحيل الحكومة كي لا تفعل. وعندها يكون البديل طبعا حكومة تتستر على كل ما انفضح.

اما الموضوع السوري فظل معلقا, وظل سلاح المقاومة هو الحجة والهدف النهائي. فمصيرهما مترابط ومصير البلد كذلك ومثله مصير المنطقة كلها.( العرب اليوم )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات